الوطن
الأحزاب تدشن حملتها للتشريعيات بتأكيد تغول "الفساد الانتخابي"
في ظل خطابات متشابهة حول الفساد بين الأفلان والمعارضة المشاركة والمقاطعة
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 19 مارس 2017
• جيل جديد: التشريعيات هي هروب للأمام في ظل الاتفاق حول الانسداد
• حمس: لا يستطيع التغيير من يريد أن يبقى متفرجا وليس لاعبا
قبيل ثلاثة أسابيع عن الآجال القانونية لانطلاق الحملة الانتخابية، دشنت الأحزاب بما فيها الأفلان حملاتها الانتخابية لتشريعيات 4 ماي المقبل، بتصريحات نارية حول "تغول الفساد الانتخابي وشراء الذمم لصدارة القوائم"، كما أفرز "غربال الإدارة" إسقاط عشرات القوائم الانتخابية من مجموع 1088 قائمة مودعة بسبب "تزوير التوقيعات" وكذا "عدم قانونية القوائم وتحفظات قضائية حول المترشحين". وتبرز هذه المؤشرات الأولية عدة مخاوف لدى الطبقة السياسية والسلطة، بينها "زيادة العزوف الانتخابي" و"شكل البرلمان المقبل في ظل شراء الذمم والفساد الانتخابي والسياسي"، فيما ترى الأحزاب والشخصيات الوطنية المقاطعة للتشريعيات أن "هذا دليل ملموس على توصيفها الصائب لاستمرار الانسداد وتهديد مؤسسات الدولة عبر انتخابات مزورة مسبقا".
وحملت تصريحات أحزاب الموالاة بما فيها حزب جبهة التحرير الوطني "رسائل سياسية مهددة لتشريعيات 4 ماي المقبل"، فالأمين العام للحزب، جمال ولد عباس، كشف عن "ضغوطات فرضت عليه لتمرير أسماء في صدارة القوائم وتم رفضها لأنها تهدد رئاسيات 2019"، وهي إشارات قوية من مسؤول أكبر حزب في الجزائر، فيما عاد ولد عباس للتأكيد مرة أخرى على وجود "فساد مالي وسياسي وانتخابي" خلال مرحلة إعداد القوائم، تورط فيها أعضاء المكتب السياسي للأفلان بينهم سليمة عثماني وعبد الحميد سي عفيف، حسب مصادر إعلامية، رفقة نجله، أما أحزاب المعارضة (كانت منضوية في هيئة التشاور والمتابعة) المشاركة في التشريعيات فنددت مرارا بوجود تلاعبات ونية مسبقة لدى أحزاب السلطة لتزوير الانتخابات رغم تطمينات وزارة الداخلية.
أما حزب العمال وجبهة المستقبل، فطالبت الأمين العام لحزب العمال، لويزة حنون، باستقالة كل الوزراء المترشحين "تفاديا للتورط في استغلال أدوات الدولة لأغراض حزبية، واستغلال النفوذ لتزوير الانتخابات"، فيما اعتبر رئيس جبهة المستقبل، عبد العزيز بلعيد، "ظاهرة الرشاوى وشراء القوائم الانتخابية، وحتى شراء المناصب في الدولة، هي حقيقة موجودة منذ أمد طويل، ولا نستطيع نكرانها، وهي تؤثر على سيرورة العملية الانتخابية وتطعن في مصداقيتها"، داعيا الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات لكشف الخروقات وفضح المستور وكل من يجرؤ على ضرب مصداقية التشريعيات".
• جيل جديد: التشريعيات هي سياسة الهروب إلى الأمام من السلطة والأحزاب المشاركة
فمن جانبه، اعتبر رئيس حزب جيل جديد وعضو أوفياء أرضية مزفران، جيلالي سفيان، أن "توصيف الأوضاع الحالية للبلاد يتفق فيه الجميع والاقتراحات التي تطرحها التشكيلات السياسية يجب أن تنسجم مع التوصيف ولا تعاكسها"، وأضاف: "لا يمكن أن نضع خطابا يتحدث عن الفساد المعمم وانتخابات مزورة مسبقا وفي نفس الوقت تشارك فيها الأحزاب"، مضيفا: "هذا ليس منطقا، لأن الإسقاط على الواقع هو ما يجعل الجزائريين لا يثقون في السياسة والأحزاب، ويستنفرون منها"، في إشارة إلى زملائه السابقين في تنسيقية الانتقال الديمقراطي الذين شاركوا بقوة في تشريعيات 4 ماي المقبل.
