الحدث

الجزائر ستكون أكثر عرضة لانتقادات المنظمات الدولية هذه السنة

بسبب ملفات اللاجئين، حقوق الإنسان والحريات، الحقوقي عمار خبابة لـ"الرائد":

يتوقع الحقوقي والناشط السياسي عمار خبابة أن تكون ملفات حقوق الإنسان، الحريات وحتى اللاجئين محور اهتمام متزايد من قبل المنظمات الدولية، وبما أن الحراك السياسي والاجتماعي في الجزائر سيكون متضاعف هذه السنة فيتوقع أن تكون الجزائر أكثر من أي وقت مضى محور نقاشات واهتمامات هذه المنظمات والهيئات الدولية، ويعترف خبابة في حوار مع "الرائد" أن ملف الرئاسيات القادمة والذي ستظهر الكثير من ملامحه هذه السنة سيكون أبرز ملف تركز عليه هذه المنظمات إضافة إلى ملف حقوق الإنسان واللاجئين بدرجة أكبر خاصة بالنظر لكون الجزائر ترتكز كثيرا على هذا الملف وتدعم الكثير من القضايا الدولية التي تعنى بهذا المحور.

 

في البداية كيف تقيمون وضع وواقع حقوق الإنسان في السنة المنقضية، وهل كحقوقي كنت راض على تعامل الحكومة مع هذا الملف في الأشهر الماضية من سنة 2017 ؟؟.

 

حقيقة هناك بعض الرضى أو جزء كبير منه، وهو يرتكز على عدّة محاور فمن حيث الاعتقالات أو التوقيفات التي كانت تشهدها الجزائر في السنوات الماضية لم نشاهد كثيرا هذه الظاهرة السنة المنقضية، بل وكان اللافت هو التناقص الكثير والملحوظ في هذا الشق، حتى بالنسبة للمدونين وكتاب الرأي من الناشطين عبر السوشيال ميديا، وهي مسألة لا بد من التنويه إليها.

ولكن في اعتقادي أن هذا الأمر فيه أيضا تراجع كبير عن السنوات الماضية في هامش الحرية خاصة في وسائل الإعلام حيث قلّ السقف المرتفع الذي كان سابقا، وانخفض واختفت الكثير من البرامج التفاعلية التي كانت توفر هامش من الحرية في القنوات التلفزيونية الخاصة وغابت أقلام الرأي الحادة في الصحافة المكتوبة، وكذا المواضيع التي تثير الرأي العام فيما يخص الوضع السياسي بالدرجة الأولى. ومن هذا المنطلق نقول بأن هذا الأمر غير منطقي ويؤكد أن هناك أمرا ما صحيح أننا لم نطلع على تعليمات حول ضرورة خفض سقف هذه الآراء أو البرامج والأقلام ولكن يبدو أن هناك أمرا ما وقع غيّر من سقف وحدود حرية التعبير التي كانت متاحة في السابق أو على الأقل التي كانت في 2014 وحتى 2015.

 

كلامك يأتي عكس بعض التقارير الدولية للمنظمات التي انتقدت كثيرا الحكومة وواقع الحريات وحقوق الإنسان في الجزائر السنة الماضية، كيف تفسر هذا الاختلال ومن أي منطلق تبدأ التقارير الدولية رصد هذا الواقع بالنسبة للجزائر؟؟

 

كما لا يخفى على أحد لقد طغت حوادث السنة الماضية، إلى السطح وقضايا دفعت بهذه المنظمات إلى استغلالها لتوجيه انتقادات للجزائر والحكومة، وكان ملف اللاجئين الأفارقة أبرز موضوع ركزت عليه هذه التقارير إضافة إلى موضوع الحريات.

وللأسف بعض ما جاء في التقارير كان حقيقي فالاعتداءات على اللاجئين كانت أمرا واقعيا وسجلناه السنة الماضية للأسف بالعاصمة وغيرها من المدن، أين تعرض هؤلاء اللاجئين إلى الضرب.

وعموما الموضوع يؤخذ من زاويتين حقيقة فيما يخص موضوع اللاجئين، الجزائر صراحة لا تزال غير مهيئة لاستقال هذه الأعداد الكبيرة منهم، فلا السلطة ولا الحكومة ولا المجتمع قادر على استيعابهم ولا حظنا أن أغلب الحالات التي سجلت كانت بسبب هذه المنطلقات التي ذكرتها.

وأحب أن أوضح أن الحكومة غير مهيئة لغاية الآن للقيام بهذه الخطوة فليس في تقاليدنا التعامل مع هذا الكم الكبير من اللاجئين، ولا منظمات المجتمع المدني مؤطرة للقيام بهذا الدور، والمسؤولين عليها بعيدين كل البعد عن العمل التطوعي كما أن سياسة التحرك بناء على الأوامر لا تأتي بثمارها في هذا الموضوع، وحتى عموم الجزائريين أيضا صحيح نحن شعب مضياف وكريم ولكن هذا الأم يتجاوز حدود الكرم والضيافة.

