الوطن
سباق التحالفات وأزمة الانشقاقات أولى من إطفاء نار الاحتجاجات!
أحزاب تغرد خارج السرب وأخرى نائمة.. والبقية تكتفي بالبيانات
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 03 جانفي 2017
• حمس والعمال يحذران الحكومة من تداعيات قانون المالية، والأفلان ينفي وجود تقشف
• محلل سياسي: المواطن فقد الثقة في الحكومة والأحزاب بسبب "الشعبوية"
أرجعت أحزاب المعارضة سبب الاحتجاجات الأخيرة في ولايات بجاية وتيزي وزو والبويرة والعاصمة إلى "غلاء المعيشة والزيادة في الضرائب"، فيما نفى الأفلان "وجود احتجاجات وإنما هي فبركة لأحداث سابقة، تحاول بعض الجهات استغلالها سياسيا". وتباينت توجهات الأحزاب في أن احتقان الجبهة الاجتماعية راجع إلى "إجراءات التقشف وسياسات الحكومة الخاطئة"، فيما اعتبر المحلل السياسي، رشيد قريم، أن "المواطن فقد الثقة في الحكومة والأحزاب والدليل أن النموذج الاقتصادي الجديد التي وعدت به الحكومة مجرد كلام استهلاكي وشعبوي".
وسألت "الرائد" أحزابا سياسية عن دورها في توعية المواطنين بأزمة الاقتصاد الوطني التي اعترفت بها الحكومة منذ 2015، وكذا عملها الميداني لتأطير المطالب الشعبية وتفادي استغلالها من أطراف مجهولة "مثلما اجتمعت مواقفهم في أول ردود الفعل حول الأحداث التي عرفتها عدة ولايات أول أمس"، وكذا انعكاسات أحداث الجبهة الاجتماعية على المشاركة في تشريعيات أفريل المقبل.
• حزب العمال: نحذر المواطن والحكومة من الانجرار نحو العنف والقمع
من جهته، حذر حزب العمال المواطنين من الانجرار نحو العنف والتخريب والحكومة من الانجرار نحو أدوات القمع ضد المحتجين. وقال قيادي الحزب رمضان تعزيبت إنه "للأسف حذرنا الحكومة داخل البرلمان وعبر المنابر الإعلامية من سياسة التقشف وإعادة النظر في المكاسب المكتسبة". وذكر المتحدث أن "الحكومة بسياساتها كانت تهيئ الأرضية للغضب والاحتجاجات عبر غلق الأفق في وجه الأغلبية". ومن جهة ثانية، دعا تعزيبت المواطنين إلى "عدم الاستجابة إلى النداءات مجهولة المصدر لأنه يوجد مغامرون للتربص بالبلاد والاستثمار فيها سياسيا".
وعن دور الأحزاب في ظل هذه الاضطرابات، قال تعزيبت: "حزب العمال متواجد في الميدان في كل مرة وهو يعمل على توعية المواطنين بخطورة السياسة المنتهجة من قبل الحكومة، ويشدد على التماسك الاجتماعي وعدم الانجرار وراء دعوات الفوضى والعنف". وأضاف: "على الأحزاب والجمعيات والنقابات واللجان الشعبية للأحياء تأطير الاحتجاجات السلمية للمطالبة بالحقوق وإلغاء القوانين وإجراءات التقشف، وعدم استعمال العنف والانزلاق في حلقة مفرغة تؤول إلى التخريب والقمع، لأن بلادنا مستهدفة".
• الأفلان: البعد الاجتماعي في قانون المالية 2017 أفضل من سابقه
طمأن حزب جبهة التحرير الوطني المواطنين بأن البعد الاجتماعي في قانون المالية لسنة 2017 أفضل من إجراءات سابقه في سنة 2016، وذلك بالنظر إلى "حالة الارتباك التي عاشتها الحكومة خلال إعداد القانونين جراء الأزمة النفطية والمالية". واعتبر المكلف بالإعلام في الأفلان، حسين خلدون، أن "الحكومة استطاعت التكيف مع مستجدات الوضع الاقتصادي والاجتماعي والتحكم في الميزانية وإعدادها وفقا لمؤشرات واقعية وحقيقية"، مضيفا: "حاليا الوضع الاقتصادي متحكم فيه والحكومة تعمل دون المساس بجيب المواطن، مع صون المكاسب الاجتماعية"، وذلك في رده على سؤال يتعلق باحتجاجات النقابات حول قانون التقاعد واحتجاجات غلاء الأسعار حتى قبيل دخول قانون المالية حيز التنفيذ.
وعن دور الأحزاب في النزول للميدان وتوعية المواطن وعدم الاكتفاء بخطابات التهدئة عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، انتفض خلدون قائلا: "الأفلان لديه الأغلبية البرلمانية وقد أدى ما عليه ويتحمل مسؤوليته عن البرلمان والمجالس الشعبية البلدية والحكومة"، مضيفا: "على الأحزاب الأخرى الابتعاد عن التدخل في الشأن التنفيذي والإداري، وعملها يقتصر على تأطير المطالب الاجتماعية والتعبير عن موقفها وليس صب الزيت على النار". وسألته "الرائد" عن الجهات التي يوجه لها أصابع الاتهام في تهويل الأحداث، فقال خلدون: "نحن نسمع أخبارا وشائعات ولا نعرف الحقائق أين هي، ولم يحدث شيء حسب المعطيات التي لدينا، لأن الصور مجرد فبركة، وأطراف تحاول استغلال هذه المحاولة الفاشلة لضرب استقرار البلاد".
