الفريق أول شنقريحة يعبر عن ارتياحه لمستوى التعاون العسكري "الجزائري – الإيطالي"
- نشر في 02 أكتوبر 2024
عادت بقايا التنظيمات الإرهابية لتضرب الجزائر من جديد، حيث استغل أفراد هذا التنظيم، عشية عيد الأضحى المبارك، لمحاولة الهجوم على مقر الأمن، في سيناريو مشابه لذلك الذي عاشته الجزائر قبل أشهر في ولاية قسنطينة، حيث كانت هذه المرّة ولاية تيارت مسرحا له، ولو لا الفطنة والحنكة التي تحلى بها شهداء الواجب الوطني من أفراد الشرطة في التعامل مع الإرهابي الذي حاول الدخول إلى مقر الأمن، قبل أن يفجر نفسه بحزام ناسف تسبب في استشهاد رجال الشرطة ومقتل الإرهابي، لتسببت هذه العملية الإرهابية الجبانة في منح أنصار هذا التنظيم الإرهابي فرصة النيل من أمن واستقرار البلاد، وأكد خبراء أمنيون وأحزاب سياسية أن هذه العملية الإرهابية الجبانة تؤكد مرة أخرى أن الجزائر مستهدفة أكثر من أي وقت مضى، كما أن الجماعات الإرهابية وبقايا هذا التنظيم لن يتوانوا متى سنحت لهم الفرصة في استهداف البلاد.
حيثيات العملية الإرهابية الجبانة التي نفذها أحد الناشطين ضمن بقايا التنظيمات الإرهابية الناشطة بالجزائر، تعود إلى صبيحة الخميس الماضي، حيث حاول الإرهابي، في حدود الساعة 7:55 دقيقة، استهداف مقر الأمن، محاولا التسلل إلى مقر مديرية الأمن، قبل أن يتفطن له الشرطي الذي كان في مهمة تأمين مدخل المقر، والذي فتح النار عليه، ليفجر الإرهابي الذي كان يحمل حزاما نافسا نفسه، ما أسفر عن القضاء عليه ومقتل الشرطي وإصابة آخر توفي لاحقا متأثرا بجروحه بمستشفى يوسف دمرجي.
من جهتها، شكلت مصالح الشرطة حزاما أمنيا حول موقع الانفجار، كما تم إعلان حالة استنفار قصوى بكل الولاية وإغلاق كافة المنافذ، وقد تمكنت مصادر الشرطة من التعرف على هوية الإرهابي ويتعلق الأمر بـ"ب. ع" المكنى أبو جهاد الذي ينحدر من حي شعبي بتيارت، وقد صدرت حوله أوامر بالقبض في السنوات الأخيرة. هذا وكانت الجماعات الإرهابية قد حاولت، قبل 6 أشهر، استهداف مقر الأمن الولائي بقسنطينة، بنفس الطريقة، حيث تمكن أحد أعوان الشرطة من تجنيب وقوع كارثة، بعد تفطنه لإرهابي أراد تفجير نفسه داخل مقر الأمن، حيث تم القضاء عليه.
ويجمع خبراء أمنيون على التأكيد على أن هذه العمليات الإرهابية التي تبناها كالعادة تنظيم داعش الإرهابي، رغم غياب هذا التنظيم عن الجزائر وفق تقارير أمنية، إلا أنه حاول استغلال الحادثة للبحث عن الصدى الذي يريده، خاصة أن العملية جرت في الجزائر، وهو ما مكن العملية من أن تجد الصدى الإعلامي الكبير بالنظر للتحديات الملقاة على راهن البلاد في المنطقة من جهة، ومن جهة أخرى لتزامنها مع مناسبة دينية هامة بالنسبة للمسلمين عموما والجزائريين خصوصا.
وأجمع هؤلاء على أن الحس المهني العالي الذي أصبح يتعامل به أفراد الشرطة مكن من إبعاد خطر كبير كان يهدف له هذا الانتحاري. وبالرغم من أن التفجير لم يسقط العديد من الضحايا كما كان يرجو منفذو هذه العملية الإرهابية الجبانة، إلا أنها تسببت في فقدان شرطيين كانا يؤديان مهامهما في حماية وتأمين الوطن والمواطن.
