دولي
فلسطينيون في مؤتمرات المستوطنين...أخطر أشكال التطبيع بلا محاسبة
في ظل تراخي السلطة الفلسطينية في التعامل مع القضية
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 14 فيفري 2017
كان يمكن لـ"مؤتمر السيادة الكاملة للمستوطنين على الضفة" الغربية، الذي عُقد، مؤخرا، في القدس المحتلة، أن يمر كأي خبر يتعلق بسياسة الاستيطان وقبله قانون "تسوية الأراضي"، لكن مشاركة فلسطينيين في المؤتمر، وتقديمهم كلمات على منصة المستوطنين، جعل المشهد يبدو أكثر قتامة في ظل تراخي السلطة الفلسطينية في التعامل مع مئات القنوات التي باتت ترتكز عليها الإدارة المدنية الإسرائيلية في التواصل مع الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.
بكثير من الغضب يقول عيسى عمرو، أحد مؤسسي "شباب ضد الاستيطان"، إن "أحد الفلسطينيين المشاركين وجّه دعوة لرئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، لتناول طعام الغذاء في مدينته". ويضيف "نجحنا بإلغاء مشاركة شخصية فلسطينية مركزية في المؤتمر، لكن المستوطنين من منظمي المؤتمر نجحوا بإيجاد بديل عنه في آخر لحظة، لدرجة أنهم لم يستطيعوا تغيير اسم الشخصية الأولى من البرنامج، على الرغم من أن المتحدث قد تغير". ويتابع: "تواصلنا مع عائلاتهم، وأخبرونا أنهم يتبرأون منهم، ويرفعون عنهم التغطية العائلية".
ما يخشاه عمرو ومئات الناشطين ضد الاستيطان، أن "المستوطنين أرسلوا من خلال المؤتمر رسالة إلى العالم، أن هناك فلسطينيين يقبلون بوجودهم، والعيش تحت الاحتلال من دون سيادة أو حقوق". ويُعتبر المؤتمر منبراً دولياً، إذ تم بثه مباشرة من قاعة المؤتمر، وباللغة الإنكليزية، وتنظمه سنوياً منظمة "نساء بالأخضر" المتطرفة التي تدعم الاستيطان. ولا يمكن فصل المؤتمر والهدف من المشاركة الفلسطينية فيه، عن إطلاق منسق أعمال حكومة الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة يوآف مردخاي، الموقع الإلكتروني الجديد، في السابع من فيفري الحالي، للتواصل مع أكبر قدر ممكن من الفلسطينيين، ومن كل الفئات والخلفيات الاجتماعية والأكاديمية، بعنوان "لكم ومن أجلكم -موقع جديد لوحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق". الموقع يرتاده عملياً آلاف الفلسطينيين، ومنهم من لا يفضل وضع "إعجاب" على الصفحة، حتى لا يكون محل انتقاد، فيقوم بالتواصل مع القائمين عليها وسؤالهم حول ما يريده.
وجاء في الصفحة التي عرّفت الضفة الغربية المحتلة باسم "يهودا والسامرة" وهي التسمية الإسرائيلية للضفة الغربية: "وحدة التنسيق في المناطق تطلق موقعاً إلكترونياً جديداً سيكون واحة لعكس آخر وأهم نشاطاتها المدنية والميدانية ومنفذاً للسكان الفلسطينيين للتعرف على كل ما يتعلق بالسياسة المدنية لدولة إسرائيل، وبالتالي الاستفادة من الخدمات التي من شأنها أن توفر على الفلسطيني عناء الإجراءات التقنية، هذا وسيوفر الموقع خدمات متعددة للسكان الفلسطينيين تمكنهم من التواصل مباشرة مع مديريات التنسيق والارتباط في مناطق سكناهم والتعرف على آلية الحصول على التصاريح بأنواعها المختلفة وتعبئة طلبات مباشرة في المدى القريب". تتبع وحدة التنسيق لوزير الأمن الإسرائيلي، ويترأسها منسق برتبة ميجر جنرال وهو عضو في هيئة الأركان التابعة لجيش الاحتلال.
وأمام كل هذا الانفلات في التعامل مع الإدارة المدنية الإسرائيلية، لم يخرج أي صوت رسمي فلسطيني أو بيان يدين أو يجرم التواصل مع الإدارة المدنية، التي تغرس جذوراً قوية مع كل يوم بالتواصل مع آلاف العاطلين عن العمل ليحصلوا على تصاريح للعمل داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، أو يتخلصوا من "منع أمني" للسفر أو الدخول إلى القدس للعلاج. المفارقة الحزينة أن "حماس" في قطاع غزة، والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، تقومان باعتقال الفلسطينيين، إذ تعتقل سلطة "حماس" بتهمة "نقل معلومات وتجسس" كل من يتواصل مع سلطة رام الله، في حين تقوم الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الضفة الغربية باعتقال من يتواصل مع "حماس" في القطاع بتهمة "التخابر مع جهات في حماس". ومنذ الانقسام، حتى اللحظة، تم اعتقال المئات على خلفية هذه التهم، لكن المفارقة أن أحداً لم يلاحِق من يتواصل مع المستوطنين في مؤتمراتهم أو يتواصل مع المنسق على صفحات التواصل الاجتماعي.
أمال. ص/ الوكالات