الحدث

عودة أويحيى لثالث مرّة في عهد بوتفليقة في ظروف استثنائية !!

تبون لم يتجاوز مدة 84 يوما على رأس الحكومة

رخيلة: تعيين أويحيى وزيرا أول لا يترتب عنه بالضرورة تشكيل حكومة جديدة

خبابة: إقالة تبون مؤشر على صراع سياسي وارتباك في هرم السلطة

الأفلان: الرئيس مطلع على أسباب إقالة تبون ونوافق على تعيين أويحيى دون استشارة

 

لم يستقر عبد المجيد تبون أكثر من 84 يوما على رأس الوزارة الأولى، وسط تضارب المعلومات حول الأسباب الحقيقية لإقالته، ولم يشر بيان الرئاسة لأي نوع من الأسباب، عكس ما حدث مع أحد حلفاء الرئيس السابقين، ووسط لغط كبير حول وجود ضبابية في إجماع القوى المؤثرة في القرار الوطني، صدر بيان الرئاسة ليعلن عن تعيين أحمد أويحيى خلفا لتبون المقال، وهو ما يعطي ضبابية في الرؤية السياسية لصاحب القرار السياسي في اتخاذ قرارات والتراجع عنها في فترة زمنية وجيزة، يصفها المراقبون بكونها غير مسبوقة في تقاليد تسيير الحكم في البلاد، وعين رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، زوال أمس، أحمد أويحيى وزيرا أول خلفا لعبد المجيد تبون، وفق بيان رئاسة الجمهورية، وبذلك يقود أويحيى الحكومة التاسعة في عهد الرئيس بوتفليقة (منذ 1999) وللمرة الرابعة له شخصيا، وأضاف المصدر أن "الرئيس بوتفليقة طبقا للمادة 91 الفقرة 5 عيّن أويحيى بعد استشارة الأغلبية البرلمانية وزيرا أول".

وتفيد قراءات قانونيين بأن "الترتيبات الدستورية لا تتطلب تغيير الحكومة الحالية بإنهاء مهام الوزير الأول"، بينما يرى سياسيون أن "إنهاء مهام تبون وزيرا أول بعد 84 يوما من تعيينه يؤشر على وجود ارتباك في هرم السلطة". وبين قراءات قانونيين وسياسيين، يطرح مراقبون "تساؤلات حثيثة" عن سر عودة أويحيى إلى الوزارة الأولى في ظل المؤشرات الاقتصادية والسياسية على مقربة من عرض قانون المالية لسنة 2018 والانتخابات المحلية وبعدها رئاسيات 2019.

أفاد بيان رئاسة الجمهورية، زوال أمس الثلاثاء، بأن الرئيس بوتفليقة عيّن وزير الدولة رئيس ديوان رئاسة الجمهورية، أحمد أويحيى، وزيرا أول. واقتصر البيان على إنهاء مهام الوزير الأول "المقال" عبد المجيد تبون وتعيين خليفته وفق المادة 91 الفقرة 5 من الدستور "دون التطرق إلى الإجراءات الدستورية المترتبة عن تعيين وزير أول جديد". وسألت "الرائد" قانونيين عن فحوى الترتيبات الدستورية المتعلقة بإجراء تعيين وزير أول جديد، كما سألت سياسيين عن "قراءتهم لشكل تعيين أويحيى بعد استشارة الأغلبية البرلمانية دون التفصيل في شكل المشاورات".

ويأتي تعيين الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي، أحمد أويحيى، وزيرا أول بعد ثلاثة أشهر من تشريعيات 4 ماي الفارط التي أفرزت "فوز الأرندي بـ100 مقعد في البرلمان مقابل 164 مقعدا للأفلان"، كما سبق لأويحيى أن قاد مشاورات التعديل الدستوري الأخير شهري جوان وجويلية 2014، وتم تعيين أويحيى منذ مارس 2014 وزير الدولة مديرا لديوان رئاسة الجمهورية، ويضاف إلى كل ذلك أنه سبق لرئيس الجمهورية أن أنهى مهام أويحيى وزيرا أول بعد أن قاد الحكومة عقب التعديل الدستوري لسنة 2008 من 15 نوفمبر 2008 إلى 3 سبتمبر 2012 ليخلفه عبد المالك سلال.

