دولي
هل يقضي نقل السفارة على ما تبقى من سراب التسوية؟
القلم الفلسطيني
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 23 جانفي 2017
قد يظن البعض أن تصريحات الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، حول نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس المحتلة، جديدة أو غريبة في سياق تطور العلاقات الاستراتيجية بين الطرفين، لكن متابعة دقيقة لتاريخها يلحظ منها أن مثل هذه التصريحات لطالما ترددت على ألسنة المسؤولين الأمريكيين بين الفينة والأخرى. السلطة الفلسطينية حتى هذه اللحظة لا تعلم ما يدور في ذهن ترامب، ولا يزال هاجس الخطر "المجهول" القادم من واشنطن مُسيطراً على المشهد، بعد تلقيها مؤشرات أولية تؤكد أن مرحلة ترامب ستكون "مظلمة" على تاريخ القضية والحقوق الفلسطينية، بعد تمسك الرئيس الأمريكي المنتخب بأخطر الملفات؛ المتمثل "بنقل السفارة الأمريكية لمدينة القدس المحتلة"، ما قد يشعل الحرب والمواجهة مع الإدارة الأمريكية مبكراً.
ترجح مصادر سياسية إسرائيلية أن يتم الإعلان عن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس مع بداية عهد ترامب وخلال الأسابيع الأولى لولايته؛ فقد نقلت الإذاعة الإسرائيلية، 19 يناير/ كانون الثاني، عن المصادر التي لم تسمها أن طاقماً أمريكياً تفقد مؤخراً الموقع المخصص لإقامة مبنى السفارة في القدس. كما أكدت مسؤولة أمريكية اختارها دونالد ترامب لتكون سفيرة بلاده في الأمم المتحدة، 18 يناير/كانون الثاني، أن واشنطن تعتزم نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس. يأتي الكشف عن هذه المعلومات بالتزامن مع تحذير الرئيس الأمريكي باراك أوباما، في آخر مؤتمر صحفي له قبل تسليم الرئاسة لترامب، من أن نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس قد يسفر عن نتائج من شأنها "تفجير" الوضع في المنطقة. ترامب، المتمسك بهذا الملف يريد أن يثبت للجميع أنه "الأقوى"، وأنه الرئيس الوحيد القادر على ذلك، بعد فشل 3 رؤساء سابقين؛ هم بيل كلينتون، وجورج بوش الابن، وباراك أوباما، رغم موافقة الكونغرس بشقيه على القرار. مع تزايد احتمالات تنفيذ وعود ترامب بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى مدينة القدس المحتلة ستكون المرحلة المقبلة صعبة وقاسية للغاية على الفلسطينيين، وفيها انتهاك خطير للغاية للقانون الدولي، وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181. خلال حملة ترامب الانتخابية كان يتغنى بورقة نقل السفارة الأمريكية لمدينة القدس المحتلة، وهذا الأمر في حال تم تنفيذه بعد فشل رؤساء أمريكيين سابقين، فسيكون مؤشراً خطيراً للغاية. التعامل مع خطوة ترامب سيدفع السلطة الفلسطينية إلى التوجه إلى مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة بمواجهة الإدارة الأمريكية بحسب تصريحات مسؤولين فيها، كما ستطالب بعقد جلسات طارئة لمجلس الأمن الدولي، وإعادة فتح ملفي "الجدار الفاصل" و"المستوطنات" من جديد على المستوى الدولي، بحسب المسؤولين في السلطة.
كل الإدارات الأمريكية، جمهورية وديمقراطية، رفضت الاعتراف بسيادة أي دولة على القدس، ومنذ 1995 فرض الرؤساء من الحزبين الفيتو على تطبيق قرار الكونغرس المتعلق بنقل السفارة إلى القدس. بالمقابل، ينتظر الإسرائيليون بفارغ الصبر وعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس المحتلة، وسط تشكيك بقدرة ترامب على تنفيذ وعده. رغم الدعم الأمريكي الكبير لكيان الاحتلال، فإن خطوة نقل السفارة تشكّل رمزيّة كبيرة؛ إذ إنها قد تعطي ضوءاً أخضر له للاستمرار في الاستيطان بالضفة الغربية والقدس المحتلة، وقد تحذو دول أخرى حذوها. ترامب سيدخل في المحظور بالكثير من الملفات السياسية الخطيرة، ووعوده بنقل السفارة الأمريكية لمدينة القدس المحتلة قد ينفذها في حال وجد الدعم من قبل الكونغرس الأمريكي، وهو مستعد وجاهز لأي تصعيد أو مواجهة مع الفلسطينيين وغيرهم.
هشام منور