الوطن

اهمال الطب الشرعي في التحقيقات ينعكس سلبا على قطاع العدالة

الجزائر تتوفر فقط على 500 طبيب شرعي على المستوى الوطني

دعا رئيس مصلحة الطب الشرعي بمستشفى مصطفى باشا، البروفيسور رشيد بلحاج، إلى تطوير العلوم الطبية الشرعية من أجل مواكبة التطورات التي تشهدها العلوم الطبية والجراحية الأخرى في الجزائر وفي العالم، مشيرا إلى أن عدم تطوير هذا الاختصاص سينعكس "سلبا" على قطاعات أخرى كالعدالة.

البروفيسور رشيد بلحاج، وفي كلمة ألقاها لدى في المؤتمر الأول للأكاديمية الجزائرية لعلوم الطب الشرعي المنعقد تحت شعار "دور الجامعيين الجزائريين في تطوير العلوم الطبية الشرعية في الجزائر"، أمس قال أنه أمام التطور التكنولوجي والإداري والمعطيات الاجتماعية والاجرامية الجديدة، "أصبح من الضروري والمستعجل، أن نطور هذا الاختصاص من العلوم الطبية الشرعية من كل النواحي (المادية، البشرية والتقنية) من أجل مواكبة التطورات التي تشهدها العلوم الطبية والجراحية الأخرى في بلادنا وفي الدول الأجنبية".

وأكد أن عدم تطوير هذا الاختصاص، سوف ينعكس "سلبا" على قطاعات أخرى كالعدالة، مصالح الأمن، وزارة الصحة ووزارة التعليم العالي التي تتعامل يوميا مع الأطباء الشرعيين ويكون أكبر خاسر في ذلك هو المواطن المتقاضي، ونبه البروفيسور بلحاج على أن خطأ واحد في مجال الطب الشرعي قد يغير مسار التحقيق، رغم توفر كل الوسائل التقنية والتكنولوجية في القطاعات الأخرى، قائلا: أنه "قد حان الوقت أن تعطي الدولة اهتماما أكثر لتطوير هذا الاختصاص"، وذكّر أن الجزائر مع دول الجوار وعبر العالم عرفت في العشرية الأخيرة عدة  تطورات وتغيرات من الناحية الصحية، الاجتماعية والاقتصادية، نجم عنها ظهور عدة إشكالات وظواهر اجتماعية وإجرامية لم تكن معروفة من قبل، والتي ألزمت كل  الفاعلين في هذا المجال "الصعب" لتكوين وتأطير مواردهم البشرية وتحسين وسائلهم  التقنية والتكنولوجية، كما هو الحال بالنسبة "لسياسة عصرنة قطاع  العدالة ومصالح الأمن التي انتهجتها الدولة الجزائرية".

وفي لقاء مع الصحافة، دعا ذات المسؤول إلى ضرورة رفع عدد الأطباء الذي لا يفوق حاليا 500 طبيب شرعي على المستوى الوطني، وتوفير الظروف الملائمة للأطباء الأخصائيين، مثمنا في نفس الوقت إدراج ولأول مرة في الجزائر شق خاص بالطب الشرعي في مشروع قانون الصحة الحالي.

ومن جهته، أكد وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، مختار حسبلاوي، أن الطب الشرعي يعتبر "همزة وصل" بين مجالين أساسيين، هما الطب (الصحة) والقانون (العدالة)، معتبرا أن هذه "العلاقة التفاعلية تفتح المجال لتواصل وتبادل الأفكار والمبادئ بين الطب والقانون"، وأشار أنه إذا كان التواصل في البداية مبني على خبرة الطبيب فيما يخص تحديد مسببات الموت وقياس الأضرار الجسدية، فإن الطب الشرعي المعاصر يذهب إلى أبعد من ذلك بفعل تطور العلوم الطبية من جهة وتعميم تكريس الحقوق الأساسية للمواطن من جهة أخرى.

وقال "أن الطب الشرعي في مفهومة الواسع لا يقتصر على إعطاء مجرد خبرة تقنية لفائدة الإجراءات القضائية، بل يذهب إلى أبعد من ذلك ويقوم برسم وتحديد المعالم الأخلاقية التي تحدد المهن الطبية، على ضوء التطورات التكنولوجية التي تعرفها علوم الصحة وبروز تخصصات طبية بأكملها تعتمد على ترسانة قانونية تقنن كيفية إجراء النشاط مثل زرع الأعضاء والبحوث السريرية والتعامل مع المريض.

وذكّر الوزير بالمناسبة أن العلاقة التفاعلية القوية، بين الطب الشرعي والعدالة والأخلاقيات الطبية تبرز مكانتها في مشروع قانون الصحة، محل نقاش حاليا على مستوى البرلمان.

وفي نفس الإطار، أوضح حسبلاوي أنه لما كان هذا المشروع يصبو إلى توفير الشروط القانونية التي تسمح للممارسة الطبية بمواكبة التطورات العلمية والحاجيات الصحية الجديدة فإنه من الضروري كذلك أن يسعى المجتمعي على وجه الخصوص النخب الجامعية، إلى وضع مقاربات تسمح بتنمية البحوث في مجال العلوم الطبية الشرعية.

وأضاف قائلا أن" تنمية هذه البحوث من شأنها تعزيز العلاقة بين العدالة والطب والأخلاقيات الطبية وأخلاقيات علوم الصحة بصفة تجعل كل الأطراف المعنية على دراية تامة بكل الجوانب التي تجعل من الطب الشرعي حلقة وصل حقيقية".

محمد الأمين. ب

 

من نفس القسم الوطن