الحدث

"إلغاء منصب وزير دولة دليل على تسلط القرار السياسي غير المؤسس"

الخبيرة في القانون الدستوري، فتيحة بن عبو، ليومية "الرائد":

 

 

أرجعت البروفيسور والخبيرة في القانون الدستوري، فتيحة بن عبو، أسباب إيجاد منصب وزير دولة ثم إلغائه في حكومة تبون الجديدة إلى "انفراد القرار السياسي بسلطة غير مؤسسة قانونيا"، وقالت الأستاذة بن عبو أن "النظم السياسية التي لم تصل إلى درجة دولة حديثة بمقاييس الدولة تكون السلطة السياسية فيها هي صاحبة سلطة التعيين دون محاسبة ودون رقابة وحتى دون سند قانوني"، وذكرت الأستاذة الجامعية أن "ما حدث في تعيين وزير السياحة والصناعة التقليدية وبعدها إلغاء أحكام تعيينه يؤكد تصحيح خطأ قانوني وليس إنهاء مهام بناء على أخطاء أو قرار سياسي".

 

في حكومة تبون الجديدة الكل لاحظ التخلي عن صفة وزير دولة التي حملها عدد من الوزراء في حكومات سلال السابقة، ما هي دلالات هذا الإلغاء؟

 

أعتقد أن كل الدول في العالم وأخص بالذكر الدول الحديثة توجد في حكوماتها منصب وزير أو منصب كاتب دولة وهذا المتعارف عليه، لكن في الجزائر نملك تصنيفا خاص بوجود منصب وزير دولة، وهو منصب فيه امتيازات وزير وصفة سياسية، لكن هذا المنصب ليس له صلاحيات وهيكلة مؤسساتية.

يمكن القول أن النظم السياسية التي لم تصل إلى مستوى دولة حديثة لا تزال تسير بأدوات القرون السابقة بامتلاك السلطة السياسية لمقاليد التعيين والتسيير دون رقابة أو محاسبة، وعدم نضج الدولة يركز الصلاحيات في أيدي أشخاص وليس مؤسسات، فمثلا في الدول الحديثة وبينها فرنسا التي التحقت مؤخرا بركب الدول الحديثة كل الوزراء قبل تعيينهم في مناصبهم يمرون على لجنة في البرلمان لامتحان كفاءتهم، وبالتالي سلطة التعيين الممنوحة دستوريا لرئيس الجمهورية هي إجراء فقط، لكن ميكانيزمات التعيين تتحكم فيها مؤسسات الدولة.

 

هل هذا الوضع يؤكد أن تعيين الحكومات لا يخضع لشروط قانونية وموضوعية؟

 

من الجانب النظري، تعيين وزير دولة في منصب يعني وجوده حقيقة ومهيكل وله صلاحيات مقننة وواضحة، لكن في الواقع لا يوجد وزارة دولة مهيكلة ولا صلاحيات منصوص عليها في القانون، وبالتالي يمكن القول أن المنصب سياسي ويمنح لأشخاص لإرضائهم وضمان بقائهم بالقرب من السلطة لأمر ما، ولذلك لا يوجد تفسير لمنح صفة وزارية غير متعارف عليها دستوريا ولا قانونيا في كل الدول.

في جانب ثان، الواضح أنه لا يوجد تسيير عقلاني للدولة من أجل تحديد ميكانيزمات التعيين المنصوص عليها ضمن صلاحيات رئيس الجمهورية، لذلك وجود مناصب وزارية وإلغاؤها يرجع على أسباب سياسية وليس دستورية وقانونية، وهذا الوضع لا يسمح بتطور النظام السياسي إلى مستوى دولة حديثة.

 

في المرسوم الرئاسي رقم 17-180 لتعيين الحكومة الجديدة، جاء مرسوم رئاسي آخر رقم 17-181 يليه يلغي أحكام سابقه المتعلق بتعيين وزير السياحة والصناعة التقليدية، قراءتكم للمرسومين؟

 

قانونيا، مصطلح إلغاء أحكام مرسوم أو قانون يعني عدم وجوده في الأصل وآثاره رجعية، وهذا المرسوم 17-181 الذي ألغى سابقه كان بناء على إجراء قانوني قد يكون بسبب خطأ، وهو نفي لعدم التنصيب، لكن يجب التأكيد أن إلغاء أحكام المرسوم لا يعني إنهاء المهام، لأن إلغاء مهام وزير يعني قرارا سياسي لوقف المهام بناء على أخطاء مرتكبة أو قرار سياسي لرئيس الجمهورية بحكم صلاحياته الدستورية.

وهذا يعود بنا إلى التسيير العقلاني للدولة بناء على مؤسسات وليس الولاء وإرضاء جهات وأشخاص بمناصب، ولذلك هذه الأخطاء لم نسمع بها سابقا رغم أن الجزائر كانت حديثة الاستقلال وكانت السلطة السياسية هي المتحكم في سلطة التعيين.

سألها: يونس بن شلابي

 

من نفس القسم الحدث