الوطن

قانونيون: جمود هيئة دربال "سياسي" وليس "قانونيا"

بعد فضائح المال الفاسد والرشاوى في الترشح وترتيب قوائم التشريعات

 

رخيلة: لا يوجد فراغ أو قصور قانوني يعطل ممارسة صلاحيات الهيئة

بن عبو: على الهيئة تفسير النصوص القانونية ولا تبقى مكتوفة الأيدي

 

 

لخص قانونيون "غياب الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات" عن ممارسة صلاحياتها في التصدي للخروقات والأحداث التي سادت المرحلة الأولى للعملية الانتخابية، بأنه "جمود سياسي في عدم تحركها وليس هناك أي فراغ أو قصور قانوني في قانونها العضوي أو مواد الدستور". وذكرت الخبيرة في القانون الدستوري، فتيحة بن عبو، أن "تفسير النصوص القانونية هو من يمنح الهيئة فعالية في ممارسة صلاحياتها"، في حين اعتبر الخبير القانوني والدستوري، عامر رخيلة، أن "جمود الهيئة محل تساؤل باعتبار أنها تملك الآليات القانونية للتحرك والأدوات السياسية للتدخل وإثارة كل الأمور المتعلقة بالعملية الانتخابية".

 فمنذ إنشاء الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات بمقتضى القانون العضوي رقم 16-11 المؤرخ في 25 أوت 2016، وبعد عدة ندوات صحفية وتصريحات إعلامية لرئيس الهيئة، عبد الوهاب دربال، حول صلاحيات الهيئة ودورها وكذا عملها مع الأحزاب والعدالة والإدارة، يتساءل مراقبون عن "حالة الجمود" التي أصابت الهيئة في ظل حدوث العديد من التجاوزات والخروقات في المرحلة الأولى من العملية الانتخابية التي انطلقت مع استدعاء الهيئة الناخبة بتاريخ 4 فيفري الفارط، وما رافق عملية جمع التوقيعات ووضع القوائم وترتيبها لدى كثير من الأحزاب، خصوصا الفضائح داخل الأفلان والحديث عن اكتساح المال الفاسد للقوائم وتصريحات الأمين العام للحزب.

"الرائد" سألت الخبيرة في القانون الدستوري والأستاذة في جامعة الجزائر، فتيحة بن عبو، وكذا الخبير القانوني وعضو المجلس الدستوري سابقا، عامر رخيلة، حول مدى تلاؤم النصوص القانونية المحددة لعمل وصلاحيات الهيئة خلال التنفيذ، وكذا غياب الهيئة عن عدة حالات لخروقات في المرحلة الأولى من العلمية الانتخابية دون تسجيل أي تحرك من جانبها.

 

بن عبو: هيئة دربال تحتاج الشجاعة والإرادة لتفعيل صلاحياتها 

 

قالت الخبيرة في القانون الدستوري، فتيحة بن عبو، أن "مواد الدستور والقانون العضوي لهيئة مراقبة الانتخابات هي مواد باختصاص واسع وصلاحيات عامة وليست محددة، ولذلك تحتاج تفسيرا لنصوصها حتى تكون ذات فعالية وتجعل الهيئة ناشطة وفعالة في العلمية الانتخابية". وأضافت بن عبو: "المواد القانونية المتعلقة بالهيئة عامة وعلى الفاعلين السياسيين ورئيس الهيئة الاجتهاد في تفسيرها حتى يجعلوها قابلة للتطبيق الواقعي"، مضيفة: "في حالة بقاء الهيئة في إطارها وعدم تحركها في العلمية الانتخابية واستغلال صلاحياتها، لا يمكن الحديث عن انتخابات شفافة ونزيهة وذات مصداقية". واعتبر بن عبو أن "الهيئة تحتاج إلى إرادة أكثر من الانغلاق على نفسها والابتعاد عما يجري في الساحة السياسية المتعلقة بالعملية الانتخابية".

