الوطن
نواب يلهثون وراء الترشح لعهدة برلمانية جديدة
رغم التقييم السلبي لأدائهم وتصاعد دعوات لمنح الفرصة للشباب والكفاءات
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 23 جانفي 2017
• الوزراء في طليعة المتسابقين إلى مبنى زيغوت يوسف
• المترشحون الأحرار: نحن بين مطرقة القانون لجمع التوقيعات وسندان عراقيل الإدارة
لا قوانين ولوائح الأحزاب ولا قانون الانتخابات يمنع نائبا من الترشح لعهدة انتخابية ثانية وثالثة وحتى خامسة، فالنواب يجدون في عهدتهم الأولى "فرصة كبيرة" لتجديد العهدة بناء على معايير ترسمها قيادات الأحزاب وليس القاعدة الشعبية، فحتى وإن اختلفت التوجهات السياسية للأحزاب (معارضة أو موالاة) فدخول البرلمان صار "محل أطماع" رؤساء هيئات دستورية ووزراء ورؤساء الأحزاب وقياداتها، وليس وفق معايير الكفاءة والتشبيب وإتاحة الفرصة للجميع، وهو ما يؤكده النواب الحاليون المترشحون لتشريعيات 2017 في تصريحات ليومية "الرائد". فهل سيكون البرلمان القادم تجمعا لأصحاب الامتيازات بدل ممثلي الشعب الحقيقيين؟
ففي إطلالة بسيطة على تشكيلة البرلمان الحالي، نجد الأمين العام لحزب العمال، لويزة حنون، تمارس عهدتها الرابعة في البرلمان (نائب منذ 1997) وبالمقابل لم تحضر جلسة واحدة في البرلمان ماعدا جلسة التنصيب الأولى لضرورتها القانونية، وجلسة التصويت على الدستور الجديد رفقة رئيس الجمهورية. أما نواب المعارضة فيتواجد العشرات منهم الذين أعادوا تجديد عهدتهم في البرلمان، ومنهم من مارس عهدتين بثلاثة انتماءات حزبية، كما يضم البرلمان نوابا تجاوزوا سن الستين (60) وآخرين ماتوا وهم نواب شيوخ، فيما تتراوح نسبة الشباب الأقل من 40 سنة داخل البرلمان الحالي أقل من 5 في المائة، وفق تصريحات نواب.
وفي الشق القانوني، فما عدا القانون الذي يتعلق بالتمثيل النسوي في المجالس المنتخبة ومنح حق تواجد المرأة بنسبة 30 في المائة، فإن كل التشكيلات الحزبية الأخرى لا تنص قوانينها الأساسية واللوائح التنظيمية على شروط الكفاءة والسن وتحديد العهدات خلال عملية اختيار المترشحين للقوائم. وباعتراف الكثير من رؤساء الأحزاب، فإن المعيار الحقيقي والأساسي في اختيار رؤوس القوائم هو "القدرة على تمويل الحملات الانتخابية"، وبذلك فلا شك أن البرلمان المقبل سيفرز نوابا من أصحاب النفوذ والمال بغض النظر عن كفاءتهم وإتاحة الفرصة للشباب.
وحاولت "الرائد" جمع آراء بعض النواب الذين يرغبون في تجديد عهدتهم، والمعايير التي تعتمدها أحزابهم لتقديم مرشحيها، وكذا الصعوبات التي يجدها المترشحون عن القوائم الأحرار إداريا وقانونيا.
• فوزية بن سحنون: مساري النضالي يشجعني على الترشح لعهدة ثانية
أصرت نائب التجمع الوطني الديمقراطي، فوزية بن سحنون، على ترشحها لعهدة انتخابية ثانية في تشريعيات 2017. وقالت بن سحنون إن "مسارها السياسي والنضالي منذ التسعينات يشجعها على خوض عهدة برلمانية ثانية". وأضافت: "أنا مناضلة وعضو المكتب الوطني للأرندي ورئيسة بلدية القبة سابقا، وهي مؤهلات تسمح لي بالترشح للبرلمان"، مضيفة: "في عهدتي الحالية بالبرلمان مثلت المرأة أحسن تمثيل، وأنا كذلك عضو في البرلمان العربي للمرأة، وتجربة الجزائر حديثة مع الديمقراطية، خصوصا أن هذه هي العهدة الأولى لنظام التمثيل النسوي في البرلمان". واعتبرت بن سحنون أن "تمثيل المرأة الجزائرية في البرلمان أفضل منه في عدة دول عربية، بحكم أنها نجحت في تعزيز حرية المرأة وإصدار تشريعات هامة خلال العهدة الحالية، بينها قانون حماية المرأة من العنف".
وعن شروط ترشح النواب في الأرندي، قالت سحنون: "لا توجد تعليمة تمنع النواب الذين لهم عهدتان من تكرار الترشح، وإنما هي كلام فارغ وليس لها أساس من الصحة"، مضيفة: "شروط الترشح تتعلق فقط بالماضي الثوري لعائلة المترشح وخلوه من السوابق العدلية". وعن تواجد المرأة في الحزب، ذكرت المتحدث أن "الأرندي لديه العدد الكافي من المناضلات النساء ولن يستورد نساء للترشح باسمه، فالمجلس الوطني يضم 30 في المائة نساء، وكذلك نساء في سن الشباب".
