دولي
قانون تسوية الأراضي وغياب الرد الفلسطيني
القلم الفلسطيني
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 11 فيفري 2017
مساء يوم الثلاثاء المنصرم، وبعيداً عن أعين الإعلام المتابعة لأجواء التصعيد الإسرائيلي على غزة، تم تمرير التصويت على قانون تسوية الأراضي داخل الكنيست الإسرائيلي بالقراءة الثانية والثالثة، بمعنى أنه أصبح قانوناً ساري النفاذ. هذا القانون التي قدمه لوبي الاستيطان داخل الليكود والبيت اليهودي، والذي تم تأجيل التصويت عليه عدة مرات، آخرها قبل أسبوعين، وبطلب غير مباشر من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورغم كل العقبات القانونية والسياسية التي وقفت عائقاً أمام تمرير هذا القانون، إلا أن إصرار حاملي لواء الاستيطان داخل اليمين الإسرائيلي، وتجمعهم حول هذا الهدف رغم اختلافهم في الكثير من القضايا، أجبر نتنياهو وحكومته على تمرير هذا القانون، رغماً عن معارضة المستشار القانوني للحكومة افيخاي مندلبلت، الذي رفض هذا القانون، واعتبره إضراراً بإسرائيل وتشويهاً لصورتها القضائية والتشريعية أمام المجتمع الدولي، وضربة عميقة بديمقراطيتها، حيث أن هذا القانون يخالف كل بنود معاهدات جنيف الرابعة والثالثة، التي تنص على منع مصادرة الأراضي في المناطق المحتلة ونقل ملكيتها لدولة الاحتلال أو لملكية أفراد تابعين لدولة الاحتلال، واعتبار ذلك جريمة حرب، ناهيك عن تناقض هذا القانون مع قانون أساس الكنيست الخاص بحماية حرية الملكية الخاصة الصادر عام 1993، وأن هذا القانون يفتح الباب أمام الملاحقات القانونية وخاصة محكمة الجنايات الدولية، سواء لمن يستفيد من هذا القانون، أو من شارك في تشريعه أو تنفيذه، ورغم رفض مندلبلت الدفاع عن هذا القانون أمام المحكمة العليا، إلا أن الضغط القوي على الحكومة من هذا اللوبي، جعلها وبسابقة قانونية تستأجر محامياً خاصاً يمثلها أمام المحكمة. هذا اللوبي وأمام المكاسب التي يحققها هذا القانون التاريخي _ من وجهة نظر المستوطنين_ الذي ينص على أن أي قطعة ارض أو بيت يتم الاستيلاء عليه من قبل المستوطنين، والدولة وافقت على تقديم الخدمات العامة لهم في حينه، ثم اتضح بعد ذلك أن هذه الأرض, أو البيت يعود بملكيته إلى أفراد فلسطينيين أو عرب بأوراق ثبوتية حقيقية، لا تعود الأرض أو البيت لمالكيه الأصليين, ولكن يتم تحويل الملكية للدولة، مع بقاء حق الانتفاع للمستوطنين واضعي اليد على الأرض أو البيت مع تعويض المالك الأصلي قيمة الأرض أو البيت بما يعادل ثمنه حين الاستيلاء عليه. هذا القانون ومنذ اللحظة الأولى لإقراره حوّل 2000 وحدة سكنية استيطانية بنيت على ملكيات فلسطينية خاصة وهناك قرار محكمة عليا بإخلائها إلى وحدات شرعية بالكامل، هذا يعني أن اليمين الاستيطاني أغلق الباب أمام تدخل المحكمة العليا الإسرائيلية بموضوع الاستيطان رغم تحيزها الصهيوني، بمعنى أكثر وضوحاً، أن الاستيطان لن يقف أمامه أي رادع حتى القانون الإسرائيلي نفسه. هذا تطور خطير بطبيعة وحجم الاستيطان وآلياته، حيث لن يكتفي المستوطنون بالأراضي الحكومية التي كانت تعود للدولة الأردنية قبل ال 1967 ولا حتى أراضي الغائبين او حتى الأراضي المشاع ولكن انتقلت أطماعهم لتنال الأراضي ذات الملكية الخاصة للأفراد. بمعنى آخر، لن تكتفي الآلة الاستيطانية ب 68% من أراضي ال 1967 لتلاحق الفلسطيني على المتبقي القليل من أرضه، أضف إلى ذلك، أن أبواب تهويد "القدس الشرقية" فتحت على مصراعيها، بمعنى أن أي مجموعة استيطانية تستطيع أن تغتصب أي بيت فلسطيني بأي حيلة كانت أو حتى بالقوة، يصبح هذا الأمر مشرعناً قانونياً، وبأقل تكلفة من الشراء الرسمي. ناهيك عن قائمة الأبعاد السياسية لهذا القانون والتي يتصدرها البدء بأول مراحل سريان القوانين الإسرائيلية على المناطق المحتلة عام1967، والتي يسري عليها القوانين العسكرية الصادرة عن الحاكم العسكري كونها مناطق محتلة بمفهوم القانون الدولي أو أراضٍ متنازع عليها بمفهوم القانون الإسرائيلي، وهذا يعني بدء مشروع ضم الضفة الغربية أو بعض مناطقها للأراضي المحتلة عام1948 بمعنى إنهاء تام لحل الدولتين، وعملية التسوية المتعثرة أصلاً. ورغم أن هذا القانون بالغالب سيُرفض من قبل المحكمة العليا الإسرائيلية بهذه الصيغة وبهذه الظروف التي رافقت إقراره الحالي، إلا أنه يقرع في آذاننا جميعاً دون استثناء الأجراس، ويطالبنا بالإجابة عن كيفية مواجهتنا؟ وما هي خططنا وآلياتنا للرد على هذا الاستيطان المتغول. والأهم، ألا تستحق أراضينا المنهوبة من الاستيطان وأهلنا المتروكين وحدهم في القدس، أن تجعل القيادة الفلسطينية، سواء في السلطة، أو في منظمة التحرير، تركيزها الكامل نحو صياغة برنامج وطني جامع للكل الفلسطيني، يعيد النظر بالكلية بكل عملية التسوية وما نتج عنها من اتفاقيات، ألا يستحق ذلك من فصائلنا الوطنية والإسلامية إعادة الدور الريادي للمقاومة في الضفة الغربية والقدس بكافة أشكالها وصورها؟
حسن لافي