من المقرر أن يقدم الوزير الأول عبد المجيد تبون مخطط عمل الحكومة هذا الأربعاء أمام أعضاء مجلس الأمة للمناقشة في جلسة علنية سيترأسها رئيس المجلس عبد القادر بن صالح، والتي ستتبع بمناقشات عامة لمخطط العمل من أجل تنفيذه أمام أعضاء مجلس الأمة.
كشفت مصادر مطلعة أن "مجلس الأمة سيشرع في عقد جلسات عامة تخصص لتقديم ومناقشة مخطط عمل الحكومة انطلاقا من هذا الأربعاء، وكان الوزير الأول عبد المجيد تبون قد قدم في جوان مخطط عمل حكومته لتنفيذ برنامج رئيس الجمهورية أمام أعضاء المجلس الشعبي الوطني الذين صادقوا عليه برفع الأيدي وبالأغلبية".
وعقب ترؤس رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح اجتماعا لمكتب المجلس تمت خلاله دراسة مشروع الجدول الزمني لأشغال المجلس في الفترة الممتدة من يوم الأربعاء بثلاث جلسات، تعقد الأولى في الساعة العاشرة صباحا وتخصص للاستماع إلى الوزير الأول عبد المجيد تبون الذي سيقدم مخطط عمله أمام النواب، وذلك طبقا لما تنص عليه المادة 94 من الدستور، وستتواصل الأشغال يومي الخميس والجمعة المواليين بإجراء مناقشة عامة حوله مخطط عمل الحكومة، على أن يكون الاستماع إلى تدخلات رؤساء المجموعات البرلمانية، وتختتم المناقشات برد الوزير الأول على تدخلات النواب، ليتم بعد ذلك التصويت على مخطط عمل الحكومة من أجل تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية.
ويتناول هذا المخطط عدة محاور أهمها تعزيز الحكم الراشد وإعادة الاعتبار للخدمة العمومية وبعث الاقتصاد الوطني، وكذا مواصلة عملية تهذيب الحياة العمومية، ترقية الخدمة العمومية قصد التكفل بالانشغالات اليومية للمواطنين، وكذا العمل على إحداث مناصب عمل جديدة من خلال إعادة بعث الاقتصاد الوطني وتشجيع الاستثمار المنتج، بالإضافة إلى مواصلة الحفاظ على المكتسبات الاجتماعية وتعزيزها وإرساء أكبر قدر من الشفافية في النشاط الاقتصادي والتجاري، وتحسين مناخ الأعمال وكذا منح الجماعات المحلية دورا أساسيا في النشاط الاقتصادي مع التركيز على تعزيز الأمن الغذائي للبلاد والحد من اختلال الميزان التجاري".
من جهة أخرى، سيرتكز عمل الحكومة في المجال الاقتصادي على "مواصلة الديناميكية الرامية إلى إعطاء دفع جديد للاقتصاد الوطني من خلال تحسين القدرات الوطنية الإنتاجية وتطويرها في جميع الميادين وتنظيم تأطير فعال وناجع للمجال الاقتصادي، كما ستعتمد الحكومة خلال إنجاز هذا المخطط الذي يتميز بالطابع الاستعجالي في تجسيد الأعمال التي يحتويها والتناسق الصارم على تجند ومشاركة الجميع من أعوان الدولة والمتعاملين الاقتصاديين العموميين والخواص، إلى جانب الشركاء السياسيين والاجتماعيين.
وكان نواب المجلس الشعبي الوطني قد صادقوا الجمعة الماضي بالأغلبية على مخطط عمل الحكومة، الذي عرضه الوزير الأول عبد المجيد تبون يوم الثلاثاء الماضي، وفق ما تنص عليه المادة 94 من الدستور، وأعلن رئيس المجلس الشعبي الوطني سعيد بوحجة، خلال الجلسة العلنية المخصصة للتصويت على مخطط عمل الحكومة، عن مصادقة أغلبية النواب الحاضرين والبالغ عددهم 420 نائبا بالإضافة إلى 34 وكالة على المخطط، وذلك بتصويت 402 نائبا بنعم مقابل تصويت 32 نائبا ضد مخطط العمل وامتناع 20 نائبا عن التصويت.
