الوطن
"التحولات السياسية والأمنية في المنطقة تفرض تفعيل دور الاتحاد"
الأمين العام لمجلس شورى الاتحاد المغاربي، سعيد مقدم، ليومية "الرائد":
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 17 فيفري 2017
• الاتحاد المغاربي بحاجة ماسة إلى "قمة" لرؤسائه قصد تفعيل آليات العمل
اعتبر الأمين العام لمجلس شورى الاتحاد المغاربي، سعيد مقدم، أن "التحولات السياسية منذ سنة 2011 في تونس وليبيا وكذا التغييرات لدى دول الجزائر والمغرب وموريتانيا عبر دساتير جديدة، والتحديات الأمنية في المنطقة، كلها تفرض إعادة النظر في تفعلي الاتحاد المغاربي لمجابهة الأخطار ودعم التعاون"، وركز مقدم على "ضرورة التئام مجلس الرؤساء لتفعيل المؤسسات الاتحادية، خصوصا أن المجلس لم ينعقد منذ 1994".
• سياسيا، ما هي قراءتكم لتصريحات العاهل المغربي محمد السادس خلال القمة الإفريقية الأخيرة التي ذكر فيها أن الاتحاد المغاربي هو هيئة دون روح؟
سبق لي أن صرحت حول الموضوع بأنه من حق أي مغاربي، بغض النظر عن صفته، أن ينتقد وتيرة الاندماج ويقيم مسيرة الاتحاد المغاربي في البناء، لكني تساءلت هل كان المقام الذي صرح فيه الملك المغربي مناسبا لتوجيه هذه الانتقادات.
وفي نقطة أخرى، أحيلك لقراءة رسالة العاهل المغربي للرئيس الجزائري، أمس، بمناسبة ذكرى تأسيس الاتحاد وتأكيده رسميا أن المغرب متشبث ببناء المغرب العربي، خصوصا أنه مشروع استراتيجي لكل دول المنطقة، ويمكن كذلك أن نقول أن انتقاد آليات عمل الاتحاد لديها بعض الجوانب الصحيحة، بحيث أن مجلس رؤساء الاتحاد (قادة الدول) لم يلتئم منذ آخر اجتماع له في تونس سنة 1994، زيادة على أن المملكة المغربي جمدت عضويتها في الاتحاد بين سنوات 1994 و2001 تاريخ عودتها.
كل هذه القراءات تدفعنا إلى وضع يدنا على آليات عمل الاتحاد وتفعيل وتيرة عمله.
• مؤخرا قادة الاتحاد المغاربي قرروا إعادة الهيكلة لجعله "أكثر نشاطا لتنفيذ مهامه" و"التحديات التي يواجهها"، ما هو شكل الهيكلة وما وتيرة عملها حاليا؟
أجل، الهيكلة المقررة جارية حاليا وهناك أفواج عمل في مقر الأمانة العامة بالمملكة المغربية، وتعكف على دراسة جملة من المقترحات تقدمت بها المؤسسات الاتحادية، وبصفتي أمين عام مجلس الشورى قدمنا مقترحات لإعادة النظر في بعض التصورات لتفعيل المؤسسات الاتحادية، منها مراجعة الطبيعة القانونية للاتحاد بالارتقاء به إلى مصاف برلمان مغاربي للمصادقة على الاتفاقيات الاتحادية.
وفي الإطار، كمثال على ذلك، فمن بين 38 معاهدة وقرار اتفاقية لم تتم المصادقة سوى على 6 اتفاقيات، بسبب تمسك كل دولة بالآليات التشريعية الوطنية، في حين في الاتحادات المماثلة في كل العالم كل اتحاد لديه برلمان يمكنه من اتخاذ القرار والمصادقة عليه، وهذا يحدث في أوروبا وأمريكا الشمالية وفي آسيا وغيرها، وهو يمنح المؤسسات الاتحادية صلاحيات وسلطات تمكنها من العمل بفعالية، لكن مع عدم اجتماع مجلس رئاسة الاتحاد المشكل من زعماء الدول منذ 1994 جعلت وتيرة العمل بطيئة وغير فعالة.
