الوطن

"حرب استفزازية" بين الحكومة والنقابات المستقلة !!

الأوضاع بالجبهة الاجتماعية تسوء والحكومة تتعامل سلبيا مع الاحتجاجات

القدرة الشرائية، الحريات النقابية والملفات العالقة أهم ما تطالب به النقابات

 

تتجه الأوضاع على مستوى الجبهة الاجتماعية من السيئ إلى الأسوأ، حيث يسود توتر كبير بين النقابات المستقلة والحكومة، بسبب عدد من الملفات العالقة، على رأسها القدرة الشرائية، بالإضافة إلى مطالب مهنية ومطالب تتعلق بالحريات النقابية، ما جعل العديد من النقابات تختار العودة للاحتجاج، الأمر الذي سيفرز احتقانا قد يمتد طيلة 2018، بما أن حكومة أويحيى تتجاهل الوضع من أساسه ولم تطرح أي بدائل أمام النقابات، على الأقل لتأجيل مطالبها إن كانت غير ممكنة التطبيق في الوضع الراهن، بل عقدت الوضع أكثر من خلال تضييقات وممارسات تعسفية باتت تمارس على النقابيين، ما جعل النقابات تعيد طرح ملف الحريات النقابية كأولوية بالنسبة إليهم.

 وقد كسرت النقابات المستقلة مع نهاية 2017 وبداية السنة الحالية الهدنة مع الحكومة، حيث شهدت وستشهد الجبهة الاجتماعية العديد من الاحتجاجات تشكل أولى المواجهات مع الحكومة الحالية، بعد فترة استقرارا شهدناها في السنوات الماضية، بسبب الوضع المالي للجزائر والأزمة الاقتصادية، غير أن استمرار الأزمة وتدهور الوضع الاجتماعي أكثر ودخول التقشف مرحلته الثالثة دون وجود أي نية لدي الحكومة من أجل تخفيف العبء على الطبقة الشغيلة، جعل أغلب النقابات تنادي بالاحتجاج لافتكاك مطالبها العالقة، بعدما أدارت لها الحكومة ظهرها ولم تقدم لها أي ضمانات بشأن حل هذه المطالب على المدى القريب.

ولعل أكثر الملفات التي طرحت وتنوي النقابات المستقلة جعلها من بين الأولويات في الاحتجاجات المقبلة، هو ملف القدرة الشرائية، خاصة بعد الزيادات التي شهدتها أغلب المواد الاستهلاكية على إثر زيادة أسعار البنزين في قانون المالية، حيث باتت القدرة الشرائية لأغلب الطبقة الشغيلة مهددة بالانهيار دون وجود أي مساع من الحكومة لتحسينها، بل بالعكس فإن عمال العديد من المؤسسات باتوا مهددين بالتسريح بعد قرار فتح رأس مال الشركات الصغيرة والمتوسطة، ما جعل العمال يعانون.

وقد طرحت النقابات في العديد من المرات الملف، مطالبة الحكومة بالتدخل، غير أن هذه الأخيرة تصر في كل مرة على تحميل المسؤولية لعوامل وظروف أخرى، بل أن الحكومة لا تعترف أصلا أن قوانينها وإجراءاتها كانت السبب في انهيار تاريخي للقدرة الشرائية، بدليل أن أغلب المسؤولين صرحوا أن الزيادات التي حملها قانون المالية لن تضر بالقدرة الشرائية، وأن أي زيادة في المنتجات والخدمات ستكون طفيفة، بينما العكس هو الذي حصل، حيث جاءت الزيادات عشوائية ومبالغا فيها والتهمت أكثر من 30 بالمائة من ميزانية الجزائريين المتأثرة سابقا بالوضع. وزيادة على أن الحكومة تصر على التهرب من المسؤولية، فإنها عمقت من التوتر وحالة الاحتقان أكثر، عندما تعاملت سلبيا مع الاحتجاجات النقابية عن طريق القوة والتعسف والمضايقات، ما جعل النقابات تعيد طرح ملف الحريات النقابية كأولوية ثانية في احتجاجاتها، حيث تنادي هذه التنظيمات بضرورة اعتراف الحكومة بها كشريك اجتماعي والتحاور معها وعدم التضييق على النقابيين. وقد تتخذ النقابات، في سيبل تحقيق ذلك، التصعيد حلا وخيارا قد يجبر الحكومة على الرضوخ والتعامل مع المطالب المطروحة، بما أن النقابات تدرك جيدا من خلال تجاربها السابقة أن التعامل بمبدأ ليّ الذراع هو ما يحقق نتيجة مع حكومة سدت أبواب الحوار.

لتبقى الملفات الأخرى والتي تتعلق بمطالب مهنية، بالإضافة إلى ملف التقاعد وقانون العمل، ومطالب أخرى تخص كل قطاع على حدة، مسؤولية الوزارات الوصية التي من الضروري عليها التحاور مع عمال قطاعاتها ومنح مساحة لكل النقابات، سواء كانت تابعة للمركزية النقابية أو نقابات مستقلة للتعبير عن انشغالات العمال التابعين لها.

 س. زموش
 

من نفس القسم الوطن