الوطن

البرلمان: تغول الأغلبية والاستعجال يلغي النقاش ليبقى المواطن هو الضحية !!

مرت في ظروف مغايرة لسابقتها بسبب تراجع أسعار البترول

مرت الدورة البرلمانية لسنة 2016 في مرحلة يمكن وصفها بالصعبة لتشمل مشاريع ذات طابع "استعجالي"، في ظل المعطيات التي طغت عليها والتي فرصتها عوامل اقتصادية، والمتمثلة أساسا في انخفاض أسعار البترول، ما دفع الحكومة إلى إدراج مشاريع قوانين جديدة أثارت جدلا واسعا وانتقادا من طرف المواطنين، والمتمثلة في قانون التقاعد وكذلك قانون المالية لـ 2017 والذي فرض ضرائب جديدة استهدفت بالدرجة الأولى جيب المواطنين.

تميزت الدورة البرلمانية الجديدة بطابع "استعجالي"، رأى من خلاله العديد من المتتبعين للشأن البرلماني أن "مشاريع القوانين التي مررت بقبتي زيغود يوسف تميزت بطابع كان فيه نوع من "التسرع"، على غرار قانوني الانتخابات والهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات وقانون المالية لـ 2017 والقانون المحدد لتشكيلة المجلس الوطني لحقوق الإنسان المنصوص عليه في التعديل الدستوري الأخير، ومشروع القانون المتعلق بمكافحة التهريب، بالإضافة إلى مشروع القانون المحدد للمسؤوليات العليا في الدولة والوظائف السياسية التي يشترط لتوليها التمتع بالجنسية الجزائرية دون سواها، ومشروع القانون المتعلق بالتقاعد، وكذا القانون المتعلق بتنظيم حركة المرور عبر الطرق وسلامتها وأمنها، ومشروع القانون المتعلق بالحالة المدنية".

الدورة الجديدة للبرلمان وإن جاءت بهذه الوتيرة، إلا أنها لاقت انتقادا لاذعا من طرف نواب المعارضة، ووصفت أداء الهيئة التشريعية بـ"الهزيل"، وبأنها "عرفت خروقات قانونية بالجملة وتعطيلا للدور الرقابي والتشريعي للبرلمان و"تغولا" للسلطة التنفيذية عليه، حسبهم، وصراع مصالح يرهن السير العادي لها"، وتمرير مشاريع قوانين بطريقة استعجاليه أثار جدلا واسعا وحيرة وسط النواب الذين تساءلوا عن دوافع هذا الاستعجال الذي لم يجد ما يبرره من بعض الأطراف، التي أرجعته لضغوطات من السلطة بغرض تمرير هذه القوانين بهذه السرعة، أبرزها قانونا الانتخابات والهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات، بالإضافة إلى القانون الناظم للعلاقات بين الحكومة والبرلمان، وحتى القانون الذي يحتم على الضباط المتقاعدين واجب التحفظ والاحتراس حتى بعد أداء الخدمة، إلا أن رفع "شبهة" تلقي أوامر فوقية من طرف السلطة للاستعجال في تمرير هذه القوانين، بأي طريقة حتى ولو كانت أمام كراس فارغة أو بدون بلوغ النصاب.

طريقة تمرير هذه القوانين ذات الطابع الاستعجالي للقوانين المنظمة لعلاقة البرلمان بالحكومة وقانون الانتخابات وهيئة مراقبة الانتخابات، جعلت الحكومة تبادر بهما لتجهيزهما قبل نهاية 2016، حيث أحدثت هذه التعديلات المتعلقة باشتراط تزكية القوائم الانتخابية من قبل الناخبين بالنسبة للأحزاب التي لم تحز على 5 بالمائة، جدلا واسعا في الساحة السياسية، إلا أن مشاريع القوانين التي طرحها المجلس تأخذ طابعا استعجاليا لاقتراب موعد الانتخابات التشريعية والمحلية المرتقبة في 2017، وهو ما جعل الحكومة تسابق الزمن لتمرير هذه القوانين لتتلاءم مع الدستور في صيغته الجديدة"، إلا أن أحزاب المعارضة سارعت للرد على ذلك، مؤكدة أن كل هذه الشائعات التي تقول أن مشاريع قوانين الإصلاح التي استلمها مكتب المجلس جاءت عن طريق إملاءات فوقية، إلا أن أحزاب الموالاة رأت فيها أن هدفها الإثارة ولا تلزم إلا صاحبها. فطريقة انتقاد نواب المعارضة لبرمجة سلسلة هذه المشاريع الهامة في وقت وجيز، مبررين إياها بالطابع الاستعجالي، على غرار القانون الناظم للعلاقات مع البرلمان والقانون المتعلق بنظام الانتخابات، وغيرها من المشاريع، إلا أنه يحق للحكومة برمجة قوانين استعجالية وفق المادة 17 من القانون.

حقيقة أن النصوص القانونية التي استلمها مكتب المجلس مرتبطة أساسا بالتعديل الدستوري الأخير، وأنه ثمرة إصلاحات 2011 عرفتها الجزائر، وأن البرلمان صوت على عديد مشاريع القوانين، هو تكريس للأحكام التي جاء بها الدستور الذي أقره البرلمان في 7 فيفري الماضي من خلال إدراج فرع جديد يتضمن كيفيات الموافقة على الاتفاقيات والمعاهدات المعروضة على غرفتي البرلمان، وكذا تكريس دورة وحيدة للبرلمان تدوم 10 أشهر على الأقل، حيث أن البرلمان عكف على وضع برنامج حاول من خلاله أن يتكيف مع هذا الظرف "الاستعجالي"، مع احترام كل الإجراءات المتعلقة بدراسة هذه المشاريع، بالرغم من العرض الذي يقدمه ممثل الحكومة وتوسيع دائرة الاستشارات من قبل نواب البرلمان، وكذا الدعوات التي وجهتها اللجنة إلى الخبراء والأساتذة والأكاديميين".

أحزاب الموالاة هي الأخرى قالت أن "طابع الاستعجال في تمرير مثل هكذا مشاريع قوانين هو مرتبط أساسا بمواعيد استحقاقات تشريعية ومحلية، وأن الهيئة المستقلة لمراقبة الانتخابات هي مكسب هام للكثير من الأحزاب السياسية، وخصوصا ممن شاركوا في المشاورات حول الدستور، وبذلك فهو مطلب ومكسب في حد ذاته، حيث أن كل التدخلات التي يقوم بها نواب المعارضة أو الموالاة على حد سواء يتم أخذها بعين الاعتبار، مع حرص هذه الهيئة على توفير أجواء حرية التعبير واحترام التمثيل السياسي على اختلاف ألوانه، وذلك بقطع النظر عن وزنه العددي، لتمكين المعارضة من القيام بدورها وفقا للأحكام التي جاءت بها الوثيقة السامية للبلاد، وتكثيف الجهود مع المجلس الشعبي الوطني لمنح النجاعة اللازمة للتنسيق البرلماني مع الحكومة، من خلال تكثيف وتنظيم العمل التشاوري ما بين الغرفتين وما بينهما وبين الحكومة، إلى جانب تفعيل الدور الرقابي للمجلس.

هني. ع

 

من نفس القسم الوطن