الوطن

استمرار التجاذب بين المشاركة والمعارضة داخل حمس

بعد الوحدة بين مناصرة ومقري

 

سعيدي: استمرار حمس في مدار "وثيقة مزفران" غير مجد سياسيا
لعور: حمس غير محسوبة لا على المعارضة ولا على الموالاة
جبهة التغيير: الوحدة لا تتعارض مع المشاركة في الحكومة والتواجد في هيئة التشاور
فراد: التيار الإسلامي واعٍ ببقاء 4 أو 5 تيارات سياسية بعد التشريعيات
 
 
 
بغض النظر عن الدور الذي لعبته حركة مجتمع السلم خلال الفترات السابقة منذ تأسيسها في التسعينات، فإن الأطراف المشكلة للحركة بعد الوحدة مع جبهة التغيير، تتقاطع رؤيتها السياسية في "لعب أدوار أكثر فعالية" في مرحلة ما بعد تشريعيات 2017، وهو ما يراه المحلل السياسي أرزقي فراد "تموقعا طبيعيا لحمس وليس خيارا سياسيا"، فيما تختلف زاوية الرؤية داخل الحركة الجديدة بين التيارات الثلاثة المشكلة لها، فالتيار المحسوب على مقري "يتجه لتبرئة تواجده في المعارضة الراديكالية"، فيما يبدي التيار المحسوب على سلطاني "صواب توقعاته برفض خيارات المقاطعة المنتهجة منذ تشريعيات 2012"، أما التيار الجديد الممثل في جبهة التغيير "فيلتزم الحذر تجاه تموقعه داخل بيت الحركة بالتركيز على وفائه للخط السياسي للشيخ نحناح"، فإلى أي تيار تميل الرؤية السياسية لما بعد الوحدة؟
 
تمحورت أسئلة "الرائد" حول مستجدات المرحلة الراهنة بظهور "بوادر جادة" لتغيير محتمل في شكل الخارطة السياسية مستقبلا، وتمثل الوحدة بين حركة حمس وجبهة التغيير "جانبا مهما" من التغييرات المرتقبة في الساحة السياسية بعد تشريعيات 2017، وكذا تصريحات مقري (رئيس حمس) ومناصرة (رئيس الجبهة) التي حملت توجهات جديدة ومؤشرات بالتخلي عن بعض الخيارات المنتهجة في مرحلة سابقة، بينها مقاطعة الحكومة، وفي نقطة أخرى انعكاسات الخيارات المحتملة لحركة حمس الجديدة على تكتلات المعارضة (هيئة التشاور).
 
أرزقي فراد: وحدة حمس والتغيير وتموقعاتها "طبيعية" وليست "خيارا"
 
اعتبر المحلل السياسي، أرزقي فراد، أن ما حدث في حركة مجتمع السلم مؤخرا بالوحدة مع جبهة التغيير، لا يمكن تفسيره إلا من جانب واحد، أن "جميع قيادات الحزبين أدركت تقصيرها وخطأها رغم ادعائها الوفاء لمؤسس الحركة الشيخ نحناح". وأضاف: "لا توجد خلافات أيديولوجية بين الأطياف المنشقة والتي بقيت في الحركة، فكيف نفسر التشرذم الذي حصل في السابق سوى بأنه سعي نحو الزعامة وسباق نحو الكرسي". وذكر فراد أنه "لا أحد استفاد من الانقسامات والانشقاقات، وهي النتيجة التي وصلوا إليها بعد سنوات". وعن قراءته لخيارات الخط السياسي الجديد للحركة بعد الوحدة، قال فراد "لا يوجد خيار سياسي للأحزاب في الساحة الوطنية بل هو تموقع طبيعي لكل تشكيلة حزبية بعد الانتخابات التي تحدد مصيرها"، مضيفا: "التيار الإسلامي يملك حاليا شجاعة سياسية كبيرة بعد التحالفات التي دخل فيها، وهو بذلك واعٍ بشكل الخارطة السياسية التي تتمخض بعد التشريعيات"، مرجحا تكتل كل الأحزاب في 4 أو 5 تيارات سياسية، على غرار ما حدث في عدة دول عرفت بروز عشرات الأحزاب ثم عادت إلى الأصل بالتكتل في تيارات قوية، بينها إسبانيا.
وفي نقطة ثانية، قال الأستاذ الجامعي، في تصريح ليومية "الرائد"، أمس، أن "الماضي التاريخي لحركة حمس يبرز ثلاث محطات بدأت بخيار نحناح في المجابهة مع النظام والتي خسرها في بداية مرحلته النضالية، ثم قام بمراجعات داخل السجن أسفرت عن خيار المشاركة للتغيير من الداخل"، متابعا: "بعد دخول حمس في تحالف رئاسي وخروجها منه في سنة 2012 وتموقعها في المعارضة طبيعيا، صارت الحركة حاليا تبحث عن تموقع جديد، وهذا ما سيتحدد بعد تشريعيات 2017 ونتائجها". وعن تواجدها في هيئة التشاور للمعارضة، ذكر فراد: "أعضاء الهيئة بصدد بناء تراكم نضالي، وسواء وصلت الهيئة إلى نهايتها وهذا ممكن مع انقسام أعضائها، ففي تصوري هي نهاية مرحلة نضال وبداية مرحلة نضال في إطار جديد".
 
