الوطن

قوائم الأحزاب وصراعاتها تزيد المخاوف من توسع العزوف الانتخابي

الأرندي، العمال والأفلان جددوا لنوابهم، مقري يتحدى مناضليه ورجال المال يكتسحون القوائم

فراد: لا فرق بين ممارسات السلطة وممارسات قيادات الأحزاب

  
طغت على الساحة السياسية، منذ استدعاء الهيئة الناخبة وفتح الآجال القانونية لوضع قوائم المترشحين، "الصراعات الداخلية للأحزاب" على المشهد الانتخابي، فرئيس حركة حمس دخل في مناوشات مع مناضليه بالعاصمة، وانتهت بفرض قراره في تحديد متصدر القائمة، والأفلان عرف مناوشات بفندق المونكادا ببن عكنون لمدة تجاوزت أسبوعين، انتهت برضوخ ولد عباس أمام نواب حاليين مثيرين للجدل، والأرندي جدد ترشح 90 في المائة من النواب رغم الانتقادات الكثيرة للبرلمان الحالي، في حين تسابقت الأحزاب الناشئة للبحث عن رجال المال قصد منحها صدارة القوائم مقابل مفاوضات "مالية"، حسب مصادر متطابقة. ووسط كل هذه المعطيات، يتساءل مراقبون عن تزايد مخاوف الفاعلين في الساحة السياسية (الحكومة والأحزاب) من توسع العزوف الانتخابي، فمن سيتحمل مسؤولية فشل تشريعيات 2017 في استقطاب نسب محترمة من المشاركة الانتخابية؟ .
 
وأخذت قضية الصراعات داخل الأحزاب "منعرجا كبيرا" في الساعات الأخيرة لإيداع ملفات الترشح عبر إقصاءات ومناوشات تم تداولها على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي "الفايسبوك ويوتوب". وذكرت المصادر أن "إغماءات حدثت في فندق المونكادا وسط نواب حاليين في الأفلان واشتباكات بالأيدي، في حين انتهى صراع مقري مع المكتب الولائي للعاصمة بفرض قراره على حساب القاعدة وتعيين مناصرة مكان ڤانة على رأس القائمة. وسألت "الرائد" حزبي العمال والأرندي عن تأثيرات صراعات الأحزاب وتجديد عهدة النواب على العزوف الانتخابي في تشريعيات 4 ماي المقبل.
 
الأرندي: لسنا نساهم في العزوف الانتخابي بتجديد ترشح النواب الحاليين 
 
فحزب الأرندي أعاد تجديد الترشح لنسبة 90 في المائة من النواب الحاليين والسابقين وسيناتورات بحجة "التجربة والكفاءة والتمرس على العمل النيابي". وقالت النائب فوزية بن سحنون ليومية "الرائد" بأن "تجديد الترشح لعهدة ثانية يعود أساسا إلى رغبتها وخضوعها لشروط الترشح حسب لوائح الحزب". وأضافت: "الترشح على مستوى الأرندي منذ تأسيسه هو في تحسن مستمر، وهذه الخطوة لإعادة التجديد دليل على ذلك"، مضيفة: "في شروط الحزب للترشح أن يكون المترشح على علاقة بالمناضلين ولديه كفاءة، ولا أعتقد أن الأمين العام أحمد أويحيى يجدد لأناس فقدوا ثقة المناضلين"، مستدركة: "لدينا 36 نائبا من بين 70 حاليين أعادوا تجديد الترشح والباقي إما انسحبوا وإما أسقطت أسماؤهم".
وفي نقطة ثانية حول تحمل الأحزاب لمسؤوليتها في تشريعيات 4 ماي المقبل، في حالة استمرار العزوف الانتخابي، قالت بن سحنون: "صحيح هذا البرلمان كان محل انتقاد واسع خلال العهدة الحالية، لكن يجب تخصيص الأشخاص محل الانتقاد وليس التعميم"، مضيفة: "ما دام الانتقاد موجها لكل النواب فلماذا يرحبون بتجديد عريبي (الاتحاد) ونواب العمال وينتقدون تجديد الأرندي والأفلان؟"، وأضافت: "نحن لا نساهم في العزوف الانتخابي، فالمناضلون معنا ولدينا وعاء انتخابي حافظنا عليه". وذكرت بن سحنون: "أنا امرأة مثل النائب لويزة حنون وغيرها، وكل منا لديه خطابه السياسي وكل يحاسب على حصيلته". واعتبرت بن سحنون أن حصيلتها في عهدة 2012-2017 "إيجابية".
وختمت بن سحنون أن "ظاهرة العزوف الانتخابي لا تتعلق بالأحزاب فقط، بل الكثير من الدول العربية والغربية لديهم عزوف وهو متعلق بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية". وأضافت: "في الجزائر العزوف موجود منذ سنوات وليس وليد البرلمان الحالي، وهذا ليس سببا لتحميل الأحزاب والنواب مسؤولية العزوف".
 
