الوطن

الأحزاب تغرق في العمل التقني قبل 20 يوما عن الحملة الانتخابية

ولا حزب سطر برنامجا انتخابيا مع متصدري القوائم

 

محلل سياسي: الأحزاب تملك وعودا وليس برامج انتخابية
سعيدي: عزوف المناضلين أخطر من العزوف الانتخابي 
 
زرعت أرقام وزارة الداخلية "مخاوف كبيرة من توسع ظاهرة العزوف الانتخابي"، في ظل نسبة 42 في المائة من المترشحين الذين لا يملكون مستوى جامعيا، وكذا تصاعد "اتهامات صريحة" لتعامل الأحزاب بالشكارة وشراء الذمم والأصوات. ورغم أن الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات "لم تحرر" أي تقارير لخروقات متعلقة بالمال الفاسد وعدم احترام قانون الانتخابات، إلا أن "العدالة ومن ورائها الإدارة نجحت إلى حد الآن في إسقاط عشرات القوائم". ووسط هذه المؤشرات "لا تزال الأحزاب بعيدة عن العمل السياسي الميداني لتنشيط القواعد وتحضير برنامج انتخابي فعال" قبيل 20 يوما فقط عن انطلاق الحملة الانتخابية.
وسألت "الرائد" عددا من الأحزاب ومحللا سياسيا عن ظاهرة الفساد السياسي وتأثيراته على المشاركة الشعبية في تشريعيات 4 ماي 2017، وكذا حول نشاط الأحزاب الميداني ووضع برامج انتخابية وعدم اكتفائها بتفاصيل تقنية في الرد على طعون الإدارة.
 
حزب التجديد: الشكارة وشراء الأصوات "جريمة منظمة" 
من جانبه، دعا رئيس حزب التجديد الجزائري، كمال بن سالم، إلى "اعتبار ظاهرة الفساد السياسي وشراء الأصوات وصدارة القوائم ضمن الجريمة المنظمة". وقال بن سالم: "ظاهرة الرشوة والتعامل بالشكارة في الانتخابات أصبحت تنخر العمل السياسي في الجزائر وتأثيرها كارثي على مؤسسات الدولة، لذلك يجب تصنيفها ضمن الجريمة المنظمة". وأضاف: "من يراقب الحكومة ويشرّع باسم الشعب هو نفسه من اشترى القوائم وأصوات الناخبين، وحتى أنه اشترى ذمم أصوات مناضلين آخرين في أحزاب منافسة وأحرقها"، مضيفا: "هؤلاء ناس لا علاقة لهم بالسياسة، والذي لا علاقة له بالسياسة ويتم وضعه في البرلمان ماذا تنتظر منه". وجدد بن سالم دعوته للسلطات المعنية بفتح تحقيقات في هذه  الظواهر حفاظا على مصداقية الانتخابات وتفاديا للعزوف الانتخابي، وقال بشأنها: "هذا شيء خطير، والأمور باتت واضحة في التعامل بالشكارة".
وعن تحضيرات حزبه، قال بن سالم: "الداخلية رفضت قائمة برج بوعريريج بسبب ازدواجية التوقيعات، أما باقي التحفظات فكانت إدارية وتقنية فقط"، مضيفا: "سنتواجد في 10 ولايات بقوائمنا". وعن تحضيرات حزبه للحملة الانتخابية، قال المتحدث: "أجرينا عدة لقاءات مع متصدري القوائم، وسأتنقل إلى الولايات لتوضيح الخطوط العريضة للبرنامج الانتخابي في الأيام القادمة"، مضيفا: "سنركز على الملفات الاقتصادية والاجتماعية في البرنامج الانتخابي، خصوصا أن المواطن الجزائري يعاني من الأزمة الحالية".
 
حمس: أخطر العزوف الانتخابي "مقاطعة المناضلين" لأحزابهم
أما على صعيد تحالف حركة مجتمع السلم وجبهة التغيير، فقال القيادي في الحركة، عبد الرحمان سعيدي، أن "ظاهرة الرشوة والشكارة التي طغت على وضع القوائم ستنعكس على المشاركة الشعبية في التشريعيات". وأضاف: "سيكون كذلك انعكاس على العزوف الانتخابي من جانب الناخبين وحتى مناضلي الأحزاب". واعتبر سعيدي أن "ما نراه من احتجاجات في كثير من الأحزاب أخطر من ظاهرة العزوف الانتخابي، لأن عزوف المناضلين عن المشاركة في الحملة الانتخابية لأحزابهم والتزامهم بيوتهم سيكون تأثيره أخطر". ولمح الرئيس السابق لمجلس الشورى الوطني لحمس إلى "المشاكل التي عاشتها الحركة في إطار التحالف مع جبهة التغيير وتنحية متصدر قائمة العاصمة لصالح رئيس جبهة التغيير". وقال: "أسلوب تعامل قيادات الأحزاب مع القوائم لم يجسد إرادة المناضلين وظهرت قوائم مختطفة وقيصرية"، وأضاف: "كيف يكون متصدر قائمة هو رئيس حزب، فهل سينظم حملة انتخابية وطنية أم ولائية"، في إشارة إلى عدة رؤساء أحزاب بينهم مناصرة وحنون. وبرر سعيدي موقفه قائلا: "كيف تفرض متصدري القوائم على القاعدة ويتم وضع وزير أو رئيس حزب على حساب مناضلي الولاية"، مستدركا: "التشريعيات في مبدئها هي انتخابات محلية رغم طابعها الوطني".
وعن غرق الأحزاب في وضع القوائم في وقت لم يتبق سوى 20 يوما عن انطلاق الحملة الانتخابية، قال سعيدي: "يفترض أن الأحزاب قبل دخول الانتخابات تكون لديها خطوط عريضة لبرامجها، والبرنامج يأخذ البعد المحلي". وأضاف: "حتى التحالفات على غرار تحالف حمس والتغيير ما نلاحظه هو تواجد مناضلي الحركة فقط في الميدان"، وأضاف: "من المفروض على مناصرة مرافقة مقري في الميدان".
 
