الوطن

آليات الحوار الاجتماعي حاضرة في التشريع غائبة في الميدان

رغم أهميتها في استيعاب المطالب وامتصاص غضب المحتجين

رغم أن آليات الحوار الاجتماعي لفض نزاعات العمل مكرسة في التشريع الجزائري، إلا أنها تبقى غائبة في أرض الواقع، ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى حالات انسداد، كما هو الحال في قطاعي الصحة والتعليم اللذين يشهدان إضرابات منذ عدة شهور أثرت سلبا على مصلحة التلميذ والمريض.

وللحوار المباشر وغير المباشر "دور بالغ الأهمية" في حل النزاعات الاجتماعية، على اعتبار أن هدفه الأساسي هو تفادي تفاقم النزاعات بين المستخدمين والعمال، حسب ما أكده الباحث في علم الاجتماع السياسي، ناصر جابي، في تصريح لـ"وأج"، مضيفا أن "ثقافة التحاور عبر الوساطة مثلا، متجذرة في تقاليد وموروث المجتمع الجزائري، حيث كانت العائلات قديما تلجأ إلى أعيان وأشراف المنطقة أو ما يسمى أهل الحل والربط، للفصل في كل الخلافات مهما كانت أنواعها".

والملاحظ في معظم الحركات الاحتجاجية التي تشهدها مختلف القطاعات، ظاهرة "حرق مراحل" الحوار البناء والذهاب مباشرة إلى عقد جلسات التسوية، بطرح المطالب من جهة وتقديم الاقتراحات من جهة أخرى، وعادة ما يتسبب هذا النوع من الاجتماعات في تشنج وانسداد الحوار والتعنت في المواقف، يليه تعفن في الوضع، ليكون اللجوء إلى المرحلة الأخيرة وهي التحكيم آخر العلاج.

وتعتبر هذه الظاهرة غير صحية، على اعتبار أن "المشكل لا يكمن في الإطار التشريعي الذي كرس وسائل الحوار، بل في الممارسات التي جعلت من اللجوء إلى مفتشية العمل أو العدالة مجرد شكليات"، حسب جابي الذي قال أن مسؤولية "حرق المراحل تقع على كاهل كل الأطراف".

وبالحديث عن الإضرابات التي يشهدها كل من قطاعي الصحة والتربية، فإن الأبحاث الاجتماعية تشير إلى "غياب ثقافة الحوار المستمر في الواقع واستفحال ثقافة التنازع، عادة ما تتسبب في انسداد وشلل بعض القطاعات الحساسة"، حسب ذات الباحث الذي قال إنه "عوض اللجوء المباشر إلى التحكيم وحرق كل مراحل الحل الودي للنزاعات، كان يمكن بالنسبة للإضراب المفتوح الذي يشنه الأطباء المقيمون منذ أسابيع، الاحتكام إلى أحد الأطباء المعروفين الذين يحظون باحترام المضربين والوزارة على حد سواء، وتوكل إليه مهمة إعداد تقرير يتضمن مقترحات ترضي الطرفين".

وبالنسبة لقطاع التربية، قال ذات المتحدث أن الاحتجاجات المتكررة خلال السنوات الماضية، وطريقة التعامل معها من طرف الوصاية، أكدت ضرورة "تفعيل دور الوساطة من خلال اللجوء إلى خبراء ومختصين في مجال التربية والتعليم لإيجاد حلول بديلة ودائمة وذات مصداقية".

سعيد. س

 

من نفس القسم الوطن