ومن جهة ثانية، قال جيلالي سفيان: "البديل السياسي يأتي بعد حوار ونقاش جدي للتوصل مع الجميع إلى حلول توافقية والرجوع إلى آليات ديمقراطية"، مضيفا: "البديل السياسي ليس التلاعب بأصوات الشعب والانتخابات المزورة لأنها ليست الحل"، في إشارة إلى خطابات الأحزاب المشاركة في التشريعيات التي تحدثت عن عدم وجود بديل آخر فعال في الظرف الراهن قصد المقاطعة. واعتبر جيلالي سفيان أن "الواقع يؤكد وجود انسداد سياسي وسياسة السلطة مع الأحزاب المشاركة هي هروب للأمام لأن الوضع سيبقى على حاله بعد انتهاء الانتخابات".
وعن خطابات التخويف التي يعتمدها حزبا جيل جديد وطلائع الحريات رفقة الشخصيات الوطنية الداعية للمقاطعة، قال جيلالي سفيان: "الميزان السياسي لا يكون بعدد الأحزاب لأن العزوف السياسي عام، وبالتالي لا يمكن قياس وزن الأحزاب بهذا الشكل"، في إشارة إلى أن تواجد حزبين فقط مقاطعين ليس مقياسا لفشل المقاطعة. وأضاف: "الأحزاب هي عبارة عن أجهزة سياسية في ظل سلطة تستغل أدوات الدولة ومؤسساتها لصالحها، وذلك للوصول إلى مشاركة لن تتجاوز 20 في المائة"، مضيفا: "موقفنا معنوي وهو أقوى من كل مواقف الأحزاب المشاركة، لأنه في الأخير الشعب هو من يحكم على صواب الموقف أو خطئه"، مختتما: "الانتخابات النزيهة والشفافة هي فقط من تحدد وزن الأحزاب كقوى سياسية".
• حمس: نتقاطع في توصيف الأزمة مع المعارضة لكننا نرفض البقاء متفرجين
على صعيد آخر، أيّد القيادي في حركة مجتمع السلم، نعمان لعور، تصريحات الأحزاب بما فيها الموالاة عن "تواجد الفساد الانتخابي والسياسي في تشريعيات 4 ماي المقبل"، وقال بشأنها: "رغم معرفتنا بكل هذه الأمور، اخترنا المقاومة على حساب خيار أن نبقى متفرجين، لأن هذا الخيار لا يغير من الأمر شيئا". وأضاف: "من لا يشارك في الانتخابات وفي المؤسسات المنتخبة يبقى متفرجا ولا يملك أدوات الرقابة ولا يملك المعطيات لمحاربة الفساد". واعتبر نعمان لعور أن "مشاركتنا في الانتخابات هي خيار عملي وليس مبنيا على تصورات نظرية، والذين قاطعوا كانت من دواعيهم الفشل في تحقيق شروط المادة 94 من قانون الانتخابات"، في إشارة إلى شرط نسبة 4 في المائة لدخول الانتخابات أو جمع التوقيعات.
وعن تزامن خطاب ولد عباس (الأفلان) حول الفساد الانتخابي والسياسي في وقت لا يفصل الأحزاب سوى 21 يوما فقط عن الحملة الانتخابية، قال نعمان لعور: "ما دام أن الموالاة تصرح بهذا الشكل فإنه من المفروض أن لا تبقى هذه التصريحات مجرد كلمات للاستهلاك، بل يجب أن تؤخذ إجراءات عملية وواقعية". وأضاف: "ولد عباس بتصريحاته يرسم وجود الفساد وهو يعرف محيطه والمتسببين فيه، لذا عليه أخذ إجراءات ملموسة والتحرك في هذا الشأن"، في إشارة إلى رفع دعاوى قضائية وإخطار الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات حسب ما ينص عليه قانون الانتخابات.
ومن جهة ثانية، قال القيادي في حمس أن "الموالاة عموما يخدمها عدم المشاركة في الانتخابات بحكم أن الناخبين المتذمرين من الأوضاع الحالية لن يصوتوا، وبالتالي فهي تربح الداعمين لها فقط للفوز"، مضيفا: "إبعاد الناس عن الانتخابات يخدم أحزاب الموالاة في الانتخابات، وهذا واقع موجود ونعرفه بتجربتنا". واعتبر المتحدث أن "معركتنا ليست المعارضة (المقاطعين مع المشاركين) لأن كليهما خيار ومن حق كل واحد الدعوة إلى خياره"، في قراءته لخرجات بن فليس وأوفياء ندوة مزفران، مضيفا: "من اختار أن يكون لاعبا فهو حقه ومن اختار أن يكون متفرجا فهو حقه، لكن التغيير لن يكون بالمقاطعة وهذا أمر طبيعي نعرفه من تجربتنا".