الوطن
سلع بدرجة " عالية الجودة " موجّهة للتصدير و"الخردة" للاستهلاك المحلي..؟!
التركيز على الجودة والنوعية عند بعض المنتجين يتعلق فقط بالأسواق الخارجية
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 07 أكتوبر 2017
تعرف السوق الوطنية مفارقات عديدة أبطالها متعاملون اقتصاديون ومنتجون يتعاملون بسياسة الكيل بمكيالين تجاه السوق الوطنية ونظيرتها في الخارج ففي الوقت الذي يتحرى هؤلاء المنتجون الجودة والمعايير العالمية في المنتجات التي تصدر للسوق الاوربية أو غيرها من الأسواق الخارجية يغرقون السوق الوطنية بسلع خردة لا تصلح أحيانا حتى للاستهلاك والأخطر أنه في كثير من الأحيان تحرم السوق الوطنية من عدد من المنتجات بحجة أن المستهلك الجزائري لا يمتلك الإمكانيات لاقتناء "النوعية" رغم أن الواقع يقول العكس.
أصبح التركيز على الجودة والنوعية عند بعض المنتجين يتعلق فقط بالأسواق الخارجية، حيث يحرص هؤلاء على بلوغ المعايير العالمية في بعض المنتجات عندما يتعلق الامر بالتصدير فقط وهو ما تنتقده جمعيات حماية المستهلك وكذا الخبراء الاقتصاديون فرغم ان تحري الجودة والنوعية يدخل في إطار المنافسة الشرية التي تفرضها الأسواق الخارجية إلا أن الإشكال يتعلق بسياسة الكيل بمكيالين التي يتعامل بها هؤلاء المنتجون مع السوق الوطنية مقارنة بالأسواق الخارجية أين تسوق محليا منتجات رديئة لا تتوفر على ادني شروط جودة أو نوعية وفي كثير من الأحيان تكون منتجات مغشوشة او يتم استعمال الإشهار المضلل لتسويقها مثلما يحدث مع الكثير من المنتجات الغذائية، والأخطر في الامر ان الكثير من المنتجين يخصصون بعض المنتجات ذات الجودة العالية والتي يكون فيها الإنتاج الوطني ضعيف للتصدير فقط وهو ما يفرض ندرة في السوق الوطنية ومن بين أهم المواد المصدّرة للخارج والتي تشهد ندرة واسعة في السوق الجزائرية "دقلة نور" و التي تعرف رواجا واسعا وطلبا منقطع النظير في السوق الدولية غير أنها مفقودة في السوق الوطنية وان وجدت فان أسعارها في غير متناول الجميع ، بالإضافة إلى الفواكه الجافة والعنب والعديد من أصناف الخضر والفواكه إضافة إلى زيت الزيتون وعسل النحل أيضا اللذان يتم توجههما للتصدير بكميات كبيرة، في حين تشهد هذه المنتجات نقصا وندرة شديدة في السوق الوطنية وهو ما دفع لطرح بدائل أخرى للمواطنين أقل تكلفة وذات جودة منخفضة لتغطية النقص الذي تشهده.
وبقطاع النسيج أيضا هناك نوع من الاحتكار في توزيع المنتجات ذات الجودة العالية على غرار الملابس التقليدية والزرابي والجلود التي توجه للتسويق في أوروبا وبقية دول العالم في حين يتم حرمان الجزائريين منها.
ويبرر اغلب المنتجين سوء تعاملهم مع السوق الوطنية هذا مقارنة بما يتم تصديره أن المنافسة بالأسواق الخارجية منافسة شرسة تتطلب سياسة إنتاجية تراعي كل الشروط والمعايير ما يجعل المنتجون يراعون نوعية المنتج في حد ذاته، وكذا تعبئته وتغليفه وطريقة تسويقه أيضا، أما بالنسبة للسوق الوطنية فيراها هؤلاء سوقا عادية تلبي طلبات وضروريات المواطن البسيط والطبقة المتوسطة التي لا تتمكن من اقتناء السلع الغالية بالرجوع إلى معيار جودتها، وهو الطرح الذي تراها جمعيات حماية المستهلك وحتى الخبراء الاقتصاديون غير صائب فمن غير المعقول إقصاء المستهلك الجزائري من التمتع بأفضل ما تنتجه المصانع والمزارع الجزائرية، وتصدير كل ما هو جيد من المنتجات المحلية نحو الخارج، وبالمقابل استيراد السلع الرديئة، معتبرين ان منح الأولوية للسوق المحلية خاصة في ظل الظروف التي تعرفها الأسواق والندرة يخدم المستهلك والمنتج والاقتصاد الوطني خاصة وأن السوق المحلية ثابتة مقارنة بالأسواق الدولية المتأثرة بجملة من العوامل تجعل دوام استقرارها غير ممكن.