الوطن

قائمة المواد الممنوعة من الاستيراد لم تجنب الخزينة العمومية أي إفلاس!

وفرت ميزانية 400 مليون دولار كأقصى تقدير منذ بداية المنع

لالماس: آلية رخص الاستيراد وفرت مبلغا متواضعا للخزينة

 

بالغ وزير التجارة، محمد بن مرادي، كثيرا عندما صرح، مؤخرا، أن قائمة المنتجات الممنوعة من الاستيراد جنبت الخزينة العمومية الإفلاس وساهمت في تسجيل تراجع في عجز الميزان التجاري، حيث أشار الخبراء أن قائمة المواد الممنوعة من الاستيراد تكون قد وفرت على الخزينة العمومية، منذ بداية المنع، حوالي 400 مليون دولار على أكثر تقدير، معتبرين أنه ليست هذه الميزانية التي كانت ستؤدي إلى إفلاس الخزينة.

وقد استغرب العديد من الخبراء تصريحات وزير التجارة، محمد بن مرادي، الأسبوع الماضي، عندما صرح أن قائمة المواد الممنوعة من الاستيراد جنبت إفلاس الخزينة العمومية، مشيرا أن "سياسة منع بعض المواد من الاستيراد أكدت نجاعتها من خلال تراجع العجز في الميزان التجاري، خلال شهري جانفي وفيفري من السنة الجارية، بـ100 مليون دولار، في حين كان مليونين و300 ألف دولار مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية"، حيث أكد الخبراء أن الانخفاض في عجز الميزان التجاري جاء بفضل ارتفاع أسعار النفط، فخام البرنت كان عند 54 دولارا خلال بداية 2017، وأصبح 65 دولارا بداية 2018، وهو اليوم في حدود 70 دولارا للبرميل، وهو ما معناه أن ارتفاع أسعار البترول هو الذي كان سببا مباشرا في تقليص عجز الميزان التجاري وليس استراتيجية منع الاستيراد، مشيرين أن الفاتورة التي كان يكلفها استيراد حوالي 900 مادة منعت حاليا من دخول الأسواق الجزائرية تتراوح سنويا ما بين 1.2 و1.5 مليار دولار سنويا، ما يعني أن فترة الشهرين أو الثلاثة أشهر منذ بداية المنع لن توفر على الخزينة سوى حوالي 400 مليون دولار كأقصى تقدير، لذا من غير المعقول الحديث عن إفلاس تجنبته الخزينة بفضل هذه القائمة أو تقليص للعجز في الميزان التجاري بعد منع هذه المنتجات من الاستيراد.

 

لالماس: آلية رخص الاستيراد وفرت مبلغا متواضعا للخزينة

 

وفي هذا الصدد، أبدى الخبير الاقتصادي والمختص في التجارة الخارجية، إسماعيل لالماس، أمس، في تصريح لـ"الرائد"، استغرابه من تصريحات الوزير، مشيرا أن بن مرادي تحدث عن أهداف كبيرة تحققت بفضل قائمة المواد الممنوعة من الاستيراد. 

وأشار لالماس أن قائمة الـ900 منتج صحيح ستمكن الخزينة من توفير حوالي مليار ونصف مليار دولار سنويا، أي بمعدل حوالي 100 إلى 120 مليون دولار شهريا، إلا أن هذا المبلغ يعد مبلغا متواضع بالنظر إلى حجم العجز في الميزان التجاري المسجل في كل سنة، معتبرا أن الميزانية التي ستوفرها الخزينة من منع استيراد 900 منتج لا يمكنها أن تقلص من عجز الميزان التجاري، كما حاول الوزير تصويره في آخر تصريح له. 

وأشار لالماس أن العجز في الميزان التجاري تقلص بفعل ارتفاع أسعار النفط في الأشهر الأخيرة بشكل لافت، معتبرا أنه من غير المعقول أن يغالط الوزير الرأي العام ويصرح بتقليص العجز بفضل قائمة المواد الممنوعة من الاستيراد، وهو الذي اعترف بنفسه في وقت سابق بأن الميزانية التي ستوفرها هذه القائمة هي ميزانية متواضعة وأن الهدف منها جاء لتشجيع المنتوج الوطني. 

من جانب آخر، قال لالماس أن الرهان الحقيقي حاليا لا يكمن في منع الاستيراد أو تعويد السوق على الندرة، وإنما يكمن في تطوير الإنتاج الوطني لتغطية احتياجات السوق ولمَ لا التوجه نحو التصدير، مشيرا أن منع الاستيراد كانت له سلبيات كثيرة على الأسواق أكثر من الإيجابيات التي تحققت لصالح الخزينة العمومية، حيث قال لالماس أن منع الاستيراد خلق ندرة كبيرة في الأسواق وساهم في ارتفاع أسعار المنتجات المحلية ووفر حماية للمنتوج المحلي، ما جعل نوعية هذا المنتوج وجودته تتراجع، وهو ما نلمسه في هذه الفترة. 

كما أن هذه القائمة خلقت فئة جديدة من المهربين وأنعشت تجارة الكابة وساهمت في تراجع قيمة العملة الوطنية أكثر، وتسببت في إفلاس آلاف المهنيين وتسريح العمال وغلق العديد من المؤسسات المصغرة، وهي كلها عوامل يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار عند تحيين هذه القائمة.

س. زموش

 

من نفس القسم الوطن