وفي تعليقه على نتيجة التصويت، أكد الوزير الأول أن "تضامن المجلس الشعبي الوطني مع الحكومة واضح وضوح الشمس ويزيد من ثقل المهمة" الملقاة على عاتق الجهاز التنفيذي، معربا عن أمله في "ألا تخيب الحكومة أمل النواب".
ومن جهته، نوه سعيد بوحجة بالمستوى الذي طبع مناقشة مخطط عمل الحكومة و"جدية وصراحة ومسؤولية" المواقف مع تعددها واختلافها في تناولها للمحاور الرئيسية التي يرتكز عليها المخطط، مضيفا أن النواب أبدوا حرصا كبيرا على طرح انشغالات المواطنين وذلك بعد شهر من انتخابهم في الغرفة السفلى للبرلمان. وأبرز المتحدث مختلف المحاور التي طرحها النواب خلال المناقشة، معتبرا أن التدخلات "أظهرت الديمقراطية بأصدق صورها لارتكازها على النقاش الحر من أجل تحقيق التنمية في ظل الاحترام المتبادل"، مؤكدا أن اطلاع النواب على مخطط عمل الحكومة "سيمكنهم من إثراء ما ستتقدم به الحكومة من مشاريع قوانين خلال الدورة البرلمانية".
من جهتهم دعا رؤساء المجموعات البرلمانية بالمجلس الشعبي الوطني الحكومة إلى تسريع الإصلاحات الجبائية لتحسين إيرادات الدولة مع الإلحاح على إعادة النظر في سياسة دعم المواد ذات الاستهلاك الواسع ومحاربة الفساد، وفي تطرقهم إلى المجال الاقتصادي أكد البرلمانيون على ضرورة مواصلة الاصلاحات الاقتصادية الرامية إلى تنويع الاقتصاد الوطني للخروج من الأزمة الراهنة. ومن ضمن هذه الإصلاحات، أشار معظم المتدخلين إلى ضرورة الخوض والإسراع في الإصلاح الجبائي من أجل تحسين التحصيل الضريبي دون اللجوء إلى فرض رسوم وضرائب أخرى تمس القدرة الشرائية للمواطنين وتعيق انشاء الثروة.
واعتبر بلعباس بلعباس، رئيس المجموعة البرلمانية للتجمع الوطني الديموقراطي، أن إصلاح النظام الجبائي هو من "أبرز الأولويات الاقتصادية والمالية" بحيث أن إصلاح هذا النظام سيمكن الدولة من تحصيل مستحقاتها وتحسين إيراداتها دون اللجوء إلى زيادة الضرائب.
كما سيساهم هذا الاصلاح "العاجل"، يضيف نفس النائب، في "مكافحة الغش الجبائي الذي يخل بقواعد المنافسة النزيهة بين المتعاملين الاقتصاديين".
واقترح رئيس المجموعة البرلمانية لحزب العمال، جلول جودي، على الحكومة "الخوض في إصلاح جبائي حقيقي يكون عادلا" باستحداث ضريبة على الثروة على سبيل المثال ومحاربة التهرب الجبائي الذي "ينزف الخزينة العمومية". ويرى أن للحكومة "كل السلطة" للبحث عن الموارد عوض انتهاج "الحلول السهلة غير الناجعة".
ومن جهته يرى رئيس المجموعة البرلمانية للاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء، لخضر بن خلاف، أن مخطط الحكومة "يتجه في ظاهره إلى إصلاح يمس قطاعي المالية والجباية والاستثمار للخروج من التبعية للمحروقات دون تحديد الآليات"، ويتطلب تجسيد هذه الإصلاحات وإنجاحها، حسب النائب، "إرادة سياسية صادقة" في القضاء على الفساد والبيروقراطية وازدواجية العملة الصعبة".