الوطن

الداخلية تغازل الأحزاب بتسهيلات استثنائية لإنجاح التشريعات !!

رخصت بجمع نسب الأحزاب في التكتلات الجديدة وتطمينات بنزاهة الانتخابات

بن خلاف: نثمن الخطوة لأنها في صالح الأحزاب والتكتلات

فراد: جمع التوقيعات منطقي لقوائم الأحرار ومجحف للأحزاب 

أخيرا، بعد انتظار قارب 5 أشهر، أفرجت وزارة الداخلية والجماعات المحلية عن فتواها القانونية لشرح نص المادة 94 من القانون العضوي للانتخابات 16-10 الصادر في 25 أوت 2016، المتعلقة بجمع التوقيعات. وكشفت فتوى وزارة الداخلية بخصوص المشاركة في التشريعيات أن حصول الحزب على نسبة 4 في المائة في الانتخابات الماضية أو توفر الحزب على 10 منتخبين أو جمع النسب بالنسبة للأحزاب المتكتلة معًا لتوفير أحد الشرطين، وفي حال عدم توفر هذه الشروط، يلجأ الحزب لجمع التوقيعات. وتطرح هذه الفتوى مجددا "قضية أخرى" تتعلق بالأحزاب المعتمدة بعد تشريعيات 2012 وهي حاليا منضوية في تكتلات جديدة مع أحزاب شاركت سابقا، على غرار حركة البناء الوطني مع حركة النهضة وجبهة العدالة والتنمية.

وتشكل المادة 94 من قانون الانتخابات "حاجزا ولغزا" أمام بعض الأحزاب والأحرار دون استثناء، فشرط حصول الأحزاب التي ترغب في المشاركة في التشريعات على نسبة 4 في المائة أو 10 منتخبين في كل الولايات "لا يزال غامضا"، بالنظر إلى سعي بعض الأحزاب لعقد تحالفات وأخرى اتحادها في كتلة واحدة تحضيرا للاندماج، وحتى التحالفات المحلية "لا تزال تشكل لغزا" للأحزاب، فهل فصلت فتوى الداخلية في كل التساؤلات وانشغالات الأحزاب المطروحة أمامها منذ 5 أشهر كاملة؟

 

بن خلاف: نثمن تسهيلات الداخلية وإرادتها تنظيم انتخابات نزيهة

في أول رد فعل من جانب الأحزاب المحسوبة على المعارضة، والتي انتقدت بشدة قانون الانتخابات منذ إصداره، قال القيادي في جبهة العدالة والتنمية، لخضر بن خلاف، أن "تسهيلات وزارة الداخلية في شرح المادة 94 المتعلقة بجمع التوقيعات تبرز إرادة ملموسة لدى الوزارة لتنظيم انتخابات نزيهة". وأضاف: "التقيت يوم الخميس الفارط وزير الداخلية على هامش جلسة في البرلمان، وتحدثنا عن تنظيم الانتخابات ووعدني بأمرين"، مضيفا: "الأمر الأول يتعلق بفتح أبواب الوزارة لكل الأحزاب ولدي موعد الأسبوع المقبل للاستفسار حول الاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء"، والأمر الثاني "تجسيد كل التسهيلات التي تساعد الأحزاب والناخبين على المشاركة في تنظيم انتخابات نزيهة". وفي السياق، قال بن خلاف: "التقيت كذلك وزير العدل وأتمنى تجسيد الإرادة لتنظيم انتخابات نزيهة عبر تعليمات للنواب العامين والقضاء المنضوين في الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات".

وعن مضمون الفتوى التي أصدرتها وزارة الداخلية عن طريق مدير الحريات والانتخابات، قال بن خلاف: "في نظرنا هي ترغيب للأحزاب من أجل المشاركة وفيها نوع من الخروج عن نص المادة 94"، مضيفا: "نحن نثمن هذا الخروج عن النص لأنه يؤكد صدق ما ذهبنا إليه في شهر جوان عند عرض القانون على البرلمان، والشروط المجحفة التي حملها". واعتبر بن خلاف أن "تحالف الاتحاد الذي يضم حركة النهضة وجبهة العدالة والتنمية إضافة إلى حركة البناء الوطني، نتمنى أن لا تتخلف حركة البناء عن الموعد الانتخابي، بحكم أنها لم تشارك في التشريعيات المقبلة ولا تمسها هذه الفتوى"، مضيفا: "نتمنى تعميم إجراءات هذه الفتوى القانونية على الأحزاب التي تحصلت على الاعتمادات وهي ضمن تحالف يلبي شروط المادة 94".