 

تحمل إذا منظمات المجتمع المدني السبب الرئيسي وراء تحامل المنظمات الدولية على الجزائر في هذا الموضوع ؟؟

 

لا بد أن نفهم أنه ليس لدينا منظمات ولا جمعيات حقيقية تقوم بدور المجتمع المدني بمفهومه العميق، فأغلب الناشطين في المجال هي هيئات تابعة للحكومة بل وتتحكم فيها وفي تحركاتها الحكومة أيضا، وهو ما أفشل سلطة القرار وسلطة التحرك لمعالجة أي اختلالات تسجل في الحين، هذه النقاط وغيرها كانت سببا رئيسيا في ظهور الجزائر كدولة عاجزة عن التحكم في اللاجئين، ما سهل من استغلال الملف من قبل المنظمات غير الحكومية الدولية لتنتقد عبرهم الجزائر وسياسة الحكومة في هذا الملف ونتوقع أن يكون هناك انتقادات أخرى هذه السنة إذا لم تعجل الحكومة لتدارك النقائص التي يتخبط فيها هذا.

شق آخر ساعد على بروز هذه الظاهرة هو غياب المرافق، صحيح أن الجزائر تصرف الملايين من الدولارات على هذا الملف ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف صرف وأين هي البرامج أين هي الخطط، فالملاحظ أن هناك تخبط في إدارة هذا الموضوع وتوسع دائرة المكلفين به جعله مشتتا.

 

هذه السياسات سواء من الأفراد أو المجتمع المدني جعلت الجزائر عرضة لانتقادات كبيرة في 2017، تفسيرك لمنطلقات هذه التقارير ؟؟

 

أولا هذه التقارير غير الحكومية فيها الجانب الذاتي وتدخل فيها الكثير من الأمور الأخر التي توظف في الملف للانقاص من الجزائر في موضوع اللاجئين

لن أتطرق لهؤلاء الأشخاص أو الأطراف ولكن نقول أن بعض الأنظمة لديها حسابات مع الجزائر تستغل عبر مواطنيها الفاعلين في هذه المنظمات لمحاولة ضرب الجزائر والإنقاص من قدرتها على إدارة هذا الملف-يقصد اللاجئين-، فكما هو معلوم هذا الموضوع هو حساس بالنسبة للجزائر.

من جهة ثانية هذه المنظمات ليس علينا أن نأخذ تقاريرها على أنها فعلا وأمر واقع بل هي تخضع للتجاذبات السياسية والمصالح وغيرها، ولكن أيضا ممكن تكون فيها شق من الحقيقة، لأننا صراحة وحتى نكون موضوعيين نحن فشلنا في تسيير منظمات تعنى بحقوق الانسان، عبر وضعنا أشخاصا غير مؤهلين على رأسها لهذا نحن من وضعنا أنفسنا عرضة لهذه الانتقادات عبرهم.

 

إذا أنت ترى بأن الجزائر عاجزة عن إدارة اللاجئين الأفارقة والسوريين؟؟

 

لا إطلاقا.. ولكن أنا أتحدث من منطلقات لو تم تصحيحها وتدارك العجز المسجل فيها وأيضا إعادة النظر حول الموضوع لتجاوزنا هذا الباب وأغلقناه في وجه من يستغلونه لضرب البلاد.

 

أين الحل إذا؟؟

 

أعتقد أن إعادة النظر في القطاع ككل سيعجل بمراجعة الاختلالات التي تحدثت عنها سابقا والتي يدركها الفاعلون الحقيقيون في المجال، كما أعتقد أن الجزائر مطالبة بإعادة النظر في قضية رفض المساعدات الدولية التي تمنح لكل الدول التي تستقبل اللاجئين لأن مبررات رفضه غير منطقية فالأنفة الزائدة التي لدينا والتي ترفض بسببها الجزائر المساعدات الدولية وتفضل صرف الملايير من الخزينة العمومية على هذا الملف هو توجه خاطئ في اعتقادي.

أنا أعتقد أن الاستعانة بالخارج في هذا الشق ليس بالأمر المحرج.

 

كحقوقي ما هي القضايا التي يمكن أن تطرح بقوة هذه السنة في مجال حقوق الإنسان وحتى الحريات، وهل تتوقعون أن تكون الجزائر في هذه السنة هي عرضة أكثر للانتقادات من قبل المنظمات الدولية؟؟.

 

أعتقد أن القضية التي ستطرح وبكثرة هي قضية النظام السياسي وما ستحمله من تداعيات في الشارع الجزائري قد يذكرنا بحراك سابق وكيف تعاملت معه السلطة وكيف ردت التقارير الدولية على الحكومة بعده، لهذا أرى بأنه لا بديل عن التوجه نحو التغيير السلمي والسلس تعود فيه الكلمة فعلا للشعب حينها يمكن أن تخف حدّة هذه التقارير الدولية التي تكون ذريعة في يدّ البعض لضرب البلاد فقط.


حياة سرتاح


من نفس القسم الحدث