وعن حالات الخروقات التي نشرتها وسائل إعلام بخصوص فضيحة الأفلان وأحزاب أخرى انتشرت فيها اتهامات بتلقي الرشوة وتبوؤ صدارة القوائم عبر المال الفاسد، قالت بن عبو: "من اختصاصات الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات التدخل في أي شيء يمس العملية الانتخابية وإخطار النائب العام لفتح تحقيق". وأضافت: "حتى في بداية الأدلة يمكن للهيئة إخطار النائب العام أو وكيل الجمهورية وعدم الاكتفاء بجمع الأدلة الدامغة"، مضيفة: "القضاء هو من يواصل التحقيق في صحة الأدلة ومتابعة سير التحقيق، وهذا بغرض حماية العملية الانتخابية".

وعن فعالية النصوص القانونية للهيئة (الدستور والقانون العضوي) خصوصا بعد مرور شهر ونصف على بداية العملية الانتخابية وغياب الهيئة عن المرحلة الأولى، قالت بن عبو: "للأسف قراءة صلاحيات هيئة مراقبة الانتخابات تظهر أنها نصوص عامة وغير محددة وصلاحياتها غير فعالة ولا تسمح لأعضائها بالتدخل بأريحية، ومثال الأفلان واضح في هذا الشأن". وأضافت: "إذا أكلمت الهيئة عملها بهذا الشكل فهي لن تكون سوى مجرد ديكور وشكليات لا تفيد في نزاهة الانتخابات ولا في مصداقيتها شيئا". 

 

رخيلة: جمود هيئة دربال ليس مسألة فراغ أو قصور قانوني 

 

اعتبر الخبير الدستوري والقانوني، عامر رخيلة، أن "النصوص القانونية للقانون العضوي لهيئة مراقبة الانتخابات والنصوص الدستورية كافية لأن تقوم بمهامها وعملها بالإشراف على تنفيذ قانون الانتخابات"، مضيفا: "الجمود الذي يصيب هيئة مراقبة الانتخابات ليس مسألة فراغ أو قصور قانوني". وأرجع رخيلة غياب الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات عن أداء دور فعال في المرحلة الأولى من العملية الانتخابية إلى عدة أسباب، بينها أن "هذه الهيئة على غرار بعض الهيئات غير مؤهلة في الاتصال المؤسساتي"، وكذا "في ظل حدوث عدة تجاوزات وخروقات وتسجيل كثير من التصريحات لرؤساء أحزاب واحتجاجات، ولم تتحرك ولم تسجل أي رد فعل أو موقف أو عرض قضايا محددة أو اقتراح حلول أو إثارة قضايا أخرى"، وهو "ما يجعلنا نتساءل عن هذا الجمود"، يضيف الأستاذ رخيلة.

وذكر المحلل القانوني والسياسي أنه "إذا أدرجنا الرشوة الانتخابية، على غرار ما يعرف بأثرياء الحرب ضمن القانون، فإن على الهيئة التحرك لأن الأمور صارت مفضوحة"، مضيفا: "الانتخابات خاضعة لقاعدة المال الفاسد (الشكارة)، فالأمر لم يبق مجرد حديث، فالمال الفاسد لعب دوره مثل كل الانتخابات السابقة في وضع القوائم والترتيب". وعن حادثة الأفلان، قال رخيلة: "المكتب السياسي للحزب واللجنة المركزية قاموا بمجاراة ما يجري خلال المرحلة الأولى من الانتخابات، وتركوا ولد عباس يدلي بتصريحات متناقضة حتى صار واضحا أن القيادة متجسدة في شخص واحد"، معقبا: "هذه مسؤولية سياسية، أين مؤسسات الحزب؟". واعتبر أن "لا الأحزاب ولا السلطة تستنكر ما يجري، لأن نمط الانتخابات على القاعدة النسبية هو من يحدد النتائج".

وختم رخيلة: "ما دام لا توجد نية لإعادة تعديل القانون المنظم للدوائر الانتخابية على أساس الدوائر الإدارية وترك الأمور في يد الولايات، فإن المنطق السائد في الترشيح والترتيب سيكون العروشية والمال الفاسد وزعزعة القيادات الحزبية وتكريس تهميش الكفاءات والطاقات الشبانية في المجالس المنتخبة".

 

يونس بن شلابي 

من نفس القسم الوطن