الوطن

الوعود الكاذبة ورموز الدولة "سلاح" الأحزاب في غياب "برنامج انتخابي"

مرشحون يجمعون توقيعات المواطنين بالمال والعروشية دون إقناعهم بالبرامج

 

بن عبد السلام: البرنامج الانتخابي مجرد "خزعبلات" و"كلام فارغ"
أمبيا: سنستعمل صورة رئيس الجمهورية لأننا ندعمه "ولي يحتج يروح يشكي"
خبابة: ولا حزب يملك المعطيات الرسمية لوضع برنامج حقيقي ووعود جادة
تعزيبت: البرنامج الانتخابي "واجب أخلاقي وسياسي" لطمأنة المواطن
 
 
 
رغم أن المادتين 93 و176 من القانون العضوي للانتخابات تشددان على "وجود برنامج انتخابي" يلتزم به المترشحون للتشريعيات ويضبط أهدافهم وتصوراتهم للعمل البرلماني، إلا أن كل الأحزاب دون استثناء تدخل التشريعيات بـ"وعود شفوية" وبعضها يستغل "رموز الدولة" في التغطية على ضعفها وغياب أي برنامج في أجندتها، كما هو عليه الحال لدى الحزب الفتي "أمبيا"، حسب قيادي الحركة، فيما يرى حزب الجزائر الجديدة أن البرنامج الانتخابي هو مجرد "كلام فارغ"، أما حزب العمال فيعتبره "واجبًا سياسيا وأخلاقيا لطمأنة المواطن على صوته"، فيما حذر مراقبون من "الوعود الكاذبة" و"استعمال رموز الدولة" لدى الأحزاب التي تستعملها كـ"سلاح" في غياب برنامج انتخابي. 
ففي المادة 93 الفقرة الثالثة من القانون العضوي للانتخابات رقم 10-16 المؤرخ في 25 أوت 2016، تشدد على أن "المترشحون الأحرار فقط من يلتزمون بتقديم برنامج انتخابي مع القائمة إلى مصالح وزارة الداخلية"، في حين المادة 176 تصرح بإلزامية "احترام الأحزاب لبرامجهم الحزبية والأحرار ببرامجهم الانتخابية"، وهو ما يجعل المواطنين يتساءلون عن برامج الأحزاب عند دخول البرلمان المقبل؟ وتسعى بعض الأحزاب لإطلاق وعود تناقض برنامجها السياسية والآليات الدستورية لتنفيذيها، وهو ما يضع صوت المواطن في موقع "تلاعب" من قبل الأحزاب.
ومن جهة ثانية، تسعى بعض الأحزاب (خصوصا الفتية المحسوبة على الموالاة) لاستعمال رموز الدولة على غرار صورة رئيس الجمهورية في شعاراتها لجمع التوقيعات حاليا، وهو ما يناقض الدستور وقانون الانتخابات لاسيما المادتين 176 و186. وفي السياق، ذكر المحامي عمار خبابة أن "وزارة الداخلية والهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات ملزمة بوقف هذه الأحزاب عند حدودها"، وأشار إلى استعمال العلم الوطني لدى حزب ناشئ. 
 
الجزائر الجديدة: نحن لسنا فارغين لهذه الخزعبلات وكل حزب وطريقته 
 
وصف رئيس حزب الجزائر الجديدة، جمال بن عبد السلام، واجبات الأحزاب في وضع برنامج انتخابي للتشريعيات لاستمالة الناخبين من أجل جمع التوقيعات والأصوات، بأنه "تفلسيف" لا طائل منه وأنه "غير منطقي"، مضيفا: "نحن لسنا فارغين لمثل هذه الخزعبلات والتفاصيل". واعتبر بن عبد السلام أن "كل حزب وطريقة عمله في استمالة الناخبين والبرنامج الانتخابي مجرد كلام فارغ"، وذلك في معرض رده على سؤال يتعلق بحق المواطن في منح صوته للحزب الذي يقنعه ببرنامجه في التشريعيات والبرلمان المقبل.
ومن جهة ثانية، في سؤال حول استعمال بعض الأحزاب لرموز الدولة المنصوص عليها دستوريا وفي قانون الانتخابات لغرض انتخابي، قال بن عبد السلام: "نحن لا نقتات من الآخرين وأخطائهم"، مضيفا: "رئيس الجمهورية هو رمز من رموز الدولة، لكن الأحزاب التي تستعمله كشعار في الحملات الانتخابية وحاليا لا يهمنا أمرها"، معتبرا أن "حزبه لن يتقدم بأي احتجاج لدى هيئة مراقبة الانتخابات ووزارة الداخلية من اجل احترام القانون".
 
