الحدث

الأحزاب تتوقع "خطوة جديدة" لملف الذاكرة بين الجزائر وفرنسا

النواب تبنوا إعادة طرح مبادرة تجريم الاستعمار في البرلمان

الدان: كل القوى الوطنية مسؤولة عن بعث مشروع قانون تجريم الاستعمار

حمدادوش: الفصل بين التاريخ والاقتصاد في علاقات البلدين شكل ضعفا لملف الذاكرة

زغيدي: على فرنسا الشروع في خطوات واقعية بعودة الجماجم وتعويضات التجارب النووية

 

قرأت الطبقة السياسية والأكاديمية "بإيجابية" مضمون كلمة رئيس الجمهورية حول ملف الذاكرة بمناسبة عيد الاستقلال والشباب المصادف لـ5 جويلية. واعتبر نائب رئيس حركة البناء الوطني أن "كلمة الرئيس هي مؤشر على تقدم الملف وإيذان بتحرك دبلوماسي من الطرف الجزائري"، فيما ذكر قيادي حركة حمس أن "نواب الحزب سيعيدون طرح مبادرة مشروع قانون تمجيد الاستعمار، وعلى السلطة الكف عن الفصل بين المسارات التاريخية والاقتصادية لأنه نقطة ضعف في ملف الذاكرة"، أما الباحث في التاريخ محمد زغيدي فشدد أن "ملف الذاكرة يُحتم على فرنسا اتخاذ خطوات واقعية بينها ملف عودة الجماجم والتعويضات لضحايا التجارب النووية".

أما من جانب آخر، سألت "الرائد" قياديا في حركة مجتمع السلم وقيادي حركة البناء الوطني وكذا الباحث في التاريخ الأستاذ الجامعي محمد زغيدي، حول توقعاتهم لسير ملف الذاكرة في ظل تصريحات الرئيس الفرنسي الجديد وكلمة رئيس الجمهورية.

 

حمدادوش: الفصل بين التاريخ والاقتصاد في علاقات البلدين شكل ضعفا لملف الذاكرة

 

فالقيادي في حركة "حمس"، ناصر حمدادوش، قال إنه "من دواعي الأسف الشديد أن السلطة الجزائرية أضعف بكثير عن فرض توازن القوة مع الطرف الفرنسي حتى تلزمه بالاعتراف والاعتذار والتعويض واسترجاع الأرشيف الكامل". وأضاف: "لقد أثبتت السلطة فقدانها السيادة على قرارها السياسي والاقتصادي، وهو ما يجعلها تخسر أوراق الضغط في ملف الذاكرة"، موضحا: "الواضح أن هناك مغالطة للفصل بين المسارات التاريخية والسياسية والثقافية والاقتصادية في العلاقات الاستثنائية بين الجزائر وفرنسا، وهو ما يجعل عنصر الفصل بينها نقطة ضعف في التفاوض على ملف الذاكرة".

ومن جهة ثانية، قال حمدادوش: "سيبقى هذا المطلب والتصريحات المتعلقة به للاستهلاك الإعلامي في كل مناسبة"، مضيفا: "لقد شهدنا محاولة المجلس الشعبي الوطني سنة 2009 عرض مبادرة تشريعية لتجريم الاستعمار، ولكن جهاتٍ فوقية تدخلت لإجهاضها"، معتبرا أن "إجهاض المبادرة هو اعتداء على السيادة الدستورية للبرلمان في التشريع"، وأضاف: "هذا يؤكد الضعف في التعامل بالمثل على ما قامت به الجمعية الفرنسية في سن قانونٍ يمجد الحقبة الاستدمارية في شمال إفريقيا". وأرجع المتحدث مؤشرات ملف الذاكرة بين البلدين إلى أنه "ليست العبرة في تغيّر الرئيس الفرنسي بقدر ما هي تغيّر العقلية الكولونيالية للمؤسسات السياسية الفرنسية، وحنينها إلى مستعمراتها القديمة"، مختتما: "سنعمل على إعادة بعث هذه المبادرة التشريعية وتتحمل الأغلبية البرلمانية العددية المفبركة مسؤولية إجهاضها مجددا".