 

رخيلة: تعيين أويحيى وزيرا أول لا يترتب عنه بالضرورة تشكيل حكومة جديدة

 

لفت الخبير في القانون الدستوري، عامر رخيلة، إلى أن "إنهاء مهام الوزير الأول وتعيين خلف له لا يترتب عنه بالضرورة تعيين حكومة جديدة". وفصل الأستاذ رخيلة أن "تعيين أويحيى وزيرا أول يتم بمرسوم رئاسي فردي لا يترتب عنه تشكيل حكومة خلفا للحكومة الحالية". وأضاف: "في حالة رفض الوزير الأول الجديد العمل مع أعضاء في حكومته، يمكن لرئيس الجمهورية الاستجابة لطلبه وتعيين وزراء جدد"، معتبرا أن "خطة عمل الحكومة التي قدمها الوزير الأول السابق تبون للبرلمان وصادق عليها قد لا يترتب كذلك مراجعتها لأنها منبثقة عن برنامج رئيس الجمهورية". وذكر القانوني رخيلة أن "الجانب القانوني غير الواضح في بيان رئاسة الجمهورية هو هل قدم عبد المجيد تبون استقالته لرئيس الجمهورية أم تمت إقالته"، مضيفا: "كما يطرح السؤال من جانب سياسي قانوني لماذا جاءت الاستقالة أو الإقالة على عجل بعد أقل من ثلاثة أشهر على تعيين الوزير الأول".

ومن جانب سياسي، قال المحلل السياسي، عامر رخيلة، أن "الظرف الذي جاء فيه إنهاء مهام تبون يؤشر على وجود صراع سياسي وليس أزمة سياسية بمنظورها الدستوري"، مضيفا: "بالنظر إلى ما حدث في الأسابيع الماضية من تشنجات بين الوزير الأول ورجال المال، فإن تأثير المال في القرار السياسي صار أمرا واضحا". وأضاف: "تعيين أويحيى كذلك يحمل رمزية في الوقت الحالي لأنه رجل متشدد في قراراته وله الشجاعة الكافية في إصدار قرارات غير شعبوية". وأضاف: "أويحيى كذلك يتعامل بشكل آخر مع رجال المال سواء في سياساته أم سلوكه، وقد يكون تعيينه مؤشرا على إبعاده من سباق رئاسيات 2019"، مختتما: "أويحيى يدرك ميكانيزمات عمل النظام، والظرف الذي تم تعيينه فيه حاليا له دلالات كبيرة لموعد رئاسيات 2019".

 

خبابة: إقالة تبون مؤشر على صراع سياسي وارتباك في هرم السلطة

 

على صعيد آخر، أكد القانوني والمحلل السياسي، عمار خبابة، أن "تغيير الوزير الأول لا يترتب عنه بالضرورة تغيير الحكومة الحالية، لأن إنهاء مهام الوزير الأول من صلاحيات رئيس الجمهورية المخولة دستوريا"، لافتا: "في بيان رئاسة الجمهورية ذكر أن تعيين أويحيى تم بعد استشارة الأغلبية البرلمانية، ونحن نتساءل كيف تمت هذه الاستشارة ومتى مادام أن تنصيصها دستوريا يتطلب وجود آليات لإعلانها"، مضيفا: "الرأي العام الوطني تفاجأ بقرار إنهاء مهام وزير أول وتعيين خليفة له في ظرف مستعجل ومن حقه الاطلاع على الظروف المحيطة بالقرار"، مفسرا: "بهذه الطريقة الغامضة في تسيير الشأن العام فالمواطن سيكون أبعد من العملية السياسية". واعتبر خبابة أن "تغيير الحكومة منوط بالوزير الأول وقبوله العمل مع الطاقم الحكومي ذاته لخليفته وطرح مخطط عمل الحكومة من جديد على البرلمان"، مضيفا: "مادام أن الدستور يشدد على تقديم الوزير الأول مخطط عمل حكومته أمام البرلمان فالترتيبات الدستورية تجبر أويحيى على تقديم مخطط عمل جديد".