• حبيب زغاد: أطمح للترشح لأن النواب الأحرار أكثر التزاما مع قضايا الشعب
من جهته، يتردد النائب عن كتلة الأحرار، حبيب زغاد، في خوض تجربة ثانية في البرلمان القادم بحجة أن "قانون الانتخابات صعب من ترشح النواب الأحرار عبر جمع التوقيعات إداريا، وكذا عراقيل أخرى تتعلق بتوجهاته السياسية المعارضة للنظام". وقال زغاد: "لم أحدد بعد موقفي من الترشح، لكني أشك في أن الإدارة سترفض ملفي لدواع سياسية وإدارية بحتة، وهو ما حدث لي في سنة 2012 وقامت العدالة بإنصافي". وأضاف: "حسب قانون الانتخابات الجديد أنا أملك 8 في المائة من الأصوات عن ولاية ميلة، لكني مجبر على جمع التوقيعات، والكل يعرف أن المواطن يمنح صوته للمعارضة، لكنه يخاف من منح توقيعه بسبب العراقيل الإدارية"، مضيفا: "التشريعيات التي لا تفرز فسيفساء من كل الأطياف ستجعل البرلمان يولد ميتًا، وشروطها الواضحة هي انتخابات نزيهة ودون عراقيل إدارية".
وعن طموح النواب لتجديد العهدة رغم التقييم السلبي لنشاطهم، قال زغاد: "المواطن هو من يجب أن يقيم نشاط كل نائب، وليس الأحزاب التي تضع قيادييها على رأس القوائم وعبر الكوطات"، مضيفا: "هناك أمين عام لحزب تترشح ولديها أربع عهدات متتالية ولم تحضر مرة واحدة للبرلمان، فلماذا تترشح؟". وأضاف: "رئيس المجلس الشعبي الوطني حاليا عمره أكثر من 80 سنة ويرغب في عهدة جديدة، والحكومة كلها تلهث وراء الترشح، أين الشباب وأين التمثيل الحقيقي للشعب؟"، معلقا: "الشباب ترك مكانه فارغا لهؤلاء، ولن تمنح له أي فرصة إذا لم يأخذها بقوته وإصراره"، متأسفا: "المواطن يمنح صوته للنائب، لكن بعد تعرض النائب لضغوطات لا يجد أي واحد من ناخبيه ليقف ويدعمه ضد السلطة أو أي جهة كانت".
• حمدادوش: مناضلو الحركة في جيجل جددوا الثقة في شخصي
على صعيد آخر، قال النائب عن حركة مجتمع السلم، ناصر حمدادوش، أن نواب الحركة بولاية جيجل "جددوا الثقة في شخصي للترشح على رأس القائمة وفق تقاليد تنظيمية وتربوية وديمقراطية تحكم عملية الترشح في الاستحقاقات الانتخابية"، وأضاف: "لا يملك الفرد داخل الحركة الجرأة على ترشيح نفسه ولو كانت له رغبة في ذلك". واعتبر حمدادوش أن "رغبته الشخصية في مواصلة المسيرة النيابية والسياسية والقيادية تناغمت مع قناعة ورغبة قواعد الحركة ومؤسساتها، وتجديد الثقة هو عنوان على نجاح العهدة السابقة وتثمين لأداءاتها".
وعن عدم ترك الفرصة للشباب والكفاءات الأخرى للترشح، ذكر حمدادوش أن "من معايير الترشح في حمس، مؤشر النجاح في مصداقية المترشح وبُعده الشعبي وحضوره المجتمعي وقبول الرأي العام له، ولا علاقة للسّن في هذه العملية"، مضيفا: "لقد تمّ ترشيحي في تشريعيات 2012 وعمري وقتها 35 سنة، والآن يُعاد تجديد الثقة وعمري 40 سنة"، معتبرا أن "معايير النجاح والكفاءة أولى من السّن، باعتبار أن الحركة قدمت سابقا وزيرا (مناصرة) كأصغر وزير في سن الثلاثينات".
• الطاهر ميسوم: أخشى الإدارة فقط أن تقف ضد ترشحي لعهدة جديدة
أبدى النائب المثير للجدل الإعلامي والسياسي داخل البرلمان، الطاهر ميسوم، رغبته في الترشح لعهدة انتخابية جديدة خلال تشريعيات 2017 بصفة "نائبا حرا". وقال ميسوم أن "أكثر العراقيل التي يمكن أن تقف أمام ترشحه ليس جمع التوقيعات بل الإدارة والسلطة، لأنني كنت منتقدا شرسا لها". وأضاف: "بعض المواطنين طالبوني بالترشح لعهدة جديدة، لكن رغم ذلك لا أعتقد أن ملف ترشحي سيقبل". وعن رغبته في الترشح، قال النائب المعروف بلقب "سبيسيفيك" أن "هذه العهدة (2012-2017) قدم فيها نشاطا يمكن أن يقيمه المواطن، رغم أنها أسوأ عهدة تشريعية، فالتجاوزات بلغت حدا كبيرا سواء على مستوى النواب أو إدارة المجلس"، مضيفا: "بسبب تدخلاتي في البرلمان والدفاع عن المواطن تعرضت لعقوبة عدم حضور 6 جلسات علنية كانت غير قانونية، لأنها لا توجد في النظام الداخلي للمجلس، ولأنها جاءت بأمر من عضو الحكومة".
وعن معيار الترشح وتقييم النواب من قبل أحزابهم قبل تقديمهم لعهدة جديدة، ذكر ميسوم "أتحدى أي حزب سياسي يقوم بتقديم تقرير تقييمي حول أداء كل نائب ينتمي له بعد انقضاء العهدة أو خلالها". واعتبر ميسوم ذلك "شكلا من أشكال تهرب الجميع، على غرار ما تفعله الحكومة حين رفضت تقديم بيان السياسة العامة أمام البرلمان خلال السنوات الفارطة"، مختتما: "بعض النواب من الزملاء انتخبوا لمصالحهم الشخصية وخدمة أنفسهم، وهم لم يقدموا أي خدمة للشعب، لكن السلطة تقوم بمعاقبة من يعمل ويبحث عن خدمة الوطن والشعب".
يونس بن شلابي