الحدث

القوة العسكرية والإجراءات السياسية قللت من مخاطر داعش في الجزائر

تقرير يدعو إلى تكثيف التعاون الأمني وتقوية الجبهة الداخلية ويحذر من عودته مجددا

 أكد تقرير أمني أصدرته مجموعة الأزمات الدولية، الناشطة ببروكسل، أن القوة العسكرية التي تمتلكها الجزائر جعلت من تنظيم "داعش" الإرهابي يتلاشى منها بالمقارنة مع دول مغاربية أخرى، وأرجعت ذات المجموعة الدولية غير الربحية وغير الحكومية ذلك إلى عدّة أسباب، أبرزها القوة العسكرية التي تتمتع بها الجزائر وكذا الإجراءات السياسية التي بادرت بها السلطات العليا للبلاد للتقليل من هذا التواجد والمخاطر، وتحدث التقرير ذاته الذي أفرد صفحات عديدة منه للحديث عن التنظيم بالجزائر، عن جملة من الآليات التي تستوجب التوجه نحوها لمواصلة هذه الاستراتيجية في مجابهة هذا التنظيم، أبرزها مسألة تقوية الجبهة الداخلية و" تحسين" التعاون الإقليمي والدولي الرامي إلى مكافحة الإرهاب.

وبخصوص الجزائر، أكد تقرير منظمة "أنترناسيونال كرايسز غروب" على أن معظم الإرهابيين الذين أعلنوا الولاء لتنظيم داعش والعمل داخل الجزائر معظمهم من مجموعات موجودة من قبل، مرتبطة بتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي". وسرد تاريخ تحول المجموعات نحو داعش، كما أشار إلى أن عددا قليلا من الجزائريين هم أعضاء داعش، حيث قدرهم بين 86 إلى 100 فرد فقط ممن استجابوا للدعوة إلى التعهد بالولاء لهذا التنظيم الإرهابي.

وأضاف يقول: "ولا يشكل أي من المنتسبين من الدول الأعضاء في تنظيم داعش تهديدا خطيرا للدولة الجزائرية، حتى وإن كان من حقهم الحصول على نفوذ على التجارة المهربة مع تونس أو اللجوء إلى هناك، ووضعت الجزائر استراتيجية من ثلاثة أجزاء: نشر القوة على نطاق واسع ضد الجماعات المسلحة؛ حيث توسع الوجود الأمني الواسع الانتشار (في صفوف الشرطة على وجه الخصوص، على نطاق واسع خلال العقد الماضي)؛ كما كان "الاعتماد على الوئام وسياسة المصالحة الوطنية التي قدمت عفوا عن الإرهابيين"، دون السماح لهم بالممارسة السياسية، فقد سمح للمستفيدين من المصالحة بالانخراط في نشاط اجتماعي، كما  أدى ظهور داعش إلى إضافة بعد رابع، والتركيز على الأمن السيبراني والتوظيف الجهادي عبر الإنترنت"، مشيرا إلى أن كل هذه العوامل ساهمت في وصول المستوى المنخفض في نشاط داعش داخل البلاد. ومع ذلك، فإن ارتفاع تكاليف الحفاظ على هذا الوضع الأمني المفرط -ولاسيما نشر آلاف الجنود على الحدود مع ليبيا والنيجر ومالي -يمكن أن يثبت أنه باهظ، لاسيما بالنظر إلى انخفاض أسعار النفط.

وحسب ذات التقرير، فقد تمكنت الأجهزة الأمنية القوية في الجزائر من احتواء نشوئه باعتبارها دولة تركز على الخطوات الأمنية والعسكرية، إلا أن هذا العمال حسب التقرير لا يكفي لضمان اجتثاث هذا التنظيم من جذوره، وذلك من خلال تسوية الصراع في ليبيا أو، في أقلّه، الحد من تجزؤ البلاد، وذلك لمنع بقايا تنظيم الدولة الإسلامية من إعادة التجمع داخل البلاد أو استخدامها كمنصة انطلاق لمهاجمة دول ضعيفة في المنطقة، وزيادة قدرات النخب في الدولة واستعدادها السياسي لمعالجة المظالم المحلية والصراعات الكامنة بطريقة شاملة، وذلك لتوجيه الإحباط الشعبي بعيداً عن الخيارات العنيفة، وخصوصاً في المجتمعات المحلية التي يطغى العنصر الشاب على سكانها والذين يشعرون بأن فقرهم وتهميشهم ما هو إلاّ إحدى وظائف حالة الانعدام البنيوي للمساواة والإثراء من قبل النخب الفاسدة والوحشية.

وركزت ذات الهيئة على جانب الآراء، حيث رأت أن تجنب الإغراء المتمثل في الإفراط في تنظيم وضبط المجال الديني يشكل جهداً لمحاربة النزعة الجهادية؛ وبدلاً من ذلك، ينبغي السماح بالتعبير عن الأشكال الدينية غير العنيفة للمعارضة؛ إلى جانب ضمان درجة أكبر من التعاون الإقليمي والدولي في مجال محاربة الإرهاب. بالمقابل أكد التقرير أن الهزيمة المرجحة لتنظيم "داعش" في المنطقة وخارجها سينشئ شكلا من أشكال الهدنة، لكن سينشأ عنها أيضاً تهديدات جديدة تصدر عما تبقى من هذا التنظيم، وبعد أن أظهر المغرب العربي أنه يمتلك، في معظمه، القدرة على صمود دوله،  لكنه أظهر أيضاً استمرار وجود التوترات داخل المجتمعات ونخبها، وبين المجتمعات والنخب أيضاً، كما أنه محاط بدول ضعيفة وهشة في الجنوب، مشيرا أن توخي الحذر وتجنب ظهور موجة جديدة يتطلب تركيزاً أكبر على تهدئة هذه التوترات وإيجاد مسارات مناسبة لها بعيداً عن العنف، وعدم الاكتفاء باستخدام المقاربات الأمنية التالية للأحداث.

أمال. ط

 

من نفس القسم الحدث