ومن جانب آخر، قال خبابة: "قرار إنهاء مهام تبون يؤثر على مسألة تعيينه سابقا، وما أثير حولها من لغط، وهي تفسر قرار تنحيته". وأضاف: "نستنتج أنه كان هناك صراع حاد في هرم السلطة في المدة الأخيرة يتعلق بأسلوب تبون في قيادة الحكومة ومساسه برجال المال، وهذا يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن المال صارت له سلطة في صناعة القرار"، معتبرا أن "تبعات إنهاء مهام تبون ستلحقها قرارات أخرى للدوائر التي دعمت وجوده على رأس الحكومة"، مضيفا: "أكيد هناك أزمة سياسية على مستوى السلطة، وهذا يفسر الارتباك الحاصل وعدم الانسجام داخلها". وعن تعيين أويحيى، قال خبابة: "قبل أيام صرح الناطق الرسمي للأرندي أن أويحيى الأمين العام للحزب سيقود الحملة الانتخابية في المحليات، وحاليا هو وزير أول، فهذا مؤشر على حالة التخبط في دوائر السلطة"، مختتما: "هناك تفتت في التحالفات داخل السلطة قبيل رئاسيات 2019 وإعادة التموقع، ومن نتائجه البريكولاج الحاصل حاليا".

 

الأفلان: الرئيس مطلع على أسباب إقالة تبون ونوافق على تعيين أويحيى دون استشارة

 

قال المكلف بالإعلام في حزب جبهة التحرير الوطني، الصادق بوقطاية، أن "الأفلان يوافق ويدعم قرار رئيس الجمهورية إنهاء مهام الوزير الأول عبد المجيد تبون، بحكم أنه الوحيد المطلع على أسباب الإقالة". وأضاف: "رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة هو كذلك رئيس حزب الأفلان، وكل القرارات التي يتخذها نحن نوافق عليها ومن ضمنها تعيين أويحيى وزيرا أول"، مضيفا: "أويحيى هو أمين عام الأرندي وهو حليف سياسي للأفلان ونشترك في تطبيق برنامج رئيس الجمهورية"، مضيفا: "سندعم الحكومة التي يقودها أويحيى والمكلفة بتجسيد برنامج الرئيس، والوزير الأول الجديد ليس خصما لنا وليس عدوا".

وفي سؤال حول شكل الاستشارة التي نص عليها بيان رئاسة الجمهورية في تعيين الوزير الأول الجديد، قال بوقطاية: "لا توجد استشارة مادام رئيس الجمهورية هو رئيس الحزب، لذلك نحن نوافق على كل قرار يتخذه وندعمه"، مضيفا: "رئيس الجمهورية مطلع على أسباب إقالة سي تبون، وهو كذلك صاحب القرار في تعيين أويحيى"، مختتما: "أكتفي بهذا التعليق على خبر تعيين أويحيى وزيرا أول".

للإشارة، تم تعيين عبد المجيد تبون وزيرا أول بتاريخ 24 ماي الفارط بعد أن قاد سابقه عبد المالك سلال مشاورات إعادة تشكيل الحكومة عقب تشريعيات 4 ماي"، ويأتي تعيين أحمد أويحيى خلفا لتبون بعد أن قطع الأخير عطلته السنوية (انتهت أول أمس الإثنين) وقيادته للحكومة لمدة 84 يوما، وهي أقصر فترة لقائد الجهاز التنفيذي منذ 1999، كما سبق لأحمد أويحيى أن قاد الحكومة في فترات سابقة متقطعة في عهد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، أولها رئيسا للحكومة من ماي 2003 إلى ماي 2006، ثم خلف بلخادم في رئاسة الحكومة في الفترة من جوان 2008 إلى نوفمبر 2008، وبعد التعديل الدستوري الذي كرسه وزيرا أول بدلا من رئيس الحكومة، تم تجديد الثقة في أويحيى 15 نوفمبر 2008 إلى 3 سبتمبر 2012 ليخلفه عبد المالك سلال إلى غاية تعيين تبون.

يونس بن شلابي

 

من نفس القسم الحدث