الوطن

الحكومة تتنازل والأحزاب همّها مكاسب مالية من التشريعيات

المعارضة اندمجت في مسعى السلطة بتفكيك هيئة التشاور

رزاقي: الانتخابات هي الممول الرئيسي لميزانية الأحزاب 

منذ الأسبوع الماضي وتزامنا مع استدعاء الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للهيئة الناخبة للتشريعيات القادمة المزمع إجراؤها في 4 ماي القادم، وكانت قبل ذلك الساحة السياسية قد كشفت عن مستجدات مفصلية في الساحة السياسية، فإن كل الأحزاب، ماعدا طلائع الحريات وجيل جديد، "قررت المشاركة في التشريعيات وفق ضمانات الحكومة"، فيما تنازلت الحكومة عن بعض التسهيلات في المادة 94 من قانون الانتخابات لصالح الأحزاب والتكتلات. أما أحزاب المعارضة فقد تخلت عن هيئة التشاور والمتابعة "سعيا وراء التقارب مع السلطة في مرحلة ما بعد التشريعيات"، هذه المؤشرات يقول عنها محللون أنها "ستفرز خارطة سياسية جديدة في إطار الدستور الجديد"، فهل تصدق هذه التكهنات بعد شهر ماي المقبل؟

سألت "الرائد" محللين سياسيين حول المستجدات الثلاثة الطاغية على المشهد السياسي في الجزائر منذ العام الجديد، بعد ظهور تكتلات حزبية جديدة (التغيير وحمس، وكذا الاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء)، وتفكيك ضمني لهيئة التشاور والمتابعة في اجتماعها الأخير، وسط مقاطعة شبه كلية لأعضائها، وثالثا خطابات الود المتبادلة بين أحزاب المعارضة المشاركة في التشريعيات والحكومة بعد التسهيلات المتضمنة في شرح المادة 94 من قانون الانتخابات المتعلقة بجمع التوقيعات.

 

رزاقي: الأحزاب تبحث عن مكاسب مالية فقط من التشريعيات 

اعتبر المحلل السياسي، عبد العالي رزاقي، أن الأحزاب السياسية لا تملك من مشاركتها في الانتخابات التشريعية أي "ضغوطات على السلطة لدخول الحكومة القبلة"، مضيفا: "الدستور الجديد فصل في هذا الأمر، فرئيس الجمهورية له كل صلاحيات تعيين الوزير الأول وأعضاء الحكومة، وليس قياسا بنتائج التشريعيات".

وذكر رزاقي: "إذا كانت لا تطمع في الحكومة فهل لها أهداف أخرى، ما عدا مكاسب مالية عبر منح النواب المقدرة بـ 40 مليونا سنويا للنائب الرجل، و50 مليون سنتيم سنويا للنائب المرأة، وكذا منحة للأحزاب الموجودة في البرلمان".

وقال بشأنها: "هي مكاسب مالية لدعم ميزانية الأحزاب فلا بديل لها".

وعن شكل التحالفات في الساحة السياسية، قال رزاقي: "هذه ليست تحالفات بل رجوع للأصل، فحزب مناصرة عاد لحمس التي يقودها مقري، وحركة النهضة عادت لزعيمها جاب الله مع تقارب لدى حركة البناء، وهذا لا نسميه تحالفا"، وأضاف: "هي إعادة تشكيل للأحزاب التي تمزقت منذ سنة 2000 وليس تحالفا بين قوى سياسية موجودة منذ التعددية". 

وفي نقطة ثانية، قال رزاقي أن "هيئة التشاور والمتابعة نشأت على أنقاض رئاسيات 2014 من أجل نقطتين فقط، هما الحرية والديمقراطية، ولم تتفق على الانتخابات وضبط الفساد والتزوير"، معلقا: "بداية تفكك هذه الهيئة جاءت بعد مقاطعة أحزاب للتشريعيات وأخرى شاركت، وكل منهم يعتقد بمحاربة التزوير والفساد عبر آلية المقاطعة والمشاركة وهذا خطأ"، مضيفا: "التشريعيات المقبلة ستفرز نتائج لأحزاب موجودة في السلطة وتعزيز المناصب، والمعارضة التي تراهن على العشيرة والعصبية ستحصل على بعض المقاعد، ولا أتوقع أي جديد خارج هذه الحسابات".

 

خبابة: السلطة تنازلت للمعارضة قصد إنجاح التشريعيات

من جانبه، قال المحلل السياسي، عمار خبابة، أن "الانتخابات التشريعية لها نكهتها، فالمشاركة فيها تستدعي من الأحزاب خطابا ينسجم مع إقدامها على دخول الانتخابات". ومن جانب السلطة: "يظهر أنها تنازلت عن بعض مواقفها السابقة في قانون الانتخابات وقبله، وهي تعمل جاهدة على إشراك أكبر قدر ممكن من الفاعلين في الانتخابات"، مضيفا: "أعتقد أن خطاب الأحزاب، بينها المعارضة وتنازل السلطة، يجب تثمينه لدى كليهما".

وأضاف خبابة: "نحن لا نعارض من أجل المعارضة بل نتمنى انتخابات نزيهة رغم أن المؤشرات تقول أنها ستكون مثل سابقاتها".

وعن بوادر تفكك هيئة التشاور والمتابعة للمعارضة، قال خبابة: "يتعين على أحزاب المعارضة أن تلتئم بعد التشريعيات وتعطي فرصة لنفسها لمناقشة علاقتها بالسلطة"، وأضاف: "يجب عليها اتخاذ مواقف وأرضية تتلاءم مع الوضع الجديد الذي تفرزه التشريعيات، وفيه كثير من العقلانية"، في إشارة إلى المطالب التي يمكن أن تتمخض عن اجتماعاتها على غرار أرضية مزفران التي رفضتها السلطة. 

وقال خبابة: "يجب تحرير أرضية ورؤية مستقبلية وفق مقاربة عقلانية تراعي الوضع والمستجدات". وعن تكتلات أحزاب التيار الإسلامي، قال خبابة: "في شكلها هي اجتهادات الأحزاب حتى بتصورات الاندماج، وهي أمور تخص الشأن الداخلي للأحزاب". وأضاف: "نأمل أن توفق في ذلك، لأن التشتت لا يخدم الديمقراطية ولا يخدم الوطن". وختم المتحدث أن "الساحة السياسية في الجزائر تتطلب الواجهات الكبرى وليس الدكاكين"، في إشارة إلى انقسام الأحزاب إلى حزيبات صغيرة في وقت سابق.

يونس بن شلابي

 

من نفس القسم الوطن