كل هذه الإجراءات والفتاوى والتسهيلات التي نثمنها، فهي تؤكد مرة أخرى ما ذهبنا إليه من قبل من أن القانون المشار إليه أعلاه يضيق على الأحزاب ويقصيها من المشاركة في الانتخابات. لذا بقي موضوع الأحزاب التي لم تشارك في الانتخابات بسبب عدم حصولها على الاعتماد وهي اليوم تشارك في الانتخابات لأول مرة، أن تجد لها وزارة الداخلية الحل بتمكينها من المشاركة في الانتخابات عبر عائلات سياسية تتوفر على شروط المشاركة، أي نسبة 4 في المائة، وهذا من باب العدل وتكافؤ الفرص بين جميع الأحزاب السياسية.

 

فراد: جمع التوقيعات منطقي لقوائم الأحرار ومجحف للأحزاب 

من جانبه، اعتبر الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي، أرزقي فراد، أن "شرح القانون بهذا الشكل هو من خصائص النظام المستبد لأنه يسعى بكل الطرق لتعطيل الديمقراطية، فالأحزاب في أساسها تبلغ فقط وزارة الداخلية حول مشاركتها والشعب هو مصدر السلطة وهو من يحكم"، وأضاف: "قضية جمع التوقيعات ونسبة 4 في المائة يؤكد عدم وجود إرادة سياسية من أجل تكريس النهج الديمقراطي، كما أن القانون مجحف في حق الأحزاب وهو سلوك غير ديمقراطي من جانب السلطة".

وأضاف فراد: "من دواعي الأسف أن الأحزاب انجرت وراء الطمع الذي تفرضه عليها السلطة، فالدستور الجديد جاء لتكريس الديمقراطية لكن هذه القوانين بعيدة عنها". وفي سؤال عن قوائم الأحرار وعدم استفادتها من الفتوى التي تمنحها حق المشاركة بناء على قاعدة نسبة 4 في المائة، قال المحلل السياسي: "الأحرار هم حالة استثنائية ومهما وصلت الشخصيات الوطنية فلا يجب أن تتعدى دور الأحزاب السياسية في التنافس على السلطة، وبالتالي فجمع التوقيعات في حقهم هو منطقي وعادي"، مضيفا: "في الدول الديمقراطية لا يأخذ الأحرار دور الأحزاب، لأن الأصل أن السياسة تمارس داخل مؤسسة الأحزاب، وعلى الشخصيات الأحرار طلب الدعم من الأحزاب، وهذا أمر معقول".

ويجدر التذكير أن المادة 94 من القانون العضوي المتعلق بالانتخابات تضع ثلاثة شروط للمشاركة في الانتخابات، هي حصول الأحزاب على نسبة 4 في المائة خلال الاستحقاقات السابقة، أو 10 منتخبين، وفي حال عدم تحقق الشرطين تحال الأحزاب على شرط جمع التوقيعات التي تقدر بـ 250 توقيع ناخب عن كل مقعد في الدائرة الانتخابية، وهو شرط تراه معظم الأحزاب "تعجيزيا" في حال لجوئها إليه، كما سبق للأحزاب أن تقدمت عبر وسائل الإعلام بطلب توضيحات حول شرط نسبة 4 في المائة، بينها تكتل الجزائر الخضراء (النهضة، الإصلاح، حمس) بعد حلّه، وكذا ظهور تكتلات جديدة على غرار الاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء، ورغبة أحزاب أخرى في خوض تحالفات محلية.

يونس بن شلابي

 

من نفس القسم الوطن