الوطن

أمية وأزمة ثقة يقفان في وجه تطور خدمات الدفع الإلكتروني

الجزائريون يفضلون الطوابير والتزاحم على دفع الفواتير عبر الأنترنت

رغم أن فواتير الكهرباء والغاز والماء وكذا فواتير الهاتف والأنترنت وحتى اقتناء تذاكر الطيران ودفع اشتراكات التأمين، باتت تتم إلكترونيا بعدما أطلقت هذه المؤسسات وأخرى خدمة الدفع الإلكتروني، إلا أن معظم الجزائريين ما زالوا يفضلون الوقوف في الطوابير لساعات من أجل دفع فواتيرهم نقدا بالطريقة التقليدية، وهو ما ينطبق أيضا على المعاملات التجارية الأخرى وحتى على الخدمات التي تقدمها البنوك ومصالح البريد، ما يطرح العديد من التساؤلات حول الخلل الذي جعل الجزائريين لا يثقون في شتى أنواع التعاملات المالية الإلكترونية؟؟

 والملاحظ أن أغلب من يقفون في طوابير طويلة عريضة ويضطرون للانتظار ساعات من أجل دفع فواتير الكهرباء أو الماء أو حتى من أجل طلب معرفة أرصدة حساباتهم، يملكون بطاقات ذهبية وهواتف نقالة مزودة بخدمة أنترنت عالية التدفق، ما يمكنهم من إجراء كل المعاملات المالية كالدفع الإلكتروني من بيوتهم أو من مقرات عملهم أو أي مكان يكونون فيه، غير أن أغلب الجزائريين لا يفعلون هذا ويفضلون الانتظار ساعات فقط من أجل إجراء هذه المعاملات بطريقة تقليدية يكون فيها الدفع نقدا، ولا ينطبق هذا الأمر على شريحة معينة من الجزائريين أو المواطنين من سن معين حتى نضع عذر الجهل الإلكتروني حجة لتمسكهم بالمعاملات المالية التقليدية، بل هناك رجال مال وأعمال تعودوا على استعمال بطاقات الدفع الإلكتروني خلال تنقلاتهم وسفرياتهم للخارج يفضلون الطوابير والتدافع والتزاحم إذا تعلق الأمر بمعاملات مالية يقومون بها في أرض الوطن، وهو نفس الأمر الذي ينطبق على شريحة الشباب المعروف بتحكمهم في التقنيات التكنولوجية، فالكل يفضل الطرق التقليدية، رغم الجهود التي تحاول الحكومة بذلها للتحول نحو هذه التكنولوجيا. 

فأكثر من مليون جزائري تم تزويدهم بالبطاقة الذهبية والبطاقات الداعمة للخدمة والبطاقات الحاملة لرمز "سي أي بي " المتوافقة مع خدمة الدفع الإلكتروني الصادرة عن عشرات البنوك والمؤسسات المصرفية، غير أن هذه الأخيرة بقيت دون فائدة بالنسبة للجزائريين. 

وبحسب عدد من الخبراء، فإن أهم عائق يقف في وجه تطور خدمات الدفع الإلكتروني في الجزائر هو الثقة، فالجزائريون حسب الخبراء لا يثقون إلا في الدفع "كاش"، وهو نفس ما أكده عدد من المواطنين الذين التقينا بهم في طوابير بمراكز البريد من أجل دفع فواتيرهم، حيث يؤكد أغلبهم على محدودية الخدمات التي تقدمها بطاقات الدفع أو ما يعرف بالبطاقة الذهبية، ما جعلهم يهملون استعمالها، فأغلب المحلات التجارية لم تدخل الدفع الإلكتروني حيز الخدمة والعمل بها محدود ومقتصر فقط على بعض المحلات. 

من جانب آخر يطرح مشكل الصرافات الآلية، فلمعرفة الأرصدة والحسابات عبر البطاقة الذهبية مثلا، يضطر المواطن للتنقل من منطقة لأخرى لإيجاد صراف آلي يعمل بالنظام الجديد للبطاقات الذهبية، ويكون في حيز الخدمة، وهو ما يمثل مضيعة للوقت بالنسبة للعديد من المواطنين، والأحسن بالنسبة لهم الوقوف في طوابير بمكاتب البريد وإجراء العملية بطريقة تقليدية عبر الشيك.

 من جانب آخر فإن أكثر ما أفقد ثقة الجزائريين في طرق الدفع الإلكترونية هي الشائعات التي ظهرت مع بداية إطلاق البطاقة الذهبية كسحب البطاقة أكثر من مبلغ الفاتورة، وارتفاع ثمن الخدمة الإلكترونية والتحويل غير الآمن للمال من حساب لآخر، وهو ما أكده أغلب المواطنين، متسائلين من الذي يضمن لهم ألا تسحب البطاقة أكثر من ثمن الفاتورة.

وبالعودة إلى آراء الخبراء، فإن الأهم من بذل مجهودات ومحاولة "تسخير" الأنترنت لمصالح تجارية اقتصادية تسير بسرعة السلحفاة، هو بناء الثقة تجاه هذه المعاملات وتغيير نظرة الجزائريين لاستخدامات الأنترنت ومحاولة خلق ثقافة للدفع الإلكتروني تستخدم الأنترنت أساسا في التجارة والتعاملات الاقتصادية والمبادلات والتسوق والصفقات المالية، دون التنقل أو بذل جهد ولا توتر في طوابير المؤسسات التجارية حفاظا على الوقت وعدم هدره.

س. زموش
 

من نفس القسم الوطن