نعمان لعور: حمس غير محسوبة لا على المعارضة ولا على الموالاة 
 
من جانب حركة مجتمع السلم، قال القيادي في "حمس"، نعمان لعور، أن "قرارات الحركة تصنعها مؤسساتها وليس الأشخاص، وبالتالي فالخيارات السابقة قررها المؤتمر، والمؤتمر المقبل بعد أشهر كل شيء فيه قابل للمراجعة والتقييم"، مضيفا: "من طبيعة الحركة الدخول في تحالفات ونحن غير محسوبين لا على المعارضة وعلى الموالاة". وجاء في رد نعمان لعور المحسوب على (تيار مقري داخل الحركة) حول سؤال يتعلق بالظرف الذي جاءت فيه الوحدة هل هو نتيجة ضغوطات داخلية (تيار المشاركة) أو نتيجة أوضاع خارجية مساعدة، بينها التغييرات في النظام والوضع الاقتصادي وتجاوب الشارع مع المعارضة، قال: "الوحدة لها خصوصية ليست متعلقة بالوضع الخارجي بل بالوضع الداخلي، على اعتبار أن الحركة دخلت في تحالف رئاسي ثم تحالف انتخابي للتكتل الأخضر، وجبهة التغيير انشقوا ثم قرروا بإرادتهم الرجوع للبيت الكبير".
وعن توجهات "حمس" في تكتلات المعارضة، قال نعمان لعور: "الخيارات التي سارت فيها حمس سابقا لا تزال قائمة، بدليل مشاركتنا في اجتماع التنسيقية الأسبوع الفارط واجتماع هيئة التشاور (اليوم)، وهذه الخيارات نابعة من قناعات سياسية في ضرورة الانتقال الديمقراطي وسنستمر ضمنها".
 
سعيدي: استمرار حمس في مدار "وثيقة مزفران" غير مجد سياسيا
 
أما جناح سلطاني في الحركة المعارض لمقري، فيرى رئيس مجلس الشورى السابق، عبد الرحمان سعيدي، أن "الرؤية السياسية المنبثقة عن الوحدة بين حمس والتغيير تتوافق كثيرا حول إيجاد منطقة وسطى بين السلطة والمعارضة". وأضاف: "حمس ستدخل مرحلة جديدة عبر آليات الوحدة في التعديل والتقارب، وبذلك ففي تصوري أن الخيارات السياسية السابقة سيتم تعديلها ومراجعتها"، محددا أن "وثيقة مزفران تتعارض مع المسار الانتخابي الحالي والقائمة الدستورية، لأن أصحاب الانتقال الديمقراطي تنازلوا وخرجوا من مدار الوثيقة"، مضيفا: "حمس على غرار بعض الأحزاب في هيئة التشاور يرون أن الانتقال الذي طالبوا به غير مجد سياسيا بحكم التطورات الحالية وبحكم مشاركة كل الأحزاب في التشريعيات ماعدا طلائع الحريات وجيل جديد".
وعن الدور الذي تلعبه حمس مستقبلا، قال سعيدي: "السلطة هي من تقيّم التموقع السياسي للأحزاب، والخيارات المتاحة حاليا بعد الوحدة صارت أكثر وضوحا وهو البحث عن تموقع جديد". وذكر سعيدي (المحسوب على تيار سلطاني) أن "مساحة الرؤية السياسية من خلال تصريحات مقري ومناصرة تتجلى في التعديلات التي سيقررها المؤتمر القادم للاندماج بعد التشريعيات".
 
بهلول: جبهة التغيير تتفق مع "خيار المشاركة" للشيخ نحناح 
 
أما من جانب جبهة التغيير، فأوضح القيادي لطفي بهلول أن "مسار الوحدة إلى حد الآن لم يفصل بعد في الرؤية السياسية بعد الاندماج، وهذا سيتحدد مع الوقت خلال المؤتمر القادم". وأضاف: "وضعية حمس بعد الوحدة وفق رؤية واضحة نابعة من الخيارات التي تتيحها المستجدات المقبلة بينها التشريعيات". وذكر بهلول، في تصريح ليومية "الرائد"، أن "الخط الوسطي الذي رسمه الشيخ نحناح يعترف للسلطة إذا أحسنت وللمعارضة إذا أخطأت، لذلك لا نستبق الأحداث بخصوص المشاركة في الحكومة أو المقاطعة".
وعن التواجد في هيئة التشاور والمتابعة للمعارضة، قال بهلول: "العمل في الهيئة لا يزال مستمرا بحكم أن الحزبين متواجدان فيها، ونحن نثمن ما وصلت إليه من العمل المشترك في خدمة البلاد". وأضاف: "توحد التيار الإسلامي هو ورقة رابحة وإضافة جديدة للساحة السياسية، بحكم أن الخارطة السياسية تتجه نحو بقاء 4 أو 5 تيارات سياسية قوية في الساحة في المرحلة المقبلة"، مضيفا: "نسعى لأن تكون الحركة بخط سياسي معمول به ومسموع من طرف الشعب".
حتى وإن تعددت القراءات للرؤية السياسية المقبلة لحركة "حمس" بعد الوحدة مع جبهة التغيير وأثرها في تكتلات المعارضة، فإن الواقع السياسي والاستشرافي، حسب مراقبين، يعتبر "التغييرات التي حدثت في النظام والأزمة الاقتصادية هي مؤشرات قوية وفاعلة في صياغة الخارطة السياسية المقبلة"، مثلما يرى آخرون أن "مشاركة أحزاب المعارضة في التشريعيات يعتبر كذلك مراجعة سياسية بعد فشل الضغوطات على السلطة وعدم تجاوب الشارع معها، والوحدة هي أحد الخيارات المتاحة في ظل هذه المستجدات"، فهل تكشف نتائج التشريعيات عن تحولات كبيرة في شكل الخارطة السياسية وتوجهات الأحزاب خصوصا المحسوبة على المعارضة؟.
يونس بن شلابي

من نفس القسم الوطن