الوطن

"الباترونا" و"الشكارة" تتغلغلان إلى البرلمان القادم عبر الحملة الانتخابية

في ظل أزمة الاقتصاد الوطني وغياب قانون يكرس دعم الدولة للأحزاب

 

الأرندي: لا لشيطنة أصحاب المال ويجب التفريق بين المضاربين والمستثمرين

الفجر الجديد: رؤوس القوائم تخضع للقادرين على تمويل حملتهم الانتخابية

حمس: كل مناضل يدفع استثنائيا مساهمات لتمويل الحملة الانتخابية

أمبيا: مناضلونا رجال أعمال ونحن لا نستورد أصحاب المال في الانتخابات

صالح سعود: على الدولة ضبط التمويل حتى لا تتعرض الأحزاب الفتية للابتزاز

 

 

ترفض الأحزاب السياسية الإفصاح عن تقديرات تمويل حملاتها الانتخابية السابقة والقادمة لدواع غير مفهومة، فالدولة لا تجبر قانونيا الأحزاب على تبرير نفقاتها وضبط الحد الأعلى لتمويل المؤسسات الاقتصادية وكذا حركية الأموال، ما جعل تغلغل رجال المال بينهم المستثمرون والمضاربون إلى الحياة السياسية، ومن ثمّ إلى مؤسسات الدولة (البرلمان) "واقعا ملموسا". ففي جانب الأحزاب الفتية ترى أن رؤوس القوائم في تشريعيات 2017 سيتغلب "معيار القدرة على تمويل الحملة الانتخابية على معيار النضال الحقيقي"، فيما تبرئ أحزاب أخرى ناحيتها بالقول أن "شيطنة رجال المال مرفوضة لأن بينهم مناضلين ومستثمرين حقيقيين". فهل تصدق تكهنات بعض المحللين بأن "ملامح الخارطة السياسية المقبلة ستعرف استحواذ رجال المال على مقاليد السلطة التشريعية والتنفيذية"؟.

قبيل أيام فقط عن استدعاء الهيئة الناخبة بمرسوم رئاسي (مرتقب في 4 فيفري) تتجه معظم التشكيلات السياسية نحو ضبط قوائمها الانتخابية حتى تتفرغ خلال المهلة القانونية لجمع التوقيعات، وتطرح مسألة ضبط القوائم وترتيبها اعتماد معايير القدرة على تمويل الحملة الانتخابية، إضافة إلى معيار النضال في الحزب. وفي السياق، سألت "الرائد" عدة أحزاب سياسية ومحللا سياسيا حول تأثير المال (بفرعيه الفاسد والمستثمرين) في بلورة خارطة سياسية جديدة بعد التشريعات.

 

الأرندي: الحزب لديه أصحاب المال من مالكي المؤسسات الصغيرة والمتوسطة 

 

قال المكلف بالإعلام في حزب التجمع الوطني الديمقراطي، صديق شهاب، أن "حزبه يضم في صفوفه مناضلين من أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وليسوا مضاربين، وكل الحملات الانتخابية تخضع لمقياس التبرع وليس شرطا ترؤس القائمة لأصحاب المال". وأضاف: "الحزب يموّل بعض الولايات من خزينته التي ليس في استطاعتها دفع كل المصاريف المتعلقة بالحملة وفتح مداومات الحملة". واعتبر صديق شهاب أن "كل المترشحين يساهمون ويبحثون عن متبرعين من أصحاب المال أو أصدقائهم وهذا شيء طبيعي وعادي".

وعن تغلغل أصحاب المال إلى البرلمان المقبل من بوابة الانتخابات وتمويل الحملات الانتخابية، قال المتحدث: "نحن لسنا معروفين بحزب الشكارة لأن أغلبية مناضلي الأرندي في حدود 90 في المائة هم إطارات في الاقتصاد والإدارة والوظيف العمومي"، مضيفا: "في صفوفنا ذوو دخل قوي من أصحاب الشركات، ونحن نقول لا لشيطنة أرباب العمل لأن بينهم مستثمرون كما يوجد مضاربون، ويجب التفريق بينهم". واعتبر شهاب صديق "الحملات الانتخابية في الحزب تكلف ولائيا بين مليار سنتيم إلى مليارين اثنين"، مضيفا أن "تكافؤ الفرص بين الأحزاب يحدده القانون ويطبق على الجميع".

 

أمبيا: لا نستورد رجال المال لتمويل حملتنا الانتخابية

 

ذكر المكلف بالإعلام في الحركة الشعبية الجزائرية، حاج الشيخ بربارة، أن "مناضلي الحزب هم من يمولون الحملات الانتخابية المرتقبة في التشريعيات المقبلة". وقال بربارة أن "الحزب لديه عدد كبير من المنتخبين وطنيا فهو ليس في حاجة لجمع التوقيعات وليس في حاجة لاستيراد رجال المال لتمويل الحملات الانتخابية"، في إشارة إلى أن خزينة الحزب منتعشة بأموال اشتراكات المنتخبين مثلما تحدده كل قوانين الأحزاب. وعن ترؤس القوائم والمعايير الموضوعة في الأمبيا، قال القيادي أن "رئيس الحركة هو المسؤول عن ذلك والمجلس الوطني الذي سينعقد شهر فيفري سيضع شروط الترشح وليس ضمنها معيار رجال المال".

