الوطن

خبراء يصفون تصريحات أويحيى بـ"العاطفية" وأرقامه بـ"المشكوك فيها"

في قراءتهم لخطابه أمام نواب البرلمان

سليمان ناصر: "الوزير الأول أخفق في تبرير مسعى طبع كتلة نقدية إضافية"

كمال رزيق: لسنا أعداء الجزائر!!

 

أطلق أمس الوزير الأول أحمد أويحيى خلال عرضه مخطط عمل حكومته على البرلمان تصريحات وصفها الخبراء الاقتصاديون بالعاطفية  حيث  حاول الوزير استمالة الرأي العام والبرلمانيين من اجل الترخيص للحكومة البدء في إجراءات قد تجر الاقتصاد الوطني نحو الهاوية، بدهاء سياسي أكثر منه معطيات اقتصادية وأرقام وتقارير واضحة، وحاول أويحيى حسب المراقبين مساومة الجزائريين في اكثر من موقع في خطابه عندما ذكر الاستدانة الخارجية أكثر من مرة وكانه يقول إما هذه الإجراءات وعلى رأسها طبع النقود أو العودة للاستدانة الخارجية وفقدان الاستقلال المالي وهو مصطلح ردده الوزير كثيرا خلال عرضه وأعتبره رهان حكومته.

أكد أمس الخبير الاقتصادي كمال رزيق أن برامج حكومة أويحيى هو نفسه البرامج الحكومية السابقة غير أن طريقة تقديمه وطريقة اثبات ما هي الأولويات وكذا الظروف المالية الحالية هي التي تختلف معتبرا أن أويحيى يحاصره وضع مالي جد صعب ومعقد، وهو ما يفسر التصريحات التي حمله خطابه أمس التي حاول من خلاله التبرير للإجراءات المقبلة عليها الحكومة منها طبعة كتلة نقدية إضافية. وفي قراءة لتصريحات الوزير الأول المتعلقة بالوضع الاقتصادي والأرقام التي قدمها أشار كمال رزيق لـ"الرائد" أن تصريحات أويحيى كانت عاطفية وحاول من خلال دهائه السياسي أن يحضر الجزائريين لما هو قادم، مضيفا ان الوضع الحالي يعد اخطر مما كان عليه خلال حكومة سلال وتبون كون الحكومتين الماضيتين كانتا تلجان لصندوق ضبط الأيرادت في حال تسجيل أي عجز في الخزينة العمومية وبنفاذ هذا الصندوق تجد الحكومة نفسها في وضع مالي جد صعب، وقال رزيق ان الخيارات غير متاحة امام الحكومة وهو ما جعلها تلجا للحلول السهلة منها طبع النقود، مشيرا أن التبريرات التي قدمها الوزير لمثل هكذا خيار لم تكن مقنعة خاصة وان مثل هذه الإجراءات يجب ان تخضع لضوابط فمدة 5 سنوات للعمل بمثل هكذا إجراء هي مدة طويلة ويمكن ان تقود الاقتصاد الوطني نحول المجهول -يضيف رزيق- الذي أكد ان خطاب أويحيى وفي بعض المواضع ظهرت عليه لهجة المساومة، حيث ذكّر الجزائريين والنواب والخبراء في أكثر من مرة بالعودة للمديونية وكأنه يقول اما هذه الإجراءات او الاستدانة. وقال رزيق انه حقيقة فان بقاء الوضع المالي على حاله والتركيز على ميزانية التسيير وليس ميزانية البرامج سيقودنا لا محال نحو المديونية الخارجية.

من جهة اخري قال رزيق انه بما أن الوزير الأول كانت له الجرأة ليؤكد ان المنظومة المصرفية فاشلة ولم تتمكن من خلق سيولة مالية يمكنها ان تواجه الازمة فأنه حان الوقت لفتح ملف إصلاح هذه المنظومة والترخيص للبدء بالعمل بالتأمين التكافلي والصرافة الإسلامية كما هو معمول في اغلب الدول، مضيفا في السياق ذاته انه حان الوقت أيضا لفتح ملف الدعم الاجتماعي وكذا ملف التحصيل الضريبي مذكرا أن 80 بالمائة من المتعاملين الاقتصاديون ورجال الأعمال وأصحاب الثروة لا يدفعون الضرائب وكان على أويحيى الحديث عنهم واتخاذ الإجراءات لاسترجاع هذه الأموال التي هي من حق الخزينة العمومية حسب رزيق.

 

سليمان ناصر: "الوزير الأول ناقض نفسه عندما حول تبرير مسعى طبع كتلة نقدية إضافية"

 

وأكد في هذا الصدد الخبير الاقتصادي الدكتور سليمان ناصر ان الوزير الأول أحمد أويحيى وقع في تناقض صارخ عندما حاول تبرير مسعي الحكومة طبع كتلة نقدية إضافية حيث أبدي الدكتور ناصر استغرابه من تأكيد الوزير ان هذه الكتلة النقدية لن توجه لتمويل الاستهلاك رغم ان أويحيى ومنذ أيام فقط لمح ان الحكومة والحزينة العمومية وقعت في عجز لدرجة انها ليس لديها ميزانية لدفع أجور العمال شهر نوفمبر.