• هل التحديات الأمنية والاقتصادية لبلدان المنطقة المغاربية تجعل من دفع بناء الصرح المغاربي "ضرورية وغير قابلة للتأخير"؟
حقيقة الاتحاد لا يزال رهن الخلافات بين أعضائه منها قضية الصحراء الغربية التي تشكل عائقا أمام الاندماج.
وإذا رجعنا إلى سنة 2011 نرى أن تداعيات الأحداث في الدول العربية (ليبيا وتونس) أفرزت مشهدا سياسيا جديدا، فتونس وليبيا تخلصت من أنظمتها القديمة، والمغرب بعد دستور 2011 ينتهج سياسة أكثر مرونة، وموريتانيا انتهجت أسلوبا أكثر انفتاحا مع المعارضة، والجزائر بدستور 2016 والانفتاح السياسي والإعلامي منذ 2012 أعادت بناء الصرح السياسي تجاه القوى السياسية وتعزيز دور المعارضة ودسترة الديمقراطية التشاركية، أضف إلى ذلك، التحديات التي تعرفها المنطقة من توترات وارتدادات قضية الساحل والصحراء بعد الغزو العسكري لدولة مالي وظهور ما يسمى الجريمة المنظمة والمخدرات والهجرة غير الشرعية.
وفي الجانب الاقتصادي، فهل يعقل أن منطقة مغاربية بنحو 100 مليون نسمة نصفهم شباب، وبمساحة 6 مليون كيلومتر مربع، وتنوع الثروات الطبيعية وهي منطقة معرضة للتصحر، هل يعقل أنها لا تملك سوقا مغاربية مشتركة ومنطقة حرة للتجارة، لذلك فكلفة اللامغرب العربي تقدر بفقدان 200 ألف منصب عمل سنويا، ونقطة إلى نقطتين في مؤشرات التنمية سنويا، إضافة إلى خسائر بنحو 10 مليار دولار سنويا، وتضاعف البطالة التي قدرت حسب مكتب شمال إفريقيا والشرق الأوسط في دول المغرب العربي بنحو 27 في المائة.
وعلاوة على الوضع السياسي والاقتصادي، هناك التحديات الأمنية بعد عودة المقاتلين الذين كانوا في العراق إلى بلدانهم الأصلية في تونس وليبيا، وهذا يشكل تهديدا كبيرا وضرورة تعزيز التعاون الأمني بين البلدان، وحتى على الجانب الدولي، فأوروبا لا يجب أن تبقى تتعامل مع دول المغرب العربي على أساس "دركي" لمنع الهجرة.
كل هذه التحديات تفرض على بلدان المغرب العربي تفعيل وتيرة التكامل في كل المجالات.
• تقولون أن السبب الرئيسي في ضعف أداء مؤسسات الاتحاد هو عدم اجتماع مجلس الرئاسة، هل هناك آليات أخرى ضمن معاهدة الاتحاد الموقعة في 17 فيفري 1989؟
المعاهدة تنص في بعض المواد على أنه في حال تعذر اجتماع قادة دول الاتحاد، هناك آلية أخرى بتحريك اجتماع رؤساء الحكومات، لكن هذه الآلية لم تُفعّل منذ تأسيس الاتحاد في 1989، ومن المفروض أن ينعقد اجتماع وزراء خارجية الدول الخمسة للاتحاد شهر فيفري الحالي، لكنه تأجل إلى أجل غير محدد.
واجتماع مجلس وزراء الخارجية من المفروض أن يقوم بعملية التشاور السياسي بين الوزراء من أجل اقتراح موعد اجتماع مجلس الرؤساء.
وللتذكير، الجزائر في سنة 2003 قدمت مشروعا لإعادة النظر في معاهدة إنشاء الاتحاد، أساسها أنه في حالة حدث إخفاق التصور في بناء الصرح المغاربي، اقترحت مقاربة التنمية الاقتصادية بالاتجاه نحو التكامل الاقتصادي بين البلدان في المشاريع ذات الأولوية بينها البيئة والمنشآت القاعدية وغيرها.
وفي الأخير، يمكن القول أن الاتحاد سيتم تفعليه باجتماع على مستوى القمة.
سأله: يونس بن شلابي