دولي
طفلة في أسر الاحتلال
**القلم الفلسطيني
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 07 فيفري 2017
طفلة فلسطينية أخرى تدعى منار الشويكي، تصبح نموذجاً جديداً لغطرسة الاحتلال الصهيوني بحق الطفولة في فلسطين، عندما قررت «محكمة» سجنها ست سنوات بتهمة مزعومة عن حملها سكيناً ومحاولتها طعن جنود قبل 14 شهراً، في حي وادي حلوة ببلدة سلوان المقدسية، وهي تهمة ملفقة، وفنّدتها في حينها عائلة الأسيرة التي اعتبرت عملية اعتقالها انتقامية، وجاءت بعد تهديدات صريحة. سيضيف الكيان الغاصب لطخة أخرى إلى سجله الأسود بسجن أصغر أسيرة فلسطينية، ووحده سيحمل عاراً لن يسقط من الذاكرة، بينما ستتألّق الفتاة في سجنها كضحيّة لعنصريّة مقيتة، وعنوان حالة إنسانية من حالات شتى تعج بها معتقلات الاحتلال وزنازينه. انضمت الطفلة الشويكي إلى 13 طفلة قاصراً يقبعن في السجون إلى جانب 52 امرأة، يشكلن مجتمعاتٍ شهادات عن تمييز، وحرمان ينتهك المواثيق والأعراف الدولية، مثلما هو حال المئات من الأطفال المعتقلين، أو ممن اعتقلوا وهم أطفال.
وتحفل تقارير نادي الأسير الفلسطيني بصور عن أوضاع صعبة يعيشها هؤلاء الأسرى، ومنها الحرمان من زيارة الأهل، وإخضاعهم لتعذيب نفسي، وجسدي، ومنعهم من الحصول على تعليم ونشاطات تتماشى مع أعمارهم. وكل هذه الانتهاكات مدونة ومعروفة لدى المنظمات الأهلية الفلسطينية وتشهد عليها جدران المعتقلات في «عوفر»، و«مجدو» وغيرهما، ولكن من النادر أن يسجل تحرك فعلي على المستوى الدولي لإثارة هذه الانتهاكات الخطرة، يوازي ما تعرفه المدن الفلسطينية في الضفة وغزة من تظاهرات وندوات من أجل الأطفال الأسرى.
وكم مرة نُشرت قصص عن أوضاع بعض الأطفال ممن أصيبوا بأمراض مزمنة، وعاهات في الأسر جراء التنكيل والمعاملة المهينة. أما مئات الأطفال الذين يجري اعتقالهم مؤقتاً سنوياً، فيجري ترهيبهم وإثقال عوائلهم بغرامات مالية باهظة، والهدف الصهيوني معروف ويسعى إلى سحق روح المقاومة لدى الأجيال الفلسطينية الشابة. وهيهات ذلك، إذ تؤكد الشهادات الأهلية أن الأطفال الذين تعرضوا للاعتقال أصبحوا، في أغلبيتهم لاحقاً، من أبرز النشطاء في فصائل المقاومة على مدى سنوات الاحتلال الطويلة. المحاكمة» الملفقة للطفلة منار الشويكي، صنف من أصناف الجريمة المسلطة على الشعب الفلسطيني، وتتكامل في أهدافها مع جرائم التهويد والاستيطان، وكلها تصب في ضرب الوطنية الفلسطينية، واستنزافها بشتى الأساليب.
وهذه «المحاكمة»، وشبيهاتها، لا يمكن الاستهانة بها، طالما أن السكوت عنها سيجرّئ الاحتلال على ارتكاب المزيد، خصوصاً في هذه المرحلة التي تعرف فيها القضية الفلسطينية تحديات إقليمية ودولية صعبة. فالإدارة الأمريكية الجديدة تلقي بكل ثقلها تقريباً إلى جانب المشروع الاحتلالي، وأعلنت، تصريحاً وتلميحاً، دعمها المطلق لمخططات التهويد والاستيطان. ومن يسن هذه السياسية ويدعمها لن يرى، ولن يسمح لأي أحد أن يرى، أو يفضح ما يسجل من انتهاكات يومية بحق الشعب الفلسطيني بمختلف شرائحه. أطفال الأراضي المحتلة هم الشريحة الأكثر تضرراً من السياسات الصهيونية، ولا يقتصر الضرر على من يجري أسرهم وسجنهم فحسب؛ بل يلحق الأذى بمن هم «طلقاء» في الضفة والقدس الذين يعايشون مظاهر الغطرسة والعنف التي يمارسها جنود الاحتلال أثناء قمع المسيرات، وفي حواجز الفصل العنصري وخلال هدم البيوت ومصادرة الأملاك. أما أطفال غزة المحاصرون منذ عشر سنوات، فكأن لا بواكي لهم، وهم يعيشون أوضاعًا إنسانية يفترض أن الوعي البشري لا يسمح باستمرارها، فأولئك يجابهون ما هو أقسى من العدوان والأسر بعدما أصبحوا منسيين، كأنهم في عداد الأموات.
مفتاح شعيب