دولي
قلق "إسرائيل" من حضور "حماس" في أوروبا
**القلم الفلسطيني
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 02 جانفي 2017
لا تخفي "إسرائيل" قلقها من تزايد ما تعتبره نفوذ حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الآخذ في التنامي داخل القارّة الأوروبيّة، وفقاً لما تحدّثت به وسائل إعلام وتقارير أمنيّة إسرائيليّة، وزعمت تقارير إسرائيلية، أخيراً، أنّ "حماس" تستغلّ الفلسطينيّين المقيمين في أوروبا لدمجهم في صفوفها، نظراً لسهولة تحرّكهم في فلسطين وخارجها، وأنّ كوادر الحركة في أوروبا تلتقي بدبلوماسيّين غربيّين، لدمج الحركة في الجهد الدولي الحاصل لإيجاد حل للقضية الفلسطينية. ووفقاً للتقارير الإسرائيلية نفسها، فإن مراكز أبحاث أوروبيّة متعاطفة مع الفلسطينيّين، لم تذكر أيّاً منها، تستضيف بعض مسؤولي "حماس"، ما منح الحركة شبكة علاقات قويّة في القارّة.
وينطلق القلق الإسرائيلي، في بعض مرتكزاته، من أنّ الحركة الإسلامية تقوم، عبر المؤسسات الإغاثيّة في أوروبا، بتحويل أموالٍ إلى عناصرها في الأراضي الفلسطينية، الضفّة الغربيّة وقطاع غزة، وهي المؤسسات الخاصة بتقديم المساعدات الإنسانية للفلسطينيين، كما تستفيد من لجان الزكاة في القارّة الأوروبيّة، وذلك وفقا للمزاعم الإسرائيلية. وتدعم الجاليات العربيّة والإسلاميّة في أوروبا القضيّة الفلسطينيّة بالوسائل الإعلاميّة والسياسيّة والماليّة، ضمن القوانين الأوروبيّة، وليس مخالفةً لها، لكنّ "إسرائيل" تحاول إلصاق أيّ نشاط قانونيّ تنظّمه هذه الجاليات بتهمة دعم "حماس"، لاستفزاز أوروبا، وقد تجد اتّهامات "إسرائيل" للحركة بزيادة نفوذها في أوروبا آذاناً صاغية لدى أجهزة الأمن الأوروبيّة، لملاحقة أيّ نشاط إسلاميّ، خشية ارتباطه بالتنظيمات المسلّحة. وليس سراً أن فلسطينيي أوروبا يعملون لصالح قضيّتهم الوطنيّة، في إطار القوانين الأوروبيّة، مثل عقد المؤتمرات الرسميّة واللقاءات السياسيّة مع المسؤولين الأوروبيّين، وهي أنشطةٌ تحصل فوق الأرض، وليست سريّة، لكنّ "إسرائيل" التي تواجه مآزق دبلوماسيّة، تحاول الإيقاع بين فلسطينيي أوروبا وحكوماتهم الأوروبيّة، باتهامات تطلقها ضدّهم من دون أدلّةٍ عن ارتباطهم بحركة حماس، علما بأنّ الأخيرة وأصدقاءها في العالم يقودون جهوداً لشطب اسمها من القائمة الأوروبيّة للإرهاب، ممّا يزعج "إسرائيل".
في الوقت نفسه، ربما ليس خافياً أنّ لدى "حماس" نشاطًا واضحًا في أوروبا، على الرغم من أنّه لا يتمّ باسمها الرسميّ، بل عبر واجهاتٍ بحثيّةٍ ومؤسّساتٍ غير حكوميّة، وهنا، من دون التنسيق مع السفارات الفلسطينيّة هناك، مع أن غالبية هذه النشاطات تكون لصالح دعم القضية الفلسطينية، ولا يظهر فيها اسم "حماس" رسمياً، لأنها ما زالت حركة محظورةً في أوروبا، بسبب وضعها على قائمة المنظمات الإرهابية وبالاطلاع على وثيقة مكتوبة لحركة حماس، عن أهم أسس علاقاتها الخارجية، ومنها "إسرائيل تعاني من تدهور صورتها في أوروبا، وتسعى إلى تشويه صورة العاملين لفلسطين في دول القارة" الأوروبية، ذكرت أن العلاقات الأوروبية مع "حماس" تأثرت بشكل كبير بمحطتين أساسيتين؛ الأولى التي فرضت الضغوط الأميركية فيها على أوروبا بوضع الحركة على "لائحة الإرهاب" في أعقاب انتفاضة الأقصى. وعلى الرغم من أن هذا الأمر منع مؤسسات الاتحاد الأوروبي من الاتصال بالحركة، إلا أنه لم يمنع دولاً أوروبية من الاتصال بها. المحطة الثانية بدأت مع الانتخابات التشريعية الفلسطينية، وفوز "حماس" فيها، إذ على الرغم من شروط "الرباعية الدولية"، شعرت أوروبا بأن الاتصال بالحركة أمر مهم؛ لأن عدم التعامل معها قد يسفر عن عقباتٍ سلبية، أو إساءة للصورة التي طالما تحدثت عنها أوروبا فيما يتعلق بالديمقراطية، وحرية اختيار الشعوب باحترام نتائج الانتخابات.
وهناك لا تستخدمان البنادق والأسلحة، بل تشكّل قاعات البرلمانات الأوروبيّة والاجتماعات الحكوميّة ساحة الصراع المحتدم بينهما، وهي، كما تبدو، معركة دبلوماسيّة وسجال بينهما، تارة تفوز "حماس"، وطوراً تتغلّب "إسرائيل"، لكن الصورة المقلقة لـ"إسرائيل" تشير إلى تراجع نفوذها في القارة الأوروبية، وفي الوقت نفسه، زيادة تأثير الفلسطينيين، وتغلب روايتهم عن الصراع داخل الرأي العام الأوروبي.
د. عدنان أبو عامر