الوطن

"تجديد العهدة" يعطل البرلمان ويرجع النواب إلى المداشر

غيابهم عن جلسات مناقشة القوانين وصل إلى 90 في المائة

عظيمي: "عار" أن يجلس جامعي مع بارون مخدرات تحت قبة البرلمان

خلال أسبوع كامل لأشغال المجلس الشعبي الوطني وقبيل ثلاثة أشهر عن نهاية العهدة التشريعية، سجلت جلسات الغرفة السفلى "غياب أزيد من 90 في المائة من النواب، أي 410 نائبا غائبا من مجموع 460 متواجدين داخل المجلس". والمؤسف أن الجلسات ناقشت مشروع قانون الإجراءات الجزائية المرتبطة بحرية المواطن وحقوقه، وقانون تسوية الميزانية لسنة 2014 التي شهدت تضاعف نفقات الحكومة خلال رئاسيات 2014، وانتقاد مجلس المحاسبة لتبذير المال العام. وحتى جلسة التصويت، يوم الثلاثاء الفارط، تأجلت لثلاث ساعات كاملة ليحضر في الأخير نصف النواب فقط، ما جعل وزراء الحكومة ورئيس المجلس (ولد خليفة) وحتى الصحفيين يتساءلون "أين هم النواب"، فهل بعد كل هذا يطمع النواب في تجديد عهدتهم الانتخابية؟

 حاولت "الرائد" استقصاء آراء بعض النواب المتواجدين حاليا في البرلمان حول رغبتهم في تجديد العهدة، وما هي الظروف والخلفيات المرتبطة برغبتهم، وما هي مسؤولية الأحزاب في تقديم قوائم لمترشحين لا يلتزمون بالعمل النيابي.

 

نعمان لعور: منصبي في الجامعة أفضل من الإهانات داخل البرلمان

من جانب حزب حركة مجتمع السلم، قال النائب نعمان لعور إنه "رفض نهائيا تجديد العهدة البرلمانية ولا يرغب فيها ولن يطلبها". وأضاف: "لن أترشح ولا أرغب في ذلك نهائيا، وحتى لو تعلق الأمر بالتزام حزبي وقرارات حزبية سأرى الأمر". واعتبر النائب نعمان أن "عهدتين في البرلمان جعلته يرفض العودة إليه مجددا"، وقال: "منصبي الأصلي أستاذ في الجامعة أفضل وأكثر احتراما لي من نائب برلماني، فقد عانيت الكثير"، مضيفا: "نظرة المواطن للنواب سيئة جدا ولها جانب مادي أكثر منها شيء آخر، وأرى أن كرامتي أغلى بكثير من المنصب".

ومن جهة ثانية، ذكر نعمان لعور أن "ترشح النواب لعهدة جديدة تتعلق بضمائرهم وما يمكن أن يقدموه للشعب، ومن جهتي أرى أن إقامة الحجة على الآخرين هي الدافع وراء ترشحي في عهدتين سابقتين". وعن ترشح ولد خليفة لعهدة جديدة رغم أن سنه يتجاوز 79 سنة ومثله بعض النواب ممن تجاوزا السبعين، قال نعمان لعور: "كل إناء بما فيه ينضح، ولكل غايته من الترشح، فقد يكون ولد خليفة يريد البقاء الرجل الثالث في الدولة، ومن أعطاه ضمانات للترشح والبقاء في منصبه الحالي". واعتبر نعمان أن "ترك المجال أمام الجيل الصاعد صار حتميا، فالكفاءات والإطارات في الجزائر يجب أن تنخرط في العمل السياسي لعدم ترك الفرصة أمام المتردية والنطيحة"، مضيفا: "لو كانت الانتخابات نزيهة والشعب هو من يختار ممثليه سأترشح 10 مرات وكذلك الكفاءات الوطنية". 

 

خبابة: رغبتي في التجديد مرتبطة بلجنة الترشيحات

ومن جهته، قال النائب عن التكتل الأخضر (حركة النهضة)، يوسف خبابة، أن "رغبته في الترشح تستوي مع عدم رغبته في تجديد العهدة"، وأضاف: "من لم يجرب البرلمان والعمل داخله ستكون له رغبة جامحة في اكتشافه، لكن من يمارس عهدة واحدة ويتعرف على ظروف عمله وظروفه يكون الأمر مختلفا". واعتبر خبابة أن "رغبته في الترشح كذلك ترتبط بلجنة دراسة الترشيحات للاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء المتشكلة مؤخرا من ثلاثة أحزاب".

وفي نقطة ثانية، وصف خبابة سعي بعض النواب لتجديد العهدة رغم أن أداءهم كان ضعيفا جدا في العهدة الحالية، بأن "المسألة تخضع لضمائر الناس ومسؤولية الأحزاب أيضا"، مضيفا: "البعض يترشح من أجل الامتيازات والراتب والحصانة والتقاعد (25 في المائة من الراتب المقدر بنحو 24 مليون سنتيم في كل عهدة) وهذه مصيبة كبرى"، معلقا: "العهدة البرلمانية هي التزام بين الشعب والنائب، وهناك نواب معروفون في البرلمان الحالي لم يحترموا أي أخلاق أو التزام لعهدتهم"، في إشارة إلى تركيبة البرلمان الحالي، مثلما قال، ومسؤولية الأحزاب في الارتقاء بمرشحيها. 

