الحدث

بلعباس: مخطط عمل الحكومة لن يخرج الجزائر من الأزمة

دعا لفتح نقاش حقيقي حول الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية

النقابات المستقلة مطالبة بتوحيد نضالاتها وأخذ حقها في المشاركة في الثلاثية

 

أكد رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، محسن بلعباس، أن "مخطط عمل الحكومة الجديد غير قادر على تعويض انهيار عائدات المحروقات"، مؤكدا أن "الصعوبات المالية ستساهم في تفاقم مستمر مع فشل جميع التدابير التي اختبرت"، ودعا المتحدث، في سياق آخر، النقابات لتوحيد نضالاتها من أجل حقها في المشاركة في اجتماعات الثلاثية، ومن أجل المطالبة برفع الأجر الوطني الأدنى المضمون، ومن أجل الدفاع عن عالم الشغل بشكل عام واستقلالية قرارها، منتقدا انفراد المركزية النقابية التي اصطفت مع الحكومة لتمثيل هؤلاء في مثل هذه اللقاءات الحاسمة.

أوضح محسن بلعباس، في كلمة له في افتتاح أشغال الجامعة الصيفية للشبيبة الحرة، المنعقدة حتى اليوم بولاية بجاية، أن "السلطة لا تعمل سوى من منظور بقاء ما وصفته بـ"النظام المسؤول عن الإفلاس الاقتصادي" وانحطاط المجتمع، وشلل مؤسسات الدولة"، كاشفا أن "المسعى الذي تتّبعه يطعن في مصداقية كل المنظمات التي تنفـّذ أوامرها وتقوم بدور الوسيط في خدمتها".

وأفاد محسن بلعباس بأن "سياسة الحكومة تنحصر في قطاع الطاقة من خلال إدراج زيادة أسعار الغاز والكهرباء والوقود على المستوى المحلي"، مضيفا أن "تغيير محافظ بنك الجزائر هدفه يتمثل في تخفيف السيطرة على معدل التضخم والإسراع في تخفيض قيمة الدينار لإيجاد حل مؤقت للعجز في الميزانية، وهذا من خلال طباعة النقود تحت مظلة تنفيذ التمويل غير التقليدي".

ودعا رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية الأحزاب السياسية إلى "التجنّد أمام الأخطار المحدقة بالجزائر، علاوة على النقابات المستقلة التي يجب أن تتجاوز هي الأخرى حالة التشتت وتتوحد حول النقاط التي تجمعها كاستقلالية قرارها، الدفاع عن التشغيل، المطالبة بمراجعة الأجر القاعدي الأدنى المضمون، وكذا حق المشاركة في الثلاثية باعتبار أنها يمكن أن تكون عوامل تعبئة لتوحيد الصفوف".

وفي نفس السياق، قال بلعباس أن "الجزائر بحاجة إلى نقاش حر وصريح ونزيه، كونه من دعاة عقد مناقشات مفتوحة لإجراء تقييم جاد ونزيه للأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية للبلد، والتي بدونها لا يمكن القيام بأي عمل بناء ومستدام".

ولدى استعراضه لملامح الوضع السياسي للبلاد، تطرق ذات المسؤول الحزبي إلى الانسداد التاريخي الذي وصلت إليه البلاد بسبب تآكل رصيده الرمزي الذي ورثناه عن كفاح شعبنا البطولي على مر الأزمنة. وقال في هذا الصدد: "لقد استعملت مصادرة ذاكرتنا الوطنية كعنوان وشرعية أوهمت النظام بأنها تعفيه من واجب تثمين طاقاتنا البشرية والاقتصادية والطبيعية".

أما بخصوص الحريات، فيرى بلعباس أن هناك تراجعا في هذا الجانب وهو ليس وليد اليوم أو هذه الظروف، بل يعود إلى 2008 حيث عدل دستور البلاد، ووصل الذروة مع ما وصفه بـ"القمع" المسلّط على النشاط الجمعوي والمعترف به في أعلى مستويات السلطة، مشيرا إلى أن الحكومة تسعى من خلال خطة عملها الجديدة، إلى حرمان الترخيص بصورة منتظمة للمظاهرات العامة، بالعمل على الحصول على التزكية من طرف أغلبية برلمانية خاضعة للأوامر. وتنص على أنه " سوف تعمل من خلال الحوار بين الإدارات الوطنية والـمحلية على تقريب الفاعلين الـمعنيين وحملهم على احترام التشريع والتنظيم اللذين ينظمان بوجه خاص المظاهرات في الطريق العام".