وفي هذا الصدد، أوضح عبد العزيز مجاهد، الخبير الأمني، في حديث مع "الرائد"، أمس، أن العملية الإرهابية التي هزت ولاية تيارت والجزائر عموما عشية عيد الأضحى المبارك، تؤكد مرّة أخرى أن الجزائر مستهدفة أكثر من أي وقت مضى، بالنظر إلى أن هذه العملية الأخيرة كانت مشابهة لتلك التي وقعت قبل أشهر قليلة في ولاية أخرى بشرق البلاد، ويتعلق الأمر بقسنطينة، وهذا يؤكد على أن هناك بعض أنصار التنظيم الإرهابي داعش وبعض بقايا الجماعات الإرهابية التي كانت تنشط في الجزائر، يركزون هذه الفترة على إحداث حالة من اللا استقرار في البلاد، بالنظر للأوضاع التي تعيشها المنطقة، خاصة دول الجوار التي أثرت أوضاعها الأمنية على البلاد كثيرا.
وأثنى اللواء المتقاعد في هذا الصدد كثيرا على الحنكة والفاعلية التي تعامل بها شهداء الواجب الوطني من أفراد الشرطة مع الوقائع، ما جنب وقوع كارثة بالمنطقة عشية عيد الأضحى. وأوضح مجاهد يقول: "الشرطيان يجب أن يكونا قدوة لكل الجزائريين على مختلف مسؤولياتهم ومواقعهم، فقد كان الفقيدان نموذجا لأداء الواجب الوطني على أكمل وجه، وقبل ذلك روح المسؤولية العالية والتضحية التي يجب أن تكون في نفس كل الجزائريين خاصة في مثل هذه الأحداث".
وشدد المتحدث القول على أن الجزائر اليوم تعتبر من بين الدول المستهدفة من قبل هذه التنظيمات الإرهابية، سواء داعش أو غيره، بالنظر للدور الكبير الذي تلعبه في محاربة الإرهاب بالمنطقة أو بالنظر للمسؤوليات الملقاة على عاتقها فيما يخص محاربة هذا التنظيم دوليا، وقبل ذلك مغاربيا وعربيا. وأوضح المتحدث أن الأوضاع التي تعرفها منطقة الساحل وأيضا دول الجوار خاصة ليبيا وبدرجة أقل تونس، تجعل الجزائر في دائرة الخطر من أن تكون عرضة للعمليات الإرهابية الاستعراضية التي يحاول التنظيم الإرهابي تسويقها للعالم، ولن يجد أفضل من ضرب الجزائر لتكدي وجوده بالمنطقة.
بدوره، اعتبر أحمد ميزاب، رئيس اللجنة الجزائرية الإفريقية للسلم والمصالحة، أن الجريمة التي استهدفت مقر أمن ولاية تيارت هي محض "دعاية خائبة بعد الضربات الموجعة التي وجهها الجيش الوطني الشعبي لبقايا الإرهاب". وأشار المتحدث في هذا الصدد يقول أن ما تبقى من أنصار الإرهاب يسعون بائسين لاصطناع ضجيج عبر شنّ اعتداءات دموية كتلك التي تسببت في استشهاد شرطيين بعاصمة الرستميين التاريخية.
وتابع ميزاب: "مثل هذه العمليات الإجرامية تظل محدودة كونها تصطدم بالمستوى العالي من اليقظة التي تتحلى بها الأجهزة الأمنية، فضلا عن نوعية التكوينات والتدريبات التي كلّلت بتكريس أمن واستقرار الجزائر بعد سنوات الفتنة الدموية". ونوّه المتحدث بأن جريمة تيارت هي ردّ يائس من أيادي التعفين وخفافيش التشويش على العمليات الناجحة للجيش، فضلا عن استيعاب سياسة السلم والمصالحة الوطنيين للعشرات من المسلحين وعائلاتهم الذين استسلموا هذا العام، في وقت جرى تحصين الحدود الجزائرية ضدّ الإرهابيين متعددي الجنسيات ومجموعات الإجرام المنظم على طول منطقة الساحل.
إكرام. س