 

خليفة رندي: لم أقرر بعد هل أجدد العهدة أم لا 

رفض نائب التجمع الوطني الديمقراطي، خليفة رندي، الإفصاح صراحة عن رغبته في خوض غمار الترشح لتشريعيات ماي 2017، بعد أن تنتهي عهدته الحالية. وقال رندي: "لم أقرر بعد رغبتي في الترشح، ولم أضع ملف ترشحي، ولا أعرف متى أتقدم بذلك". وأضاف: "لدي عهدة واحدة في البرلمان، وأقيّم أدائي بأني أديت ما عليّ في تشريف عهدتي، والحزب هو من يقيّم أداء نوابه". وظهر رندي في حديثه مع "الرائد" متكتما على "رغبته في الترشح لعهدة ثانية"، معتبرا أن "قيادات الأحزاب هي من تضع القوائم وهي من ترشح الراغبين في خوض التشريعيات".

وعن إهمال العمل البرلماني المنصوص عليه دستوريا مقارنة بالامتيازات التي يتحصل عليها النواب، قال رندي: "القانون ينص على منح جزافية للنواب خلال أداء عهدتهم، وفي التقاعد تقدر المنحة بـ 25 في المائة من الراتب الحالي"، مضيفا: "هذا يخضع لضمير كل نائب ومساره السياسي، وأنا من جهتي ممارسة العمل النيابي ليست من أولويات مساري السياسي". 

 

عظيمي: عار أن يجلس جامعي إلى جنب بارون مخدرات في البرلمان

 على صعيد آخر، وصف المحلل السياسي والأستاذ الجامعي، أحمد عظيمي، أداء البرلمان الحالي بأنه "يؤكد عدم امتلاك الدولة الجزائرية لهيئة تشريعية حقيقية"، مستدلا: "البرلمان لا دور له في الحياة السياسية، بل هو مجرد غرفة تسجيلات، والدليل أنه لم يطرح أي مشروع قانون طوال 5 سنوات، ولا يرفض أي مشروع قانون ولا يعدله كذلك". وأضاف: "في قانون المالية التكميلي لسنة 2016 تلقى النواب تعليمات في شكل أوامر بعدم المساس ولو بفاصلة من المشروع، وتم تمريره مثلما تقدم به وزير المالية، هل هذا يمكن أن نسميه برلمانا"، مضيفا: "العهدة الحالية مررت بعض القوانين تتناقض مع روح الدستور وحرمت مواطنين من حقوقهم، ورغم أن نواب المعارضة قدموا تعديلات عليها إلا أنهم لم يتمكنوا من تصويبها".

وعن رغبة النواب في تجديد عهدتهم رغم الأداء الضعيف الذي ظهروا به خلال العهدة الحالية، قال عظيمي: "هناك حقيقة أن الوزير المكلف بالعلاقات بين الحكومة والبرلمان هو الذي يتحكم في عمل النواب، ما يجعل النواب مجرد مستفيدين من امتيازات فقط". وأضاف: "البرلمان صار مجرد واجهة أمام الدول للتأكيد على وجود تعددية وهيئة تشريعية، وهو ما انعكس على النواب في عدم الالتزام"، متسائلا: "كيف نفسر أن كثيرا من النواب لم يحضروا أي جلسة، ولم يتكلموا ولم يقدموا أي دور طوال 5 سنوات".

وفي سؤال عن الإرادة السياسية لتحسين أداء الهيئة التشريعية، قال الأستاذ عظيمي: "في الدول العريقة ديمقراطيا، البرلماني يكون جامعيا ومتكونا وسياسيا محنكا ومناضلا، لكن في الجزائر ساءت الأمور حتى صار أي واحد يريد أن يكون برلمانيا"، مضيفا: "في العهدات السابقة وصلت نسبة الأمية في البرلمان إلى 30 في المائة دون احتساب ذوي المستوى الابتدائي والمتوسط والثانوي"، متسائلا: "كيف لنائب أن يناقش مشروع قانون وهو لا يدرك مفهوم روح القانون وقانونية القانون وتأثيراته على المجتمع والدولة على المدى القريب والمتوسط"، مضيفا: "الأمور غير سليمة والأحزاب ليس لها مناضلون، لذلك صارت تبحث عن أناس لديها المال لترشيحها وأخرى انتهازية"، مختتما: "عار وعيب أن يجلس جامعي جنبا إلى جنب مع بارون مخدرات وأميين وبعضهم من المهن التي لا تمت بأي صلة للعمل النيابي من أمثال الحلاقات وغيرها".

ويجدر التذكير أن "الرائد" اتصلت في عدة محاولات بنواب حزب العمال والأفلان إلا أنهم رفضوا الرد على اتصالاتنا، فيما أبدى البعض تحفظهم بداعي عدم فصل أحزابهم في شروط الترشح والملفات المودعة لديها، كما سبق لـ"الرائد" أن ناقشت مع نواب آخرين رغبتهم في الترشح على غرار نواب أحرار ونواب نساء في الأرندي.

يونس بن شلابي
 

من نفس القسم الوطن