جبهة المستقبل: وعي الشعب سيقف ضد تأثير الفساد على العزوف الانتخابي
على صعيد حزب جبهة المستقبل، قال رئيس لجنة الإعلام، رؤوف معمري، إن "ظاهرة الفساد السياسي والتعامل بالشكارة لدى بعض الأحزاب ستؤثر في التشريعيات المقبلة، رغم أنها ظاهرة متفشية في السياسة". وأضاف: "إذا كان الناخبون واعين بهذه الظواهر المتورطين فيها من الأحزاب والأشخاص، فسيكون تأثيرها محدودا". واعتبر المتحدث أن "جبهة المستقبل رشحت مناضليها ولم تفرض رؤوس قوائم من خارج الحزب".
ومن جهة ثانية، قال معمري: "تلقينا 4 ردود من وزارة الداخلية حول مترشحين في 4 ولايات، وسيتم الفصل فيها غدا من المحاكم الإدارية"، وأضاف: "أحد الطعون متعلق بمتصدر قائمة أدرار وموضوعه الرفض بسبب حشو في الجنسية"، مضيفا: "لم نفهم هذا الرد من مصالح ولاية أدرار". واعتبر المتحدث أن "البرنامج الانتخابي للحزب في التشريعيات سيتم تسطيره خلال اجتماع رئيس الحزب مع متصدري القوائم اليوم (أمس الجمعة) بمقر الحزب". وأضاف: "رئيس الحزب عبد العزيز بلعيد لديه لقاء مع متصدري القوائم ومع النساء المتصدرات في بعض القوائم لوضع البرنامج والخطاب السياسي المعتمد خلال الحملة الانتخابية".
 
قار علي: المواطن يرفض تزكية قوائم صنعتها "الشكارة"
 
اعتبر المحلل السياسي، إبراهيم قار علي، أنه "يُفترض على كل الأحزاب وضع برامج انتخابية تتناسب مع المواعيد الانتخابية وليس الاكتفاء بالبرامج السياسية المقدمة عند تأسيسها". وأضاف: "على الأحزاب السياسية الاجتهاد في المواعيد الانتخابية ووضع برامج انتخابية لتجسيدها في حال التواجد بالبرلمان". وانتقد النائب السابق سلوكيات الأحزاب مع اقتراب الموعد الانتخابي "حتى لا أقول للأحزاب بما فيها الكبيرة أنها لا تملك برامج انتخابية فإنه يفترض بها تقديم وعود انتخابية حقيقية".
وفي نقطة ثانية، قال قار علي: "كل الأحزاب السياسية صارت دون برامج انتخابية، بما في ذلك الأحزاب ذات الأغلبية البرلمانية، فهي سرعان ما تتخلى عن برامجها لتتجند فيما بعد لتنفيذ البرنامج الرئاسي الذي أصبح يدخل ضمن المخطط الخماسي"، مضيفا: "صحيح أن الإشكالية متعلقة في الدرجة الأولى بطبيعة النظام السياسي المغلق الذي يستحيل الحديث عن برنامج انتخابي برلماني"، معتبرا أن "الساحة الوطنية وصلت إلى مرحلة أن الأحزاب ذات الأغلبية البرلمانية أصبحت تتكاسل وتخفي تكاسلها بالبرنامج الرئاسي".
وعن ظاهرة الفساد السياسي وشراء الأصوات وصدارة القوائم، قال المحلل السياسي: "في السابق كان الأمر لا يتعدى بعض الحالات المعزولة والتي يمكن معالجتها في الحين، ولكن للأسف فقد انتشرت وعمت ظاهرة بيع القوائم الانتخابية أو المراتب الأولى في قوائم المترشحين". وأضاف: "الرأي العام مطلع على مختلف أخبار الرشاوى التي يكون قد أخذها المسؤولون الحزبيون وأقاربهم من المترشحين، وهذا يجعل المواطن وخاصة الناخب يعزف عن الحملات الانتخابية والتصويت"، مضيفا: "ما جدوى الانتخاب في نظر المواطن إذا ما كان المترشح قد اشترى رأس القائمة، إنه لا يريد في النهاية أن يكون شاهد زور يزكي التزوير".
 
يونس بن شلابي

من نفس القسم الوطن