وأوضح الدكتور ناصر في تصريح لـ "الرائد" أن الوزير يحاول التبرير لهذا المسعي بكل الطرق وهو ما اوقعه في تناقض غريب، مضيفا أن الحكومة ومنذ فترة لمحت في تصريحات لها ان الخزينة العمومية تعاني عجز والحكومة غير قادرة على دفع أجور العمال لشهر نوفمبر، "فكيف بالوزير حاليا أن يصرح ان الكتلة النقدية التي ستطبع لن توجه لتمويل الاستهلاك وانما لتمويل عجز الخزينة وتمويل المؤسسات التي لها مديونية تتحمل الخزينة جزءا منها في الكثير من الحالات" -يضيف الدكتور ناصر- الذي اكد مرة اخري أن طبع البنك المركزي للكتلة النقدية سيعد الجزائر لفترة السبعينات لمّا كان هناك فوضى كبيرة في الاقتصاد وغياب للتخطيط معتبرا ان السياسة النقدية في الجزائر ضعيفة ومثل هكذا اجراء سينسف استقلالية البنك المركزي الغير موجودة أصلا على ارض الواقع،  من جانب اخر وبخصوص تأكيد الوزير الأول أن التوجه نحو طبع الأوراق النقدية لن يؤثر على العملة الوطنية قال الدكتور ناصر ان ذلك غير منطقي فطبع المزيد من الأوراق النقدية يعني مزيد من التضخم ومزيد من الارتفاع في الأسعار كون هذه الكتلة النقدية لا يقبلها زيادة في الإنتاج والخدمات ما يعني ان العملة الوطنية ستنهار اكثر مما هي عليه.

مشيرا ان تعويل الحكومة على احتياطي الصرف كضامن لاستقرار وضع العملة الوطنية هو طرح خاطئ باعتبار ان  احتياطي الصرف الاستراتيجي هو التي يضمن قومة العملة في أي بلد،  وشرح الدكتور ناصر مفهوم احتياطي الصرف الاستراتيجي بالقول انه الاحتياطي الذي يكون ثابت ولا تمول منه الحكومة أي ميزانية، وهو ما لا ينطبق على حالة الجزائر التي بفعل وضعتيها تأكل الاحتياطي عندها في غضون 3 سنوات بمعدل 2.3 مليار دولار شهريا بشكل لا يسمح أبدا ان يوفر هذا الاحتياطي أي تغطية للعملة الوطنية، واكد الدكتور ناصر في السياق ذاته ان وضع الدينار سيتأثر ويتجه نحو الانهيار أكثر مما هو عليه ان تم الموافقة على طبع الأوراق النقدية مشيرا ان العملة الوطنية فقدت الكثير من قيمتها السنوات الأخيرة وخضعت للتخفيض من طرف البنك المركزي اكثر من مرة بشكل خطير ومستوى مقلق.

 

كمال رزيق: لسنا أعداء الجزائر!!

 

هذا ورد أغلب الخبراء الاقتصاديون على مهاجمة الوزير الأول أحمد أويحيى لهم عندما أكد في تصريح صفق له الوزراء وبعض البرلمانيون أن عمل الخبراء التنظير في حين أن مهمة الحكومة ضمان الأجور للجزائريين في تلميح ان الخبراء بعيدون عن الواقع الاقتصادي وأن التنظير امر والعمل في الميدان أمر أخر.

واكد الخبراء منهم الخبير الاقتصادي كمال رزيق والخبير الدكتور سلميان ناصر وكذا الأستاذ بجامعة الجزائر المختص في الاقتصاد رشيد بوجمعة انهم كخبراء ليسوا أعداء الجزائر وعملهم وتحليلاتهم في المجمل لمصلحة الجزائر وليس ضدها، وقال كمال رزيق في هذا الصدد أن أويحيى رجال سياسة لكن ليس من حقه توزيع الوطنية على احد ومن صفق له من برلمانيين ووزراء صفقوا لأنه سيضمن لهم اجورهم وليس أجور المواطن الزوالي، مضيفا أن ما وصل أليه الاقتصاد الوطني كان بسبب غياب التخطيط النظري والاستراتيجيات الصحيحة التي يبينها الخبراء، معتبرا انه من العيب ان الجزائر لا تزال تعيش مشاكل هيكلية واستراتيجية في الاقتصاد ليؤكد ان الحكومة ضيعت الإقلاع الاقتصادي لأنها تعمل بمعزل عن الخبراء ليضيف ان خبراء السلطة الذي تعتمد عليهم الحكومة ساهموا في تضييع 100 مليار دولار في اقل من 4 سنوات.

من جهته أوضح الدكتور سليمان ناصر ان الخبراء يعملون لمصلحة الاقتصاد الوطني وحذروا مع بداية الازمة وانهيار أسعار النفط من هذا السيناريو الحالي مشيرا انه ليس المهم ان تضمن الحكومة أجور العمال بقدر ما الأهم هو الإجراء الصحيح والسليم لضمان ما أسماه أويحيى بالسيادة المالية، هذا وقد أوضح الخبير الاقتصادي والأستاذ بجامعة الجزائر رشيد بوجمعة أن أويحيى بتصريحه الحماسي الذي صفق له وزراءه وبعض النواب يراوغ مضيفا أن الاقتصاد هو علم والاستراتيجيات الاقتصادية المنتجة والمثمرة يضعها الخبراء والمختصون وليس السياسيين الذين اثبتوا فشلهم في اكثر من مرة معتبرا ان الحكومة ولو اشركت الخبراء منذ البداية في النقاش واعتمد على الأقل على 1 بالمائة من الحلول الذي طرحها الخبراء لما وصلنا لهذه الوضعية الكارثية.

س. زموش

 

من نفس القسم الوطن