دولي
احتمالات حرب رابعة على قطاع غزة
القلم الفلسطيني
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 05 مارس 2017
يتزايد في الآونة الأخيرة الحديث عن وجود توجه إسرائيلي قوي لشن حرب رابعة على قطاع غزة، ولاسيما بعد أن نشر "يوسف شابيرا" مراقب "إسرائيل" تقريره عن الحرب الثالثة على قطاع غزة عام 2014، التي كانت الأطول زمنيا حيث استغرقت 51 يوما، ويتهم التقرير الحكومة الإسرائيلية بأنها دخلت في الحرب مع "جيش متفاجئ من الأنفاق والعمل"، دون أن تكون لديها خطة حرب جاهزة. في ظل الحديث عن تزايد احتمالات الحرب على قطاع غزة، المدعوم بمؤشرات وأسباب منطقية، ثمة عوامل سنستعرضها لاحقا في المقال، قد تحول دون وقوع هذه الحرب. قبل ذلك، نتطرق فيما يلي إلى أهم أسباب ودوافع إسرائيلية للقيام بحرب رابعة على قطاع غزة خلال الفترة القليلة المقبلة. احتمالية قيام الكيان الصهيوني بشن حرب رابعة على قطاع غزة، مسنودة بعوامل، أهمها: محاولة نتنياهو الحفاظ على سلطته، وحكومته والحيلولة دون انهيارها، حيث إن خسر السلطة يصعب عليه استعادتها مستقبلا، إن لم يكن مستحيلا، نظرا إلى أزمات مستعرة تهدد حاضره ومستقبله السياسي. سعي نتنياهو تصدير أزمته الداخلية والتهرب من نتائج تحقيقات الشرطة معه بشأن ملفات عديدة. التهرب من تداعيات تقرير مراقب الدولة، وحرف الأنظار عنه إلى حدث أكبر. إعادة الاعتبار للجيش الإسرائيلي وهيبته المكسورة. منع المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة حماس من مواصلة تقوية بنيتها العسكرية وتطويرها. ضغوط الأحزاب اليمينية المتطرفة المشاركة في الائتلاف الحكومي وابتزازاتها اللامتناهية قد تدفع باتجاه اختيار خيار الحرب.
إلى جانب العوامل التي تعزز فرص شن عدوان جديد على قطاع غزة، والتي توجب أخذ هذا الاحتمال بجدية والاستعداد له على كافة الأصعدة، ليس عسكريا فحسب، هناك ثمة عوامل أخرى في الاتجاه المعاكس، تقلل فرص شن مثل هذه الحرب، نتناول أهم تلك العوامل فيما يلي: أولا، رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي يمر بموقف لا يحسد عليه، يعرف قبل غيره أن أي حرب جديدة على قطاع غزة لا تنهي سيطرة حركة حماس على هذه المنطقة عبر دخول قوات إسرائيلية إليها واحتلالها مجددا، ليست حربا تعيد له ولجيشه المقهور ماء الوجه والاعتبار الضائع، لذلك من شأن أي حرب لا تحقق هذا الهدف، وهو من المستحيلات إن لم يكن من سابعها، أن تزيد من الإخفاقات والتحديات والهزائم، وأنها بكل تأكيد ستطيح بالحياة السياسية لنتنياهو إلى أبد الآبدين، لذلك سيحسب رئيس الوزراء الإسرائيلي ألف حساب شخصيا لاتخاذ القرار لشن حرب رابعة غير مضمونة النتائج على منطقة، تحتها ثكنات عسكرية غير مكشوفة وممتدة إلى الداخل الإسرائيلي، وحبلى بمفاجئات من العيار الثقيل في أي مواجهة قادمة، تشكل كابوسا مخيفا للقادة الإسرائيليين، وفي ظل انعدام استراتيجية إسرائيلية واضحة لمواجهة هذا السلاح الاستراتيجي لحركة حماس، فإن شن حرب جديدة على غزة لن تكون مختلفة عن سابقاتها من حيث النتائج للكيان الصهيوني، وهذا ما يؤكد عليه الكاتب "ناحومبرنباع" في تعليق بصحيفة يديعوت أحرونوت على تقرير المراقب الإسرائيلي حول حرب 2014، حيث يقول: "لو أننا غداً دخلنا في مواجهة عسكرية جديدة مع غزة فإن هذه المواجهة ستدار كما الحرب السابقة". ثانيا، قبل شن أي عدوان جديد على قطاع غزة في ظل هذه الظروف الإقليمية والدولية المضطربة، لا بد أن تكون هناك حسابات إقليمية ودولية حاضرة وبقوة لدى الكيان الإسرائيلي خلال عملية اتخاذ القرار، على رأس هذه الحسابات تأتي أولويتان مهمتان، هما: الأولوية الأولى لإسرائيل في المنطقة اليوم هي تشكيل جبهة عربية إسرائيلية أو "الناتو العربي الإسرائيلي" هدفها المرحلي مواجهة إيران، لكن غاياته أبعد من ذلك، وهذا يحدث بعد أن خطت عملية تطبيع العلاقات العربية ولاسيما الخليجية مع "إسرائيل"، خطوات متقدمة جدا. خلاصة القول إن شن الحرب الرابعة على قطاع غزة في هذا التوقيت، يبدو مصلحة شخصية لنتنياهو كخيار للهروب إلى الأمام، وفي المقابل إن عدم شن مثل هذه الحرب في الوقت الحاضر يُفترض أن يمثل مصلحة لإسرائيل في ظل الأولويات الإسرائيلية الإقليمية التي تحدثنا عنها، الآن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة، أنه هل يكون رئيس الوزراء الإسرائيلي مستعدا للتضحية بمصلحته الشخصية تحقيقا للمصلحة الإسرائيلية في هذا التوقيت، أم أنه يضحي بالأخيرة في سبيل ما يبدو مصلحة شخصية له. على الأغلب الأيام والأسابيع القادمة ستجيب على هذا السؤال، وستكشف أي المصلحتين الأكثر تفضيلا لدى بنيامين نتنياهو. كما أنه يجب أن لا نغفل أن تطورات الميدان على حدود غزة لها كلمتها العاجلة والمختلفة أحيانا عن ما يدور في أذهان صناع القرار في الكيان الصهيوني أو في قطاع غزة، وهي لا تخضع كثيرا لحسابات مسبقة للطرفين، ومدى استعدادهما للدخول في المواجهة، فربما الميدان يفرض حربا لا يرغب الجانبان بخوضها.
صابر عنبري