حزب العمال: لدينا حصيلة ولم نسطر البرنامج الانتخابي بعْد 
 
من جهته، قال القيادي في حزب العمال، رمضان تعزيبت، أن "حزبه لم يضبط بعد برنامجه الانتخابي لاستمالة الناخبين في تشريعيات 4 ماي 2017". وقال المتحدث: "نحن منشغلون حاليا بتحضير القوائم في الولايات وجمع التوقيعات في أكثر من 10 ولايات، وبعدها سنشرع في الأمور الأخرى". وأضاف: "اللجنة المركزية للحزب فصلت في اجتماعها شهر جانفي في أهداف المشاركة في التشريعيات المقبلة، وهي المساهمة في إبعاد الفوضى عن البلاد في وضع إقليمي مترد"، وكذا "تعبئة الفئات العمالية والنقابية للانتخابات المقبلة وتعديل المنهجية المتبعة من الحكومة اقتصاديا واجتماعيا". وأضاف تعزيبت: "سنضع برنامجا انتخابيا من حصيلة الحزب في البرلمان الحالي والتزاماته مع المواطن واحترامه للوعود"، مضيفا: "لدينا كتلة برلمانية قدمت ما قدمت في العهدة التشريعية المنتهية قريبا، والمواطن يأخذ فكرة عن عمل حزبنا".
وعن استعمال بعض الأحزاب لرموز الدولة لتغطية عدم امتلاكها برنامجا انتخابيا على غرار استعمال صورة رئيس الجمهورية والتطبيل بأن حزبه يستمد برنامجه من برنامج الرئيس، قال تعزيبت: "من المفروض الدستور واضح في هذا الشأن، حتى قانون الانتخابات يحظر استعمال رموز الدولة، وهذه من صلاحيات الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات"، مضيفا: "على هيئة دربال أن تتحرك لمنع استعمال رموز الدولة وليس الأحزاب أن تقوم بإخطارها في هذا الشأن".
 
أمبيا: من حقنا استعمال صورة رئيس الجمهورية "ولي يحتج يروح يشكي" 
 
في شق أحزاب الموالاة، قال عضو المكتب الوطني للحركة الشعبية الجزائرية، شيخ بربارة، أن "الأمبيا ستستعمل صورة رئيس الجمهورية في شعارات الحزب، وهذا من حقها لأنها تدعمه". وأضاف: "لي يحتج يروح يشكي"، قالها بلهجة عامية على غرار ما قاله رئيسه في حركة "الأمبيا" الفتية الوزير السابق عمارة بن يونس "نعلْ بُو لي ما يحبناش". وظهر من كلام بربارة أنه "يتحدى الأحزاب التي تنتقد استعمال رموز الدولة في الانتخابات على غرار صورة رئيس الجمهورية بحجة دعمها لبرنامجه"، وهو ما ينافي قانون الانتخابات في مادته 186، وذكر المتحدث أن "الأمبيا لا تملك برنامجا انتخابيا ولا تهتم به". وعلى صعيد آخر، قال العضو أن "الأمبيا لا يمكنها أن تدخل في كل ولايات الوطن".
 
محلل سياسي: لا يستطيع أي حزب وضع برنامج انتخابي في غياب المعطيات 
 
على صعيد آخر، اعتبر المحل السياسي، عمار خبابة، أنه من الناحية الشكلية من المفروض على "الأحزاب أن تقدم البرنامج الانتخابي مرفقا بالقائمة الانتخابية من أجل إعطاء فكرة عامة عن أهدافها في التشريعيات المقبلة"، مضيفا: "صحيح أن الإدارة لا تطلب من الأحزاب المعتمدة برنامجا انتخابيا على غرار وجوبه لدى الأحرار، لكن هذا لا يمنع وجوده برنامج انتخابي لكل حزب أو مترشح". ومن الناحية الموضوعية، قال خبابة: "البرنامج الانتخابي الذي يحتوي على وعود وأهداف منطقية وجادة هو الذي أساسه معطيات وإحصائيات ومعلومات واقعية ورسمية"، معقبا: "من يملك هذه المعطيات حتى يضع برنامجا حقيقيا ووعودا جادة؟ فخطابات الأحزاب غائبة عنها مسألة البرنامج الانتخابي".
وفي نقطة ثانية، قال خبابة: "عمل البرلمان هو مراقبة الحكومة والتشريع، والأحزاب تتحجج بأنها ستضع برنامجها في حالة الحصول على الأغلبية، لكنها تتغافل أن الواقع يؤكد وجود مخطط عمل الحكومة المستمد من برنامج رئيس الجمهورية"، مضيفا: "هذا كلام لا أساس له واقعيا ومنطقيا، ومادام المعطيات غائبة فالأحزاب غائبة أيضا". واعتبر خبابة أن وضع برنامج انتخابي يجب أن "يراعي المعطيات والآليات الدستورية التي تسمح بها القوانين من أجل تحديد الوعود واستمالة المواطن".
وعن استعمال رموز الدولة لدى بعض الأحزاب لاستمالة الناخب في جمع التوقيعات والتصويت، قال المحلل السياسي: "هناك حزب فتي أنشئ في 2012 ويستعمل علم الجزائر في شعاره الحزبي ووزارة الداخلية تتفرج"، مضيفا: "من المفروض تحرك الوزارة، وهذه ليست الأولى، فقد سبق له استعمال صورة الطريق السيار شرق غرب في شعار الحملة الانتخابية في انتخابات سابقة". وختم خبابة: "من صلاحيات الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات التحرك في هذا الشأن دون إخطار"، مضيفا: "هناك أحزاب تستغل رموز الدولة في الشعارات والمطويات والمناشير، وهذا غير قانوني".
يونس بن شلابي

من نفس القسم الوطن