الوطن

محللون: المعارضة تدخل التشريعيات بـ"خطاب مرن"

بعد خطاب المغازلة من التيار الإسلامي بغرض الانضمام للحكومة القادمة

 

فراد: فشل مطالب "مزفران" جعل المعارضة في وضعية "غير مريحة"
غرمول: المشاركة في الانتخابات غرضها تشكيل قوى نقدية داخل البرلمان
 
بدأت ملامح الساحة السياسية لما بعد تشريعيات 2017 تأخذ "شكلا مغايرا" لما كانت عليه عقب رئاسيات 2014، فالبعض يرى أن أحزاب المعارضة المنضوية في هيئة التشاور والمتابعة "تتواجد في وضعية غير مريحة" وستدخل التشريعيات "مطأطأة الرأس"، في حين يدافع البعض عن خيارات المعارضة بالقول أن المشاركة في التشريعيات رغم فشلها في تحقيق مطالب "أرضية مزفران" هي "مرونة وسعي للتواجد ضمن الهيئة المشرعة لنقد السلطة من داخل المؤسسات الرسمية"، وتطرح خطابات أحزاب محسوبة على التيار الإسلامي عن "رغبتها في المشاركة في تشكيل الحكومة المقبلة" الكثير من علامات الاستفهام، فهل هو "خطاب تودد" للظفر بمقاعد في البرلمان عبر نظام الكوطة، أم أنها تبحث فعلا عن التواجد في الحكومة بعيدا عن سياسة الكرسي الشاغر؟
 
"الرائد" سألت محللين سياسيين عن القراءات الأولية لخطابات أحزاب المعارضة، وبشكل أخص المحسوبة على التيار الإسلامي التي أخذت توجهين اثنين، فالبعض يعتبرها مراجعة لسياسة الكرسي الشاغر والعودة إلى منطق المشاركة، والبعض الآخر يعتبرها توددا للظفر بمقاعد ضمن نظام الكوطة رغم تصريحاتها بعدم نزاهة الانتخابات قبل إجرائها.
 
أرزقي فراد: المعارضة تدخل التشريعيات مطأطأة الرأس ولا خيار لها 
 
أبدى المحلل السياسي، محند أرزقي فراد، أسفه من القالب الذي قررت أحزاب المعارضة دخول الانتخابات المقبلة ضمنه، على أساس أنها "فشلت في تحقيق أي مطلب من مطالبها الثلاثة المدرجة في أرضية مزفران". وقال الأستاذ فراد "كل أحزاب المعارضة المنضوية في هيئة التشاور والمتابعة وشاركت في أرضية مزفران تدخل التشريعيات مطأطأة الرأس"، مضيفا: "بعد فشلها في تحقيق مطالبها وعجزها عن تغيير موازين القوى لصالحها، هي الآن متواجدة في وضعية غير مريحة". واعتبر المحلل السياسي أن "من يعجز عن تغيير موازين القوى يكون مآله الخضوع لأنه لا يوجد حل آخر"، في إشارة إلى أن أحزاب المعارضة خضعت لشروط السلطة في دخول التشريعيات وفق قانون الانتخابات والهيئة العليا لمراقبة الانتخابات بدل مطالب دستور توافقي وهيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات.
ومن جهة ثانية، قال فراد "خطاب المعارضة خصوصا التيار الإسلامي يحتمل القراءة المتعلقة بالتودد للحصول على مقاعد في البرلمان عبر نظام الكوطة"، مبررا "كل ما في الأمر أن السلطة تعمل منذ سنوات على تزوير الانتخابات حتى بالنسبة للتيار الإسلامي الذي لديه وعاء انتخابي"، مضيفا "أما القراءة الأخرى التي ترى أن الخطاب متعلق بالتخلي عن سياسة الكرسي الشاغر، فأعتقد أن حمس خصوصا تؤمن بضرورة المشاركة السياسية، ولو كان مؤسس الحركة نحناح حيًا لأحدث مراجعة جديدة وفق المستجدات الجديدة". واعتبر الأستاذ الجامعي أن "الأحزاب بما فيها المعارضة ممكن أنها صارت تميل إلى المشاركة، والخطابات السياسية الأخيرة يمكن قراءتها على أنها مغازلة من المعارضة لدخول الحكومة المقبلة، وهذا وارد".
 
 
غرمول: خطاب المعارضة يأخذ طابعا متوازنا ومرنا وليس توددا 
 
أما المحلل السياسي، عبد العزيز غرمول، فيعتبر خطاب المعارضة "متوازنا ومرنا وليس توددا أو من أجل مصلحة مع السلطة"، مضيفا "الأحزاب حرة في اختيار الخطاب الذي يخدم مصالحها وسياساتها، وأفق المعارضة بما فيها أعضاء هيئة التشاور والمتابعة لم تغير توجهاتها، بل لا تزال ترفض نظام الكوطة والمطالبة بنزاهة الانتخابات"، ورجح غرمول "قراءة خطابات أحزاب المعارضة على أنها متوازنة وتتميز بالمرونة وليس الودّ"، مضيفا "أحزاب المعارضة لم تعدّ لها منذ الفترة الأخيرة تلك السطوة التي كانت لها في السابق، لذلك الكثير منها لجأت إلى التحالف والتكتل"، في إشارة إلى التحالف الاندماجي بين حركة النهضة والبناء الوطني وجبهة العدالة والتنمية، وكذا بين جبهة التغيير وحركة مجتمع السلم.
على صعيد متصل، قال غرمول أن "خطاب النقد للمعارضة لم يتمّ التخلي عنه ومساعي مشاركة المعارضة في التشريعيات المقبلة فيه جانب من ممارسة النقد داخل البرلمان، لأنه هيئة رسمية منتخبة"، مضيفا "أعتقد أن قرار المشاركة في الانتخابات لأحزاب المعارضة ليس بهدف دخول الحكومة المقبلة، لأن هذا لا يخضع لتواجدها في البرلمان بل لخيارات رئيس الجمهورية، وإنما قرار المشاركة بغرض تشكيل قوى سياسية تراقب الحكومة وتحاسبها وفق الدستور". وختم المحلل السياسي بأن "الساحة السياسية تحتاج إلى إعادة تنظيم وصياغة، وهي مسؤولية تتحملها الحكومة التي أغرقت الساحة بأحزاب غير فعالة"، في إشارة إلى تصريح وزير الداخلية بسحب الاعتماد من الأحزاب غير المشاركة في التشريعيات المقبلة.
وبين القراءات التي ترجح "دخول المعارضة في مراجعات سياسية والتخلي عن تكتلاتها السابقة وتشكيل أخرى جديدة"، والأخرى التي تجد "في خطاباتها ميلا نحو المشاركة في الحكومة والتخلي عن سياسة الكرسي الشاغر"، قد تفرز التشريعيات المقبلة، حسب مراقبين، خارطة سياسية جديدة بأقطاب حزبية للتيارات الموجودة في الساحة، والتكتلات المستحدثة وبوادر الاندماج ما هي إلا أحد مؤشراتها.
يونس بن شلابي

من نفس القسم الوطن