الوطن

التجار الفوضويين يهزمون الدولة؟!

عودة قوية لهم منذ شهر رمضان وغياب البدائل يعطيهم الحجة

صويلح: حملة وزارة الداخلية كان محكوم عليها بالفشل منذ البداية

ممثل التجار: "نحن لا نسرق وليس لنا مصدر للاسترزاق غير هذه الطاولات" 

 

عادت الأسواق الموازية مرة أخري لشوارع وأحياء العاصمة حيث تعرف هذه الأخيرة رواجا كبيرا أين استغل هؤلاء التجار الفوضويون صمت السلطات المحلية عنهم خلال شهر رمضان للعودة بقوة خلال هذه الصائفة واحتلوا أرصفة وشوارع بأكملها في العديد من البلديات في ظل غياب البدائل.

يبدو أن مصالح ولاية الجزائر والمنتخبين المحليين لبعض البلديات أقروا بفشلهم في ملف الأسواق الموازية التي عادت الأشهر الأخيرة للظهور وبقوة فمنذ شهر رمضان انتشرت هذه الأسواق في العديد من بلديات العاصمة ولا تزال تنشط بصفة غير شرعية بعدد من البلديات على غرار باب الزوار والحراش والرويبة، الرغاية، باش جراح القبة بير خادم، وجسر قسنطينة والسحاولة وبير توتة أين رص التجار طاولتهم متسببين في حركة سير بطيئة في العديد من البلديات خاصة في بعض الأيام بالنظر إلى الإقبال الكبير على هذه الأسواق  من طرف الزبائن الذين يفضلونها على المحلات التجارية التي تعرض سلعا بأسعار مرتفعة مقارنة بأسعار نفس السلع لدى باعة الأرصفة كما يحلو للبعض تسميتهم. وإلى جانب عودة هذه الأسواق إلى مواقعها القديمة، ظهرت أسواق فوضوية جديدة تشكّلت أيضا بصفة تدريجية عبر العديد من بلديات ولاية الجزائر وهي تضم اليوم العشرات من التجار ومن بين الأمثلة على ظهور الأسواق الجديدة، الأسواق التي ظهرت بمحاذاة السكة الحديدة بجسر قسنطينة والموقع المحاذي للسوق المغطى ببلدية عين طاية وكذا عدد من الطاولات الفوضوية بحي المندرين الذي بات يستقطب المواطنين بكثرة ما شجع التجار الفوضويين على الاستقرار فيه.

 

التجار الفوضويون: "نحن لا نسرق وليس لنا مصدر للاسترزاق غير هذه الطاولات" 

 

وتبقى أسباب عودة ظهور هذه الأسواق الموازية أو نشأة أخرى جديدة مرتبطة بعدم وجود بدائل حقيقية تمتص الناشطين في هذه الأسواق حيث اكد العديد من التجار الفوضويين الذين عادوا للنشاط في تصريحات لـ"الرائد" انهم أحيلوا على بطالة إجبارية بمجرد إزالة اسواقهم الفوضوية ولم يجدو أي بديل شرعي سواء للنشاط في مجال التجارة او أي عمل أخر الامر الذي دفعهم بالعودة لهذه الأسواق باعتبارها مصدر رزقهم الوحيد، و أشار أغلب التجار الفوضويين أن  كل الحملات التي تقوم بها مصالح الأمن رفقة المصالح البلدية لن تأتي بنتيجة معهم، مضيفين "نحن لا نسرق، بل نسترزق من أجل لقمة عيش أولادنا"، فيما تساءل أخرون عن سبب متابعة مصالح الأمن لهم رغم حاجاتهم للعمل مشيرا إلى أن هذا الإجراء من شأنه دفعهم للسرقة أو القيام بأمور أخرى غير قانونية لضمان إعالة عائلاتهم. خصوصا أن السلطات الوصية وعدتهم بتخصيص أمكان أخرى لمزاولة نشاطهم بشكل قانوني، وهو ما لم يحدث.

 

صالح صويلح: حملة وزارة الداخلية على التجارة الفوضوية كان محكوم عليها بالفشل منذ البداية

 

وفي هذا الصد أكد أمس رئيس أتحاد التجار والحرفيين صالح صويلح لـ "الرائد" أن حملة وزارة الداخلية بمعية البلديات على التجارة الفوضوية كان محكوم عليها بالفشل منذ البداية لأنها لم تقدم البديل، وبقيت مجرد إجراءات لمنع التجار من النشاط دون أي إجراءات لهيكلة هؤلاء التجار في فضاءات جديدة ومدروسة، ما ساهم في عودة هؤلاء التجار إلى نشاطهم الموازي. وأنتقد صويلح عجز السلطات المحلية عن أيجاد حلول دائمة للتجار الموازيين واكتفائهم بالحلول الترقيعية التي فشلت على أرض الواقع مشيرا أن فشل السلطات في القضاء على التجارة الموازية هو فشل في تنظيم التجارة ككل وفشل للسياسة الاقتصادية المنتهجة من طرف المسؤولين.

باعتبار ان استمرار الأسواق الموازية هو ضربة للاقتصاد الوطني لان الأسواق الفوضوية حسب صويلح عادة ما تكون عبارة عن غطاء لتبييض الأموال، وتمنع الخزينة العمومية من الاستفادة من مداخيل إضافية متحصلة من الرسوم والضرائب، كما أن هذا النوع من التجارة هو منافسة غير شرعية للأسواق المنظمة، فضلا عن أنها تشكل خطرا على صحة المستهلكين كون أن المنتوجات المعروضة لا تخضع للرقابة. يذكر أن الدولة حشدت من أجل امتصاص التجارة الموازية ميزانية إجمالية قدرها 14 مليار دينار، منذ أكثر من أربعة سنوات من إطلاق العملية، وتم تقسيم هذا المبلغ، الذي وجه لإنشاء فضاءات تجارية رسمية على مستوى الجماعات المحلية بين مصالح وزارة التجارة بعشرة ملايير دينار ومصالح الداخلية بأربعة ملايير دج، من أجل إنجاز 291 سوق مغطاة و768 سوقا جوارية وغيرها من الهياكل، غير أن هذه المشاريع تبقى حبرا على ورق؛ حيث تم إلغاء الكثير منها في ظل سياسة التقشف التي شرعت فيها الحكومة مؤخرا. وبالنسبة للأسواق الجوارية التي استحدثت مؤخرا، فبقيت لحد الساعة مهجورة بسبب بنائها في مناطق غير مدروسة، ما جعل التجار يهجرونها ويفضلون العودة إلى التجارة الموازية في الأماكن القريبة من التجمعات السكانية.

س. زموش

 

من نفس القسم الوطن