الحدث

الأحزاب تدخل "السبات السياسي" في رمضان

فتور في قراءتها لأحداث أمنية واجتماعية وتعديل حكومي وبرلمان جديد

 

 

تصنع صورة الأحزاب في الأيام العشرة الأولى من شهر رمضان "مشهدا باهتا" عن العمل السياسي، ففي وقت شهدت ولاتا تبسة والبليدة "أحداثا أمنية"، وأحداثا اجتماعية باقتراب امتحانات نهاية السنة والقدرة الشرائية للمواطن، في ظل تعديل حكومي وبرلمان جديد لا تزال مستجداته تطغى على الساحة الوطنية، إلا أن غالبية الأحزاب "في حالة فتور سياسي وبعيدة عن المشهد وإبداء مواقفها من الأحداث"، في حين اكتفى طلائع الحريات بنشر بيان مكتبه السياسي وأخرى تعليقات "فايسبوكية" لرؤساء أحزاب حول الأحداث الوطنية. فهل صار رمضان "شهرا للنوم السياسي" مثلما علق مراقبون.

 

وتشير مواقف الأحزاب السياسية من مستجدات الساحة الوطنية إلى "فتور وركود" متزامن مع الأسبوع الأول لشهر رمضان، ولم تبد أي موقف من الأحداث الأمنية بولايتي البليدة وتبسة والاعتداء الإرهابي الذي استهدف قوات الجيش الوطني الشعبي خلال شهر رمضان وأسفر عن إصابة 4 أفراد من الدرك بإصابات خفيفة، والقضاء على إرهابيين اثنين، حسب بيان وزارة الدفاع الوطني، في حين تسابق حكومة تبون الزمن لدراسة مخطط عملها قبل عرضه على المجلس الشعبي الوطني في 15 جوان الجاري، حسب مصادر برلمانية، وكذا سعي رئيس المجلس الجديد السعيد بوحجة إلى "إرضاء المعارضة البرلمانية في توزيع مناصب هياكل البرلمان لتحضير مناقشة مخطط عمل الحكومة في آجاله"، كما يتجلى من الوضع السياسي الراكد "غياب أي ردود فعل حزبية تجاه الجبهة الاجتماعية" التي تشهد تململا في الآونة الأخيرة.

 

مقري يمنع قياديي حمس من التصريحات الإعلامية ويكتفي بـ"الفايسبوك"

 

حاولت "الرائد" في أكثر من محاولة الاتصال بالمكلف بالإعلام لحركة مجتمع السلم لمعرفة موقف الحركة من مستجدات الساحة الوطنية، إلا أنه "لا يرد"، وبدوره اعتذر القيادي فاروق طيفور، بينما يتفرغ رئيس الحركة عبد الرزاق مقري لتوضيح موقف حمس عبر "كتابات فايسبوكية" على صفحته الرسمية في مواقع التواصل الاجتماعي، وطغى الجانب الروحاني والتعبدي في كتابات ومواقف مقري خلال شهر رمضان، واكتفائه في بعض الأحيان بمواقف حول الحكومة الجديدة وقضية التضامن مع الكاتب الكبير رشيد بوجدرة التي كتب فيها "أنا كذلك متضامن مع بوجدرة الإنسان، والوقفات التضامنية ضد هذه القنوات ضرورية ولكن يجب أن تكون بوعي"، مضيفا: "لا يزال في العالم تيار يساري صادق نتقاطع معه في وجوب مجابهة الرأسمالية العالمية الاستعمارية الظالمة، ولكن وجوده في الجزائر يكاد يكون منعدما بسبب غلبة العلمانية الجاكوبينية غير الديمقراطية، ولو وجد فالتنسيق معه ضروري"، وفي أخرى، رده على الإعلامي حميدة عياشي بخصوص قضية بوجدرة.

فيما غاب عن كتابات رئيس حمس التعبير عن موقف الحزب من الأحداث الأمنية الأخيرة وما يحمله مخطط عمل حكومة تبون في الشق الاجتماعي والاقتصادي في ظل استمرار الأزمة المالية التي تتخبط فيها الحكومة، وكذا انعكاسات انهيار القدرة الشرائية على استقرار الجبهة الاجتماعية. فهل يكتفي مقري طوال شهر رمضان بالجانب الروحاني بعيدا عن مستجدات الساحة الوطنية وموقف حزبه منها.

