الحدث

صراع أحزاب الموالاة حول الأكثر "تمثيلا" داخل السلطة وغرضه "ليس انتخابيا"

الساحة السياسية تشهد اتهامات غير مسبوقة بين أويحيى وولد عباس

 

محلل سياسي: بن يونس يحاول استثارة الإسلاميين لكسب الوعاء الانتخابي للعلمانيين 

  

صنع التراشق بين أحمد أويحيى وجمال ولد عباس، "تباينا في الساحة السياسية"، فالبعض اعتبره شكلا من أشكال تنشيط الحملة الانتخابية وحماستها للاستئثار بتعاطف الناخبين، على غرار ما ذكر أويحيى بقوله أن "التراشق مثل داربي كرة القدم بين مولودية الجزائر واتحاد العاصمة"، بينما يعتبر محللون سياسيون أن "الغرض منه ليس انتخابيا بل هو خطاب داخلي في السلطة يبرز الصراع بين الحزبين حول الأكثر تمثيلا في السلطة"، فيما يرى المحلل السياسي، سالمي العيفة، أن "اتهامات عمارة بن يونس للإسلاميين هي محاولة للاستئثار بالوعاء الانتخابي العلماني".

وتعكس تصريحات الأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي، احمد أويحيى، ضد غريمه الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، جمال ولد عباس، الكثير من التساؤلات حول مستقبل الساحة السياسية فيما بعد التشريعيات، فأويحيى يعتبر "كلامه" مجرد حماسة وحملة انتخابية مقصودة، بينما ولد عباس يهدده بكشف الحقائق حول عدم قانونية الأرندي وأنه حزب مفبرك، وتعدت تصريحات أويحيى طابع التحفظ في بعض الأحيان حين قال: "إذا كان حزبنا مفبركا، فمن الواقعية أن نقول أن الأحزاب مصنوعة"، وفي أخرى "لم أقصد جمال ولد عباس بكلمة بابا نوال، وتجمعني به علاقة صداقة قوية"، فلمن هذا الوصف في وقت تتمحور الصراعات فقط في دائرة الأفلان الأرندي؟ يقول مراقبون.

ومن جهة أخرى، يرافع ولد عباس لملكية الأفلان للثورة والدولة ورئيس الجمهورية، ويعتبر أي مساس بحزب الأفلان هو مساس بالدولة وشخص رئيس الجمهورية، بينما يرد عليه أويحيى أن "الأرندي حزب وطني نوفمبري يساند الرئيس"، وهو ما جعل ولد عباس يعاود توجيه كلامه لأويحيى خصيصا "من نصحه بسبّ الأفلان في ولاية سكيكدة، أضرّ بالرجل وبالحزب"، وفي هذا الإطار، يقول المحلل السياسي، سالمي العيفة، أن "التراشق والصراع بين الأفلان والأرندي ليس غرضه انتخابيا بحكم أن وعاءهم الانتخابي ثابت وليس فيه رهان لكسب وعاء الآخر"، مضيفا: "هذا الصراع هو خطاب داخلي للسلطة وقد يكون غرضه من يكون أكثر تمثيلا داخل السلطة". ورجح الأستاذ الجامعي أن يكون "الخطاب السياسي في الحملة الانتخابية من الطبيعي هو تكثيف للعمل السياسي في مدة زمنية محدودة وتحفيز المواطنين للتصويت على قوائم الحزب"، معتبرا أن "الأحزاب الكبيرة والعريقة التي غالبا ما تنشط الحملات الانتخابية هي التي تعمل على إعطاء دفع للحملة الانتخابية وتحفيزها، على غرار الأفلان والأرندي وحمس". وذكر المحلل السياسي: "واضح أن الرهان متمركز على من هو أكثر قوة وتجنيد للمواطنين".

وفي السياق ذاته، أدرج المحلل السياسي، سالمي العيفة، خطاب الأمين العام للحركة الشعبية الجزائرية، عمارة بن يونس، واتهاماته المتمركزة ضد التيار الإسلامي ضمن "محاولاته الاستئثار بالوعاء الانتخابي للعلمانيين الذي صار مشتتا منذ سنوات". واعتبر سالمي العيفة أن "بن يونس دخل في صراع مع الإسلاميين بعد الموجة التي عرفتها قضية الترخيص لبيع الخمور حين كان وزيرا للتجارة، وهو ما جعله يستغل خطباه للتصادم معه". وفي تقييمه للخطاب السياسي خلال الحملة الانتخابية، قال المحلل السياسي إنه "بلا شك هناك صراع أيديولوجي بين بعض الأحزاب، وهي تستغل خطابها في هذا الجانب على عدة مستويات من أجل كسب متعاطفين من وعاء انتخابي معارض للآخر وجعلها وقودا لتنشيط الحملة الانتخابية".

 

العزوف نتيجة رواسب اقتصادية واجتماعية ولا تحله الحملة الانتخابية 

 

وفي جانب آخر، اعتبر الأستاذ في جامعة الجزائر-3، سالمي العيفة، أن "الحملة الانتخابية في بدايتها غالبا وطبيعيا أن تشهد بداية محتشمة وتنتهي بقوة، وهذا الأمر منوط بالأحزاب التقليدية لتنشيطها في الأسبوع الثاني، لأنها متعودة على المواعيد الانتخابية"، ولذلك "الصراع والخطاب السياسي بين الأحزاب يعمل على رسم الصورة الذهنية لدى المواطنين لكسب الأصوات والتعاطف مع قوائمه"، وأضاف: "لا يمكننا تقييم الحملة الانتخابية من منظور العزوف الانتخابي لأنه يجب التفريق بينه وبين المقاطعة السياسية للانتخابات"، مضيفا: "خطاب المقاطعة السياسية للانتخابات موجود في الساحة وتمثله أحزاب وناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، لكنه من الناحية الواقعية لا يملك برنامجا موازيا لبرنامج المشاركة في الانتخابات"، والأمر الثاني، هو أن "العزوف الانتخابي ظاهرة مصاحبة لكل المواعيد السابقة، وهو لا يتغذى من رواسب سياسية بل من رواسب اجتماعية واقتصادية وحتى ثقافية التي لا تستطيع نشر الوعي السياسي لدى المواطنين". وأضاف: "من هنا نقول أن العزوف الانتخابي لا تحله الحملة الانتخابية في حد ذاتها، بل يجب معالجته بتحقيق قفزة نوعية من خلال البرامج والحلول الاجتماعية الواقعية للمواطن"، مختتما: "طبيعي أن نشهد نسبة مشاركة ضعيفة في التشريعيات مقارنة بالانتخابات الرئاسية السابقة، لأن الأخيرة في نظر المواطن أكثر أهمية من البرلمان والمحليات".

يونس. ش 

من نفس القسم الحدث