الوطن

نواب: حكومة سلال تتهرب من تقديم بيان السياسة العامة

المادة 94 من الدستور "توجب" على الحكومة عرضه أمام ممثلي الشعب

الأرندي: الحكومة "غير ملزمة" في ظل تأخر القانون المحدد لعلاقتها مع البرلمان

ترك مرور الوزير الأول، عبد المالك سلال، عبر التلفزيون الجزائري، سهرة الأربعاء الماضي، لتقديم سياسة حكومته كثيرا "من الاستياء والأسف لدى نواب البرلمان المحسوبين على المعارضة". واعتبر نائب التكتل الأخضر هذا الخروج الإعلامي في ظل "تهرب" الحكومة من تقديم بيان السياسة العامة بمثابة "استخفاف بمؤسسات الدولة واستعلاء عليها، وإخلال بمبدأ الفصل بين السلطات والتكامل بينها"، في حين قال حزب العمال إنه "تهرب غير مسؤول من الحكومة أمام نص دستوري، وأن النواب ليس في استطاعتهم إجبار الحكومة على الالتزام به في ظل أغلبية برلمانية لا تشجع أي مبادرة تأتي من خارجها".

أما من جانبه، فاعتبر نائب الأرندي أن "نصوص الدستور الجديد تحتاج إلى قوانين عضوية لم توضع بعد، لذلك لا يوجد هناك إخلال بالدستور، أما تصريح سلال فنحن ننتظر ما ستقدمه الحكومة حول خطة عملها وبعدها ندلي بمواقفنا منه".

وعاد الجدل السياسي والإعلامي حول عمل الحكومة وسياساتها، قبيل أيام فقط عن دخول قانون المالية لسنة 2017 حيز التنفيذ، وسبق لنائب رئيس المجلس الشعبي الوطني، سعيد لخضاري، أن صرح ليومية "الرائد" ببرمجة عرض بيان السياسة العامة في جدول أعمال المجلس "قبيل نهاية أكتوبر، وذلك بعد إخطار الوزير الأول"، وهو ما يراه نواب المعارضة أنه "إخلال بالدستور وعدم احترام لمؤسسات الدولة"، في حين يتمسك نواب الموالاة "بتأخر إصدار القانون العضوي المنظم للعلاقة بين البرلمان والحكومة".

 

حمدادوش: تهرب الحكومة يُخل بتوازن السلطات وتكاملها

من جانبه، النائب عن التكتل الأخضر، ناصر حمدادوش، اعتبر غض الحكومة طرفها عن تقديم بيان السياسة العامة أمام البرلمان بحكم الدستور، هو "تهرب من تحمل المسؤولية وتمييع للمسؤولية السياسية واستخفاف بمؤسسات الدولة"، وأضاف "أغلب الحكومات المتعاقبة كانت ترفض عرض بيان السياسة العامة أمام النواب، لكن الدستور الحالي يلزمها بتقديمه، ولأن الحكومة لم تفعل، فهذا استخفاف بالدستور وقوانين الجمهورية"، معتبرا أن "الاستخفاف بقوانين الجمهورية والاستعلاء على مؤسسات الدولة يخلّ بمبدأ الفصل بين السلطات والتوازن والتكامل بينها".

وعن الخروج الإعلامي للوزير الأول، عبد المالك سلال، سهرة الأربعاء، لتقديم حصيلة الحكومة وتطلعات سنة 2017، قال حمدادوش "هذا تهرب من المسؤولية العامة لأن الدستور يوجب تقديم حصيلة وبيان عمل الحكومة أمام البرلمان وممثلي الشعب لممارسة دورهم الرقابي المخول دستوريا". وأضاف "حين يعرض حصيلة عمل الحكومة أمام التلفزيون، من يحاسبه أو يستفسره عن السياسة التي تنتهجها حكومته"، معقبا "هذا استخفاف واضح بالمؤسسات". وعن إمكانية تحرك النواب لإخطار المجلس الدستوري عن مخالفة الحكومة لنص المادة 98 من الدستور، قال حمدادوش "النواب لا يمكنهم إخطار المجلس الدستوري سوى بعدم قانونية المشاريع وليس عدم احترام المواد وتنفيذ القوانين".