 

طلائع الحريات تعقد اجتماعا لمناقشة الحكومة الجديدة فقط

 

بعد شهر من الانتخابات التشريعية و10 أيام بعد التعديل الحكومي، ناقش اجتماع المكتب السياسي لحزب طلائع الحريات، مؤخرا، نتائج التشريعيات وتأثيراتها على الحكومة الجديدة، ووجه حزب بن فليس انتقادات كبيرة وتفصيلية لشكل وتاريخ إعلان الحكومة الجديدة وتحدياتها، في ظل برلمان مطعون في شرعيته، بينما غاب عن بيان المكتب السياسي أي تلميحات حول الأحداث الأمنية الأخيرة والاجتماعية خصوصا مع شهر رمضان وامتحانات نهاية السنة.

وجاء في بيان المكتب السياسي أن "المؤسسة التشريعية أسقطت عنها تبرؤ الكتلة الناخبة كل شرعية وكل تمثيل وكل ثقة، وبتشكيل حكومة جديدة افتراضية شبيهة بالحكومات التي سبقتها خلال السنوات الأخيرة؛ بكل هذا، تظهر كل المؤسسات الأساسية للجمهورية في حالة انفلات متقدم"، مضيفا: "من المؤكد أن حالة الانفلات المؤسساتي الشامل هذه تمثل، في الوقت الحالي، التهديد الأساسي لدوام الدولة الوطنية، وكل نكران لهذه الحقيقة المؤكدة ليس سوى مخاطرة بتعريض بلدنا لمستقبل مأساوي"، وهي انتقادات تتعلق أساسا بفشل الحكومات في التنمية الاقتصادية وانعكاساتها على الجبهة الاجتماعية، بينما خلا بيان حزب بن فليس من أي إشارة سياسية لتوحيد العمل مع أقطاب المعارضة مثلما كان عليه الحال بعد رئاسيات 2014 وما بعدها.

 

أحزاب "الفاكسات" تدخل مجددا السبات السياسي إلى غاية المحليات

 

بعد انقضاء الانتخابات التشريعية ونتائجها، عادت غالبية الأحزاب إلى "سباتها السياسي" والتي لم تعقد حتى جلسة تقييمية لنتائج التشريعيات أو عقد ندوة صحفية لتبرير إخفاقها، وباستثناء حمس والعمال والأفلان والأرسيدي، لم يعقد أي من الأحزاب الأخرى ندوة صحفية بما فيها الأرندي لتحديد موقفهم من الانتخابات ونتائجها، ورغم أن أحزابا مثل جبهة المستقبل والتحالف الوطني الجمهوري والأفافاس وغيرهم تنافسوا ضد أحزاب كبيرة على مقاعد البرلمان، إلا أن الواقع يؤكد محدودية "نشاطهم الحزبي"، وفق مراقبين، والدليل عدم تسجيل أي رد رسمي من الأحزاب بشأن التعديل الحكومي ومخطط عمل الحكومة والتشريعيات. 

ولا يفصل الساحة الوطنية سوى 5 أشهر عن الانتخابات الملحية، إلا أن غالبية الأحزاب "خرجت في عطلة سياسية" مباشرة بعد التشريعيات، وتشير قراءات متابعين للشأن السياسي أن "تحضير المحليات يبدأ من طي ملف التشريعيات وإعادة تقييم الأداء السياسي للخطاب والتعبئة من أجل إنجاح الموعد القادم"، والملاحظ لنشاط الأحزاب في الآونة الأخيرة أنها "عادت إلى سباتها" بعد اخفاقها في كسب مقاعد في البرلمان.

 

أحزاب التيار الإسلامي تستغل رمضان سياسيا

 

رغم أن الدستور الجديد شدد وبوضوح على منع إنشاء الأحزاب على أساس ديني أو لغوي، إلا أن ممارسات الأحزاب ذات التوجه الإسلامي ترسخ نشاطها المشبع بالاستغلال السياسي للدين والمواسم الدينية على غرار شهر رمضان، وظهرت بعض الأحزاب التي تتصل بها جمعيات ذات طابع دعوي او المتعاطفة معها وهي تقوم بأعمال خيرية وسهرات رمضانية للعائلات، ويرى مراقبون أن هذا الاحتكاك الذي تستغله الأحزاب ذات التيار الإسلامي له أغراض حزبية واضحة خصوصا أننا على بعد أشهرا فقط قبل المحليات، فيما يستغل قياديو أحزاب التيار الإسلامي صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي في نشر نفحات رمضانية دينية وممارسة الدعوة، ويتربع رئيس حركة حمس على عرش الناشطين فايسبوكيا.

 

  

 

يونس بن شلابي 

من نفس القسم الحدث