ويرى ذات المسؤول الحزبي أن "صمود المواطنين من خلال المسيرة الكبرى التي نظمت في أوقاس ردا على إصرار السلطات العمومية على التخلص من المقاهي الأدبية، هي رسالة مقاومة ودرس من المواطنين يدل على فعالية العمل التضامني عندما يوحّد النشطاء المناضلون من كافة التيارات طاقاتهم".

اقتصاديا، أشار المتحدث إلى أنه ومنذ عام 2013، لا تزال الحكومة عاجزة عن تعويض انهيار عائدات المحروقات، كما أن الصعوبات المالية في تفاقم مستمر مع فشل جميع التدابير التي اختبرت، فيما تنحصر سياسة الطاقة الحكومية في زيادة أسعار الغاز والكهرباء والوقود على المستوى المحلي. ويرى بلعباس أن تغيير محافظ بنك الجزائر الذي كان هدفه غير المعلن هو تخفيف السيطرة على معدل التضخم والإسراع في تخفيض قيمة الدينار، لم يكن كافيا للتخفيف من العجز في الميزانية، بل على العكس من ذلك، أدى هذا التحرك إلى انهيار النقد، كما فشلت سياسة مكافحة الاقتصاد الموازي فشلا ذريعا، بدليل أن المبالغ الطائلة التي يتم تداولها خارج الدوائر المصرفية في شكل سيولة نقدية هي في تزايد مستمر.

وأوضح يقول، في نفس الشق، أن هذه الحكومة لا تعمل سوى من منظور بقاء هذا النظام المسؤول عن الإفلاس الاقتصادي، وانحطاط المجتمع، وشلل المؤسسات والمأزق السياسي الحالي، والمسعى الذي تتّبعه يطعن في مصداقية كل المنظمات التي تنفـّذ أوامرها وتقوم بدور الوسيط في خدمتها، ولم يزد الجدل الإعلامي الذي أثير حول انعقاد الثلاثية سوى ضبابية على الغموض العام الذي عزّز الرأي العام في قناعته بأن هذا الإطار ما هو إلا ذريعة استدعتها ضرورة الكتمان ومقتضيات السلطة التنفيذية. وعرج في هذا الصدد على مسألة انفراد المركزية النقابية في تمثيل الطبقة الشغيلة، حيث قال بأنه منذ الرحيل المأساوي لعبد الحق بن حمودة، أصبح الأمين العام الحالي للاتحاد العام للعمال الجزائريين يُستخدم في أحسن الأحوال للإعلان عن القرارات التي اتخذها رئيس الدولة، الذي يحرص دائما على التذكير بأنّه هو من يقود الأرستقراطية النقابية الجاثمة في "دار الشعب"، مذكرا بأن الأرسيدي قد ندد دائما بهذا الإطار الذي يتم اختيار جميع فرقائه لتزكية التوجيهات الصادرة من مكان آخر، على غرار هذا العقد الاقتصادي والاجتماعي عديم الفعالية، الذي سُحب مؤخرا من الأدراج لتوظيفه في تصفية الحسابات بين الأجنحة المتناحرة. وكنّا نعتبر دائما أن الاتحاد العام للعمال الجزائريين ومنظمات أرباب العمل المنخرطة فيها تفتقد للشرعية، على غرار الحكومة المنبثقة من مسار انتخابي مبني على "التزوير"، على حدّ تعبيره.

وجدد محسن بلعباس في الأخير "مطلبه القاضي بالتعجيل في إصلاح التعليم والإصلاح القضائي وإعادة جدولة الديون الخارجية في الوقت المناسب، وإنشاء هيئة مستقلة لتسيير الانتخابات كونها المبادرة الوحيدة الكفيلة بإرساء تحكيم المواطنين في الحياة العامة الجزائرية".

هني. ع

 

من نفس القسم الحدث