 

تعزيبت: تصريح الوزير الأول مونولوغ سياسي ومراوغة مؤسفة

ومن جهته، قال البرلماني عن حزب العمال، رمضان تعزيبت، إنه "أمر مؤسف أن تتهرب بالحكومة والمسؤولين من مواجهة النواب والرأي العام حول المشاكل الكبرى التي تتخبط فيها البلاد، خصوصا اقتصاديا واجتماعيا". وأضاف "فرغم أن الدستور يوجب على الحكومة تقديم بيان السياسة العامة، إلا أن النصوص أمر والممارسات أمر آخر". وأرجع تعزيبت سبب تماطل الحكومة في تقديم بيان السياسة العامة ومعالجة المشاكل الكبرى للبلاد إلى "غياب إرادة سياسية لتنفيذ القوانين ومعالجة الاختلالات سياسيا واقتصاديا واجتماعيا".

وعن المادة 98 من الدستور الجديد التي توجب على الحكومة تقديم بيان السياسة العامة وتحرك النواب لإجبار الحكومة على تنفيذها، قال تعزيبت "المشكل القائم في هذه العهدة التشريعية أن كل مبادرة من نواب آخرين غير نواب الأغلبية لا تشجع ويتم إبعادها من الأغلبية"، وأضاف "الكل يعلم ذروة ما وصل إليه العمل البرلماني في قانون المالية لسنة 2016 وضغط لوبيات لتمريره". واعتبر المتحدث أن "الواقع يبرز عدم وجود أغلبية من النواب الذين يجبرون الحكومة على تنفيذ التزاماتها الدستورية".

وعن تصريح سلال عبر التلفزيون الجزائري، حول حصيلة الحكومة وتطلعاتها لسنة 2017، قال تعزيبت "لا يمكن لتصريح إعلامي من الوزير الأول أن يلغي نصا دستوريا واضحا يوجب على الحكومة تقديم بيان السياسة العامة أمام ممثلي الشعب". وأضاف "ما يفعله الوزير الأول هو مونولوغ سياسي لأنه يمكنه أن يقول ما يشاء دون معارضة ودون محاسبة ودون استفسار أو مراقبة أو محاسبة"، وختم "هذا تهرب على الأمام ومراوغة من الحكومة وعدم احترام الدستور ومؤسسات الدولة".

 

الأرندي: الحكومة لم تخل بالتزاماتها الدستورية لأن القوانين العضوية لم تصدر بعد

أفاد نائب التجمع الوطني الديمقراطي، أحمد خليفة، أن "من يقولون بتهرب الحكومة من تنفيذ نص دستوري ملزم لا أساس له من الواقع"، وبرر خليفة ذلك أن "الدستور يتضمن مواد عضوية تحتاج لقوانين عضوية لم تصدر بعد، وبالتالي فهذه المواد بينها المادة 94 التي توجب تقديم بيان السياسة العامة تبقى على مستوى الدستور إلى حين إصدار القوانين العضوية"، في إشارة إلى القانون العضوي الذي يحدد تنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة وعملهما وكذا العلاقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة، وكذا النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة. وقال النائب خليفة "هذان القانونان سيصدران في الجريدة الرسمية قريبا ويدخلان حير التطبيق رسميا".

وعن الخروج الإعلامي للوزير الأول في وقت كان النواب ينتظرون تقديم حصيلة عمل حكومته أمام ممثلي الشعب في البرلمان، قال خليفة "نحن لم نطلع بعد على تصريح سلال حتى نصدر أحكاما حول مضمونه، كما أننا نحتاج دلائل حول السياسات للحكم عليها وانتقداها أو تشجيعها". 

وختم نائب الأرندي "الحكومة ستقدم بيان السياسة العامة لسنة 2016 وكذا خطة عملها لسنة 2017 أمام النواب وستكون لنا فرصة مناقشة توجهاتها في المرحلة المقبلة".

للإشارة، كان الوزير الأول، عبد المالك سلال، قد عرض، السنة الفارطة، حصيلة عمل حكومته في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية، في حين كان دستور 1996 ينص في المادة 84 أن ''تقدّم الحكومة سنويا إلى المجلس الشعبي الوطني بيانا عن السياسة العامة''، وبعد التعديل الدستوري في مارس الفارط، يشدد الدستور الجديد في المادة 94 أنه ''يجب على الحكومة أن تقدم سنويا إلى المجلس الشعبي الوطني بيانا عن السياسة العامة''، وتشكل هذه المادة "هاجسا كبيرا" للسلطة التشريعية والحكومة على حد سواء، حسب قانونيين، بحكم أن "تنفيذها قد يخلق أزمة سياسية في البلد تصل إلى حل رئيس الجمهورية للبرلمان (المادة 147) أو استقالة الحكومة، مثلما ينص الدستور.

يونس بن شلابي

 

من نفس القسم الوطن