وحاول قيادي الأمبيا التعاطي مع موضوع الحملات الانتخابية كأن "الأمبيا" هو "الحزب الثالث في الساحة السياسية"، وقال في الإطار أن "ما مجموعه 1900 منتخب يؤكد تبوأنا القوة الثالثة في البلاد"، في حين رفض المتحدث إعطاء أرقام حول تقديرات الحملات الانتخابية السابقة والقادمة لاعتبارات لم يذكرها.

 

الفجر الجديد: نمنح أولوية ترؤس القوائم للقادرين على تمويل الحملة 

 

اعترف رئيس حزب الفجر الجديد، الطاهر بن بعيبش، بتوجه حزبه "نحو ترشيح المناضلين والمتقدمين بناء على عدة معايير في أولويتها قدرة المترشح على تمويل حملته الانتخابية ولائيا"، وبرر بن بعيبش ذلك بالقول: "حزبنا فتي وليس لديه المال الكافي لتمويل حملات انتخابية، كما أنه لا يتعامل مع أصحاب المال الفاسد، فهذا المعيار منطقي وصريح". وذكر المتحدث أن "كل الموجودين في القوائم عليهم التضامن فيما بينهم تحضيرا للانتخابات المحلية".

وفي نقطة ثانية، قال بن بعيبش أن "الخارطة السياسية لا تتغير ولا أعتقد أن يحدث ذلك عقب التشريعيات، بحكم أن رجال المال الفاسد منذ مدة وهم في الصدارة"، وضرب رئيس حزب الفجر الجديد مثلا بقوله "الأحزاب التي تتعامل بالشكارة موجودة في كل انتخابات بمساعدة فالسلطة في الصدارة"، مضيفا: "لو يتركوا الصندوق هو من يحدد خيار الشعب سيفرز خارطة سياسية أخرى بعيدة عن تغلغل رجال المال الفاسد على السلطة".

 

حمس: حملاتنا الانتخابية بمساهمات مفروضة على كل مناضل 

 

من جانبه، قال قيادي حركة مجتمع السلم، نعمان لعور، أن "الحملات الانتخابية لحزبه يمولها المناضلون فقط عبر مساهمات مفروضة استثنائيا عبر إضافة مالية". وذكر نعمان لعور "في كل المحطات الانتخابية تم تمويل الحملات من طرف المناضلين الذين يساعدون من أجل العملية ولا يشترط تواجدهم في القائمة"، واعتبر القيادي أن "حمس لا تعتمد على رجال المال مهما كانوا في إدارة الحزب والحملات الانتخابية وكل من يترشح يتحمل تبعات ذلك".

وعن تأثيرات التعامل بالشكارة سياسيا، قال القيادي "في الأساس لها تأثير مضاعف، لأن أحزاب السلطة تضعهم في رؤوس القوائم أو تجعلهم في قوائم أحزاب صغيرة ثم تسترجعهم في البرلمان"، مضيفا: "لا أعتقد أن رجال المال يخاطرون في دخول الانتخابات دون ضمانات، بل يفوزون في الانتخابات ثم يصبحون قياديين في السلطة وأحزابها مثلما حدث في السابق".

ورفض نعمان لعور إعطاء تقديرات عن حجم الأموال التي تنفقها حركة حمس في الحملات الانتخابية ولائيا، بدعوى أن الظرف تغير بين تشريعيات 2012 و2017 وأزمة الاقتصاد الوطني، وحتى مواقع التواصل الاجتماعي التي صارت أكثر فاعلية من التجمعات الشعبية والملصقات، حسبه. 

 

محلل سياسي: التوازنات داخل السلطة ستغلب على مصداقية الانتخابات بدءا بالتمويل 

 

حذر المحلل السياسي، صالح سعود، من "ظاهرة ابتزاز رجال المال للأحزاب الفتية عبر الاستحواذ على حقوق المناضلين الحقيقيين وحتى التأثير على توجهاتها السياسية". وقال الأستاذ سعود أن "الأحزاب الفتية ستلجأ لا محالة للاعتماد على رجال المال لتمويل حملاتها الانتخابية في ظل غياب إطار قانوني ينظم حركية الأموال وحدود تمويل المؤسسات الاقتصادية". وذكر المتحدث أن "في العالم هناك رقابة الدولة على رؤوس الأموال في الحملات الانتخابية وهناك حد أقصى، لكن في الجزائر الباب مفتوح أمام رجال المال ينفذون بوساطة إلى البرلمان عبر الدعم المالي للأحزاب".

وفي نقطة أخرى، اعتبر الأستاذ سعود أن "ظاهرة التوازنات داخل السلطة ستكون غالبة على مصداقية الانتخابات في حد ذاتها، لأن ما يسميه البعض بالتلاعب بالنتائج يبدأ قبل عملية الاقتراع"، مضيفا "التأثير في النتائج يبدأ من عمليات الإشراف والدعاية وكيفية الوصول إلى المواطنين والتمويل، وهذا كله يدخل في التلاعب بالانتخابات". وقال المحلل السياسي "هذه المرة سيكون تمويل الباترونا تمويلا خاصا من أشخاص خارج الأحزاب يستطيعون أن ينفذوا في القوائم"، معتبرا أن "لا أتصور أن بعض رجال المال سينفذون في أحزاب لا ينتمون إليها كما حدث سابقا، وإنما ستلجأ شخصيات ورجال المال إلى الأحزاب ويفرضون تجربتهم وأولويتهم في الترتيب وبدعم من مناضلي الحزب"، معقبا: "مادام الكل مستعدا للدفع والكل مستعدا للقبض".

يونس بن شلابي

من نفس القسم الوطن