العمال: حصيلة نواب الحزب الإيجابية وراء تجديد ترشحهم 
 
ومن جهته، دافع رئيس الكتلة البرلمانية لحزب العمال، جلول جودي، عن خيارات حزبه في تشريعيات 2017 والقوائم التي وضعها: "لدينا قوائم في كل الولايات وأنهينا ترتيبها واليوم (أمس الأحد) سنقوم بإيداعها جميعا في كل الولايات"، وأضاف: "ليست لدينا مشاكل في جمع التوقيعات في الولايات الثماني المعنية، لذلك الحزب يعمل في صمت وهدوء لإنهاء العملية". وأجاب جودي عن سؤال يتعلق بغموض عملية وضع القوائم خصوصا أن اللجنة الوطنية هي التي تكفلت بترتيبها ووضع متصدريها، وقال: "نحن في الميدان نعمل ونتم آخر الروتوشات وإتمام الإجراءات، وبالتالي فالعمل جار في هدوء وليس لدينا مشاكل بخصوص ذلك"، في إشارة إلى الصراعات والمشاكل السائدة في كل الأحزاب عشية إيداع الملفات وحين ترتيب القوائم.
وعن تحمل الأحزاب لمسؤوليتها في حالة تزايد العزوف الانتخابي بسبب الانتقادات الحادة للعهدة التشريعية الحالية وتجديد النواب لترشحهم، قال جودي: "لدينا تجديد للنواب الذين أنجحوا عهدة الحزب النيابية، بينهم قوادرية في ڤالمة وتهامي في وهران ويفصح في تيزي وزو وخان في الشلف، وهذا يبرهن على نجاح الحصيلة". وأضاف: "الناس كلها تشهد بنجاح الكتلة البرلمانية للحزب في تقديم حصيلة إيجابية، ولم نكن ضد مصالح المواطنين خلال قوانين المالية السابقة وغيرها".
 
محلل سياسي: ممارسات الأحزاب ستكون السبب الرئيسي للعزوف الانتخابي 
 
أما المحلل السياسي، أرزقي فراد، فاعتبر أنه "لا فرق بين ممارسات السلطة وممارسات الأحزاب، بدليل أن قياداتها تعرقل خيارات القاعدة النضالية وتضايقها وضدها في كثير من الأحيان". وأضاف: "ما حدث في حركة مجتمع السلم والأمبيا دليل على حالة اللاديمقراطية التي تنتهجها الأحزاب"، في إشارة إلى تعنت رئيس الحركة، عبد الرزاق مقري، في إسقاط متصدر قائمة العاصمة وفرض مقترحه بوضع عبد المجيد مناصرة أو جعفر شلي، وكذا فرض عمارة بن يونس رئيس الحركة الشعبية الجزائرية للمرشح إسماعيل ميرة على حساب المناضلين في ولاية بجاية. وأضاف فراد: "القيادة الحزبية لديها حسابات ضيقة ومن المفروض عليها أن تلتزم بعمل المؤسسات ولا تخالف قواعد الديمقراطية ولا تنجر خلف الاعتبارات الشخصية"، مضيفا: "هذه الصراعات الحزبية ستزيد من فقدان الثقة بين المواطن والساسة، وبالتالي تصير الممارسة السياسية فاقدة للمصداقية مثلما يحدث مع الانتخابات والسلطة". واعتبر المتحدث أن "المواطن غالبا ما يجد نفسه في حيرة من أمره تجاه القوائم الحزبية في الانتخابات، فالمرشحون غير منبثقين من القاعدة النضالية ولديهم ماض في خدمة مصالحهم الشخصية"، قائلا: "هؤلاء جعلوا البرلمان والسياسة سجلا تجاريا".
وفي سؤال عن الجهة التي يمكن أن تتحمل مسؤوليتها تجاه تأثيرات مشاكل الأحزاب على العزوف الانتخابي، قال الأستاذ الجامعي أن "المناورات التي تحدث في كل الأحزاب حاليا مع عملية وضع القوائم وممارسات الحكومة والإدارة، لا تبشر بانتخابات نزيهة وشفافة وبرلمان ديمقراطي، فالعملية في أساسها مريضة وفاقدة للمصداقية، لذلك لا اعتبار للعزوف الانتخابي أو المشاركة". وأضاف: "المواطن مطلع على صراعات ضيقة للمترشحين والخلافات حول تصدر القوائم وشراء الذمم، فكيف يمنح صوته؟". وأشار فراد إلى أن "الأصل في العمل السياسي هو خدمة الشأن العام، لكن عمل الأحزاب والبرلمان صار بعيدا عن هذه المبادئ". وتوقع المتحدث أن "رفض السلطة إنشاء هيئة عليا مستقلة للإشراف على الانتخابات قد تكون انعكاساته واضحة في المشاركة في الانتخابات والنتائج المترتبة عنها".
يونس بن شلابي

من نفس القسم الوطن