• حمس: مغالطة المواطن بتأزيم الوضع يدفع لمقاطعة التشريعيات
من جانبها، حذرت حركة مجتمع السلم من "تأزيم الوضع في الجبهة الاجتماعية بعدم الاستجابة لمطالب المواطنين في غلاء المعيشة وإلغاء التقاعد النسبي ونقابات التربية"، معتبرة أن هذا الوضع "سيدفع المواطن لمقاطعة التشريعيات المقبلة، وبالتالي استغلاله من قبل السلطة وأحزابها". وذكر القيادي في حمس أن "على المواطن التعبير عن آرائه والمطالبة بحقوقه بطرق سلمية، لأن استمرار هذا الوضع هو في صالح السلطة فقط". واعتبر نعمان لعور أن "الانتخابات هي آلية من آليات التغيير، ولكي يعاقب المواطن الحكومة والسلطة على سياساتها الخاطئة فذلك يكون عبر المشاركة في الانتخابات".
وعن دور الأحزاب في توعية المواطن وتهدئة احتقان الجبهة الاجتماعية، قال نعمان لعور: "نحن لم نكن منشغلين عنه، فهذا كلام غير صحيح، فقد تكلمنا عنه في البرلمان خلال مناقشة قانون المالية لسنة 2017 وعبر تجمعات شعبية". وأضاف: "أحداث أول أمس ما هي إلا نتائج لأسباب وخلفيات يجب أن نتعرف عليها، فإن كان غلاء المعيشة فمن حق المواطن الدفاع عن حقوقه والمطالبة بها"، مضيفا: "الاحتجاجات هي ردة فعل لفشل الحكومة وسياساتها، ففي كل مرة تفشل، تلجأ إلى جيب المواطن الذي لا يجب أن يتحمل نتائج أخطائها".
وعن تأثيرات غليان الجبهة الاجتماعية على تشريعيات أفريل المقبل، قال القيادي في حمس: "هناك مغالطة بأن المقاطعة هي عمل بطولي، لكن العكس هو الصحيح، لأنه إذا انتخب المواطن فهو سيعاقب السلطة ويختار ممثليه من الأكفاء والنزهاء، ولا يترك مصيره في يد أشخاص تضعهم السلطة لخدمة مصالحها". وأضاف: "توقعات نسبة المشاركة في التشريعيات هناك عدة أمور تحددها، فطبيعة الناس أنها تنسى، لذلك يجب تذكيرها بخطورة المقاطعة على استمرار الوضع".
• قريم: دور الأحزاب "شعبوي" واللهث وراء المناصب في التشريعيات
اعتبر المحلل السياسي، رشيد قريم، أن دور الأحزاب في الساحة الوطنية يقتصر على "الشعبوية والجري وراء المناصب والتقرب من السلطة". وقال: "الأحزاب في الجزائر لا تمارس السياسة حقيقة، بل هي مجرد خطابات سياسوية ومصالح شخصية ولا تنزل للميدان ولا تتحاور مع المواطن، فكيف يمكن أن نقول عنها أنها تمارس السياسة". وأضاف: "المواطن مستقيل من السياسة ولا يعترف بأي دور للأحزاب في الجانب الاجتماعي والاقتصادي".
وعن التناقض بين خطابات الأحزاب حول سبب الاحتجاجات، أول أمس، ذكر قريم: "هذا شيء طبيعي، فأحزاب الموالاة لا ترى للحكومة أي عذر في تأجيج الجبهة الاجتماعية عبر قانون المالية لسنة 2017 وإجراءات التقشف والتراجع عن الحقوق المكتسبة، في حين أحزاب المعارضة تحمل المسؤولية للحكومة وأحزاب الأغلبية". وأضاف: "أين هو النموذج الاقتصادي الجديد الذي تحدثت عنه الحكومة، فالبلاد في أزمة اقتصادية والمواطن لا يحتاج إلى خطابات التطمين مثلما تفعل الحكومة مع أحزابها".
وعن تأثيرات احتقان الجبهة الاجتماعية على الاستحقاقات القادمة (التشريعية شهر أفريل والمحليات شهر نوفمبر)، قال المحلل السياسي، في تصريح ليومية "الرائد"، أمس، أن "المواطن لم يعد يثق لا في السياسة ولا في الحكومة ولا في الانتخابات لتغيير أوضاعه الاجتماعية، وبالتالي نتوقع عزوفا انتخابيا كبيرا"، مضيفا: "مقارنة مع الانتخابات الفارطة، فالاستحقاقات القادمة لن تكون شفافة وستلجأ السلطة إلى تقسيم الكوطة على الأحزاب من أجل ضمان استمراريتها".
يونس بن شلابي