دولي

خالد معالي

حال الاستيطان مع ترمب

يتوجس الفلسطينيون خيفة، من الأربع سنوات القادمة على يد الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة "دونالد ترمب" من الحزب الجمهوري، خاصة في موضوع الاستيطان، فبعد أسبوع من استلام "ترمب" لمنصبه، لوحظ أن الإدارة الجديدة بقيادته لم تعلق على إعلان دولة الاحتلال بخطط لبناء 566 وحدة استيطانية جديدة، ولا على 2500 وحدة أيضا، بعكس الإدارة الأمريكية السابقة، التي كانت تدين وتشجب وتستنكر قيام دولة الاحتلال بالإعلان عن بناء عشرات أو مئات الوحدات الاستيطانية الجديدة، وتطالب بوقف البناء الاستيطاني.

صمت الإدارة الأمريكية بقيادة ترمب هذه المرة، موجع جدا، لمن عولوا على الدور الأمريكي وعدُّوه وسيطا نزيها في حل الصراع، حيث تتزامن عطاءات البناء بعد قرار مجلس الأمن 2334، وهو ما يبرز تحدي "إسرائيل" السافر لقرارات مجلس الأمن، وموقف المجتمع الدولي الرافض للاستيطان، والقانون الدولي الإنساني الذي لا يجيز الاستيطان.

القول بان أمريكا، هي... هي، قبل وبعد أوباما وترمب، هو كلام وتوصيف غير دقيق، فلكل حزب في أمريكا نظرته المختلفة وسياساته التي تتمايز عن الأحزاب الأخرى، وإلا لما صار هناك حاجة لانتخابات أمريكية كل أربع سنوات.

ما يخشى صراحة هو مضي الاحتلال في فكرة ضم الضفة الغربية أو جزء منها، كون الوقت والزمن ناضج مع ترمب، والوضع الفلسطيني والعربي منقسم على نفسه، فقد جرى سابقا وأن ضم الاحتلال هضبة الجولان، ولم يحدث حراك يوازي خطوة الضم، ومرت مرور الكرام وقتها، وصار أمرا واقعا.

في حال عدم الضغط من أمريكا على دولة الاحتلال، فإن "نتنياهو" سيواصل العمل على فكرة الضم، خطوة تلو خطوة، وسيفصل خلال فترة ولاية ترمب القدس عن الضفة بشكل نهائي، وسيضم الأربع تكتلات الاستيطانية الكبرى وهي: غوش عتصيون، ومعالية ادوميم، وبيت ايل، واريئيل.

ما أن تنتهي فترة ولاية ترمب، حتى يكون الاحتلال قد أكمل فكرة وخطوة القدس الكبرى 2020، وهي بالمجمل العام قطعت شوطاً طويلا ولا يستهان به، فقد تمكنت خلال السنوات الثماني الماضية من فرض الكثير من الحقائق على الأرض، سواء عبر توسيع الحدود البلدية للقدس باتجاه الضفة الغربية أو بتهجير الفلسطينيين من مدينتهم ومنازلهم، قرارات وسياسات صبت كلها في مصلحة هذا المخطط.

التجمع الاستيطاني «بيت ايل» الملاصقة لمدينة رام الله والذي لا يبعد عن بيت الرئيس الفلسطيني محمود عباس أكثر من كيلومتر واحد، هو أحد التجمعات الاستيطانية المنوي ضمه، و"نفتالي بينت" طالب صراحة بسرعة ضم تجمع" معاليه ادوميم".

في حال انتهاء الاحتلال من عزل القدس ضمن مخططاته التوسعية، وضم منطقة "ج"، فإن ترمب لن يعارض، وبصمته المتوقع، فإنه يعطي ضوءاً أخضر لمواصلة تنفيذ خطط الاحتلال الاستراتيجية بالنسبة للاستيطان، ويكون حلم الدولة الفلسطينية قد تبخر وانتهى.

بعد ترمب، سيتوسع ويتغول الاستيطان أكثر وأكثر، ومجلس الأمن بات مع ترمب لا يحقق شيئا للفلسطينيين، كون ترمب سرعان ما سيستخدم الفيتو، والتوجه الفلسطيني المطلوب سيكون باتجاه محكمة الجنايات الدولية، بعد قرار مجلس الأمن رقم 2334، ولا يصح إهماله كما جرى إهمال ونسيان قرار محكمة الجانيات الدولية بخصوص الجدار.

فلسطينيا، لن يكون هناك رد موجع على الاحتلال، وتوسعه الاستيطاني، لأن "أوسلو" تكبل الفلسطينيين، ما لم تغير حركة فتح نظرتها للصراع، وهو أمر غير متوقع ولم ينضج بعد، وسيكون الرد عبر المحافل الدولية، والذي بالمحصلة لن يقود أو يمنع مستوطن واحد من الاستيطان في الضفة، لكن يبقى في إطار جزئي معقول، لكشف وإحراج الاحتلال في المحافل الدولية وتعريته.

إن أراد الفلسطينيون الرد على التوسع الاستيطاني ووقف تغوله وقتله لحلم الدولة الفلسطينية، فالحل بسيط جدا، وهو تفعيل الطاقات الفلسطينية التي لا تنضب، وطي صفحة الانقسام، والعمل ضمن برنامج وطني موحد، فالاحتلال لم يستطع خلال ثلاث حروب عدوانية على غزة من إخضاعها، وأجبرته سابقا على هدم قرابة عشرين مستوطنة بيديه، فهل نحن معتبرون، فالوقت يمضي سريعا!؟

 

من نفس القسم دولي