الوطن

الداخلية تنقذ الأحزاب الفتية وتحرك بورصة القوائم عندها

بعد ركود الساحة السياسية ونمو الخوف من العزوف الانتخابي

 

تبحث الأحزاب التي تحصلت على أقل من 4 في المائة في انتخابات 2012 عن تحالفات بينية توصلها لهذا السقف، وتسمح لها بالدخول للانتخابات القادمة، خاصة أن عملية جمع التوقيعات أصبحت جد صعبة وعلى وجه الخصوص في الولايات ذات الكثافة السكانية، على غرار العاصمة وسطيف والبليدة، وغيرها من الولايات التي تتطلب آلاف التوقيعات وأمام ضباط عموميين حددهم المرسوم 17- 18 المؤرخ في 17 جانفي 2017، وبعد تعليمة وزارة الداخلية والتي فرضت على الأحزاب أن تبرم تحالفات وطنية تمكنها من الاستفادة من جمع الأرقام التي تحصلت عليها من قبل.
ويتابع مراقبون عملية التحالفات على أنها صفقات تجارية أكثر مما هي سياسية، وأن بعض الأحزاب المتحالفة تحاول أن تبيع قوائمها لرجال أعمال يبحثون عن الأمان في الترشح والابتعاد عن مخاطر تعامل الإدارة التي قد تتعسف في موضوع التوقيعات، أو حتى تمارس ما خوله لها القانون، إضافة إلى أن بعض المواطنين اعتمدوا التوقيع كمكسب رزق ويعددون التوقيعات، ما يجعل البعض في خطر الرفض خاصة أمام عملية الرقمنة التي تعرفها جمع التوقيعات.
الأحزاب الناشئة قليل منها يحاول التعامل بمنطق سياسي ويبحث عن مرشحين أقوياء دون اللجوء إلى المتاجرة، رغم النفع الكبير الذي يمكن أن تتحصل عليه إذا استطاعت قوائمها تجاوز حاجز الـ 4 في المائة بدءا من الانتخابات المحلية القادمة، ووصولا إلى عدم تطبيق الإجراءات العقابية التي يمكن أن تسلط على من لم يتحصل على النسبة المذكورة في أربعة استحقاقات انتخابية.
تعليمة وزارة الداخلية الأخيرة نشطت بورصة القوائم وقللت من قيمة التوقيعات التي وصلت في بعض الولايات إلى أكثر من ألفي دينار للتوقيع، في حين أن بعض الأحزاب تطلب عشرات الملايين بل أحيانا تجاوزت المئات الملايين من أجل ضمان حق الترشح.
ورغم شيوع هذه الأخبار في الأوساط السياسية والشعبية، ورغم وجود نصوص قانونية تمنع مثل هذه الممارسات، إلا أنه من الصعب توجيه الاتهام أو حتى التحقق من هذه الممارسات عمليا، بالنظر لتواطؤ الأطراف التي تمارس هذا النوع من العمل السياسي الذي يعد من الفساد المدان قانونا وأخلاقيا من كل القوى المؤسسات.
وإذا كان هذا شأن الأحزاب الصغيرة، فإن الأحزاب الكبيرة تمارس نفس العمل ولكن بصيغ أخرى، حيث يقوم رجال أعمال بشراء مقاعدهم في الأحزاب الكبرى، وهو ما تقر به أغلب القيادات الحزبية، وتحرص الإدارات المعنية بالعملية الانتخابية على ترديد شعارات محاربة الفساد والشكارة وغيرها من المصطلحات التي تنمق بها الخطابات السياسية في هذه المرحلة.
كما أن بعض الأحزاب وبالنظر إلى ما تطلبه الانتخابات من مصاريف وميزانيات، لا تستطيع تحملها ولا يتمكن مناضلوها من تسديد فاتورتها الباهظة، فيلجأون إلى رجال الأعمال حتى يتكفلوا بكل مستحقات الحملات الانتخابية دون أن تدفع هذه الأموال إلى الوسائط والبزناسية الذين يكثرون في هذا التوقيت، ما يقلل من تكافؤ الفرص بين إطارات هذه الأحزاب وتقلل من الكفاءات التي يفترض أن تقدم لهذه المواعيد السياسية.
ويرى مراقبون أن محاربة هذه الظاهرة لا تكون إلا بمزيد من الشفافية في مختلف مراحل العملية الانتخابية، إضافة إلى مصداقية ونزاهة الانتخابات التي يبدو أنها قريبة التحقق، إضافة إلى إيجاد طرق مشروعة لتمويل الأحزاب وتنشيط المؤسسات الرقابية في تحديد سقف الإنفاق في الحملات الانتخابية.
 
خالد. ش

من نفس القسم الوطن