 

الدان: كل القوى الوطنية مسؤولة عن بعث مشروع قانون تجريم الاستعمار في البرلمان 

 

أما نائب رئيس حركة البناء الوطني، أحمد الدان، فاعتبر أن "نظرة الطرف الفرنسي لملف الذاكرة فيها تياران أحدهما يميني رافض للاعتذار والاعتراف بجرائم الأجداد، وآخر يساري يتحدث عن الاعتراف وليس الاعتذار". وأضاف: "المطلب من الجانب الجزائري خلال سنوات مضت لم يكن مفعلا وغير متبع بأدوات لتحريكه، سواء أدوات اقتصادية أو سياسية". وأضاف: "حاليا لما يتكلم رئيس الجمهورية فأكيد هناك تقدم في الملف والدبلوماسية يجب أن تتحرك وتربط بين الاعتراف والمصالح الاقتصادية والدبلوماسية". وذكر الدان: "فرنسا قدمت اعتذارها لعدة دول أوروبية دون حرج، لكنها استنكرت في وقت مضى اعتذار إيطاليا لدولة ليبيا، لذلك هي لا تزال متمسكة بنظرتها الكولونيالية للجزائر وإفريقيا"، مضيفا: "الجزائر تملك أدوات صناعة قرار على المستوى الاقتصادي والسياسي والجيواستراتيجي والروح الوطنية حاضرة وهذا سيساعد على دفع الملف باتجاه الأمام".

وفي نقطة ثانية، قال الدان أن "مشروع قانون تجريم الاستعمار هو مطلب وطني وليس في يد الموالاة أو المعارضة أو أي حزب كان، لأنه يتعلق بالثوابت الوطنية والمصالح الاستراتيجية للجزائر". وأضاف: "من المفروض الاتفاق بين القوى الداخلية حول موقف مشترك وأي وطني نزيه لا يعارض هذا المشروع". وتابع: "نطالب بتدعيم تفعيل مشروع تجريم الاستعمار في البرلمان خلال الدورة المقبلة". واختتم المتحدث: "هناك عدة قاضيا عالقة في ملف الذاكرة بينها الجرم الاستعماري وتدمير البنى التحتية للدولة الجزائرية، ومحو الذاكرة والأرشيف والتجارب النووية وغيرها".

 

الباحث زغيدي: على فرنسا الشروع في خطوات واقعية بعودة الجماجم وتعويضات التجارب النووية

 

أما من جهته، فإن الباحث الأكاديمي في التاريخ، محمد زغيدي، فاعتبر أن "كلمة رئيس الجمهورية بالمناسبة ليست صدى للأجواء التي خلفتها تصريحات الرئيس الفرنسي الجديد، لأن كل طرف له دوافعه وسيادته واستقلاليته". وأضاف: "ملف الذاكرة هو مطلب تاريخي شعبي جزائري محض ولا يمكن أن نتحدث عن إحياء الذكرى الـ55 للاستقلال برمزيتها ومرجعيتها دون أن تكون لها خصوصيتها في فرض الحقيقة". واعتبر الأستاذ الجامعي في التاريخ أن "رسالة الرئيس لا تخلو من حق تاريخي وشعبي لفتح صفحة جديدة في العلاقات المستقبلية بين الجزائر وفرنسا، من منطلق مصالحة حقيقية"، مستدركا: "يجب أن تكون كذلك مصالحة فرنسية - فرنسية لأن الجيل الحالي الذي يحكم فرنسا هو من مواليد ما بعد استقلال الجزائر".

وعلى صعيد آخر، قال زغيدي إنه "من الواجب الوطني والمسؤولية الأخلاقية للبرلمانيين الجزائريين أن يكون مطلب ملف الذاكرة وفاء لوصايا الأسلاف الذين طالبوا في عشرينيات القرن الماضي ببرلمان جزائري". وأضاف: "على البرلمانيين المطالبة بحق الشعب الجزائري ومطلبهم التاريخي، ورفع انشغالاتهم حول الذاكرة والمطالبة بعودة جماجم شهداء الجزائر"، مضيفا: "على فرنسا أن تبدي خطوة واقعية وفعالة وجادة حول ملف الذاكرة بعودة الجماجم وتعويضات ضحايا التجارب النووية"، مختتما: "الذاكرة الإنسانية تضع الجزائر في خانة الأمجاد بثورتها الشعبية ضد الاستعمار، أما فرنسا فتضعها في خانة الإجرام والعمل اللا إنساني ضد البشرية".

يونس بن شلابي

 

من نفس القسم الحدث