الوطن

الغلاء لم يعالج حمى الاستهلاك التي أصابت الجزائريين سنوات البحبوحة؟!

"الصرف" العشوائي بدل التخطيط للميزانية يجعل إنفاق الأسر على الكماليات يتضاعف

 

رغم تدنى القدرة الشرائية لأغلب الجزائريين وموجة الغلاء التي اجتاحت المواد الاستهلاكية والخدمات لم يتمكن بعد الجزائري من إدخال مصطلح التقشف أو على الأقل الاقتصاد وترشد النفقات كأقل حدة في قاموسه اليومي حيث لا تزال العادات الاستهلاكية لأغلب الجزائريين هي نفسها والتي تتميز بـ "الصرف" العشوائي بدل التخطيط للميزانية ما يجعل إنفاق الاسر أحيانا على الكماليات يفوق الانفاق على الضروريات ويدخل أغلبهم في متاهمة القروض والكريدي. 
لم تغير سياسة التقشف وحالة الغلاء التي تعرفها الأسواق من سلوك الجزائري وثقافته الاستهلاكية كثيرا فبالرغم ان الوضع الراهن أثر على بعض الاسر وعلى نمط معيشتهم إلا ان الأمر يبقى ظرفي بالنسبة لهم في حين أن الأغلبية من الجزائريين لا يزالون ينفقون بنفس العشوائية والتبذير أحيانا ويظهر ذلك من خلال الاقبال على الكماليات ضمن بعض العادات الاستهلاكية السيئة التي تكلف أموالا طائلة، ومنها المبالغة في المصاريف خلال بعض المناسبات، فالجزائريون معروفون باللهفة والتبذير عند كل مناسبة وهو الامر الذي لا يزال موجود رغم الوضع الراهن ودون الحديث عن الغذاء والأفراط في استهلاك الطاقة والوقود خاصة مع تضاعف حظيرة السيارات في الجزائر  فالأنفاق على الهاتف النقال مثلا تضاعف الثلاثة سنوات الأخيرة بدخول خدمة الجيل الثالث والرابع السوق ويظهر ذلك من خلال أرقام اعمال متعاملي الهاتف النقال وعدد المشتركين  الذي يتزايد كل سنة، وعلى مستوى الاسر تحولت نفقات الهاتف لجزء من النفقات الضرورية فالعائلة التي تملك خطين وثلاثة خطوط تنفق أكثر من 10 ألاف دينار شهريا أي اكثر من نصف الاجر الوطني الأدنى بينما يتجاوز الأمر ذلك عند بعض الأفراد وبالإضافة إلى الهاتف نجد الانترنت التي باتت تشكل حيزا مهما من حياة الجزائري ومن مصاريفه ولعل بلوغ عدد مستخدمي الأنترنت 15 مليون يعطي فكرة عن حجم الاستهلاك في هذا المجال. 
من جانب اخر فان استهلاك التبغ يأتي في المقام الثاني من بين المواد الاستهلاكية غير الضرورية للحياة لكن تعد أولوية بالنسبة لعدد كبير من الجزائريين الذين يصرفون الملايير سنويا على التبع وتفيد التقديرات أن متوسط الإنفاق اليومي على السجائر هو 600 مليون دينار والشهري هو 18 مليار دينار.
أما الإنفاق السنوي فيرتفع إلى 216 مليار دينار، أي ما لا يقل عن ثلاثة ملايير دولار. وهناك أيضا عادات أخرى في الاستهلاك يمكن إدراجها ضمن نمط الاستهلاك غير الحيوي ويمكن ان نذكر هنا مواد التجميل التي تكلف الخزينة الملايير لا سترادها فزبونات هذه السوق لا يقل عددهن عن عشرة ملايين، ما جعل الحكومة تفكر في فرض رخص الاستيراد على هذه المواد من أجل الحد من تدفقها.
ولا يتوقف إنفاق الجزائريين على المنتجات غير الضرورية عند هذا الحد، بل يمكن أن يمتد إلى مجالات أخرى منها، خاصة ما تعلق بالخدمات منها السياحية فرغم الوضع الصعب يوجد شريحة كبيرة من الجزائريين ينفقون بتبذير على التحواس والسفر والرحلات كما أن كثيرا من الجزائريين يهدرون الأموال على اقتناء الماركات العالمية من الألبسة والهواتف النقالة والسعات ولا يزال هناك عدد من الجزائريين والجزائريات المهوسين بالمعادن الثمينة وفي مقدمتها الذهب وكل هذه تعد كماليات لا تتوقف عليها حياتنا بالضرورة.
 
س. زموش

من نفس القسم الوطن