الوطن

الاقتصاد في 2016.. لا نموذج جديد ولا قروض سندية ولا استدانة خارجية أنقذت الوضع؟!

أغلب المؤشرات عرفت تدهورا حادا ما جعل الحكومة ضائعة

عرفت أغلب المؤشرات الاقتصادية سنة 2016 تدهورا حادا جعل الحكومة تدخل في حلقة مفرغة للبحث عن مخارج للأزمة، غير أن أغلب الإجراءات التي لجأت إليها هذه الأخيرة على رأسها إجراءات تشديد التقشف وتقليص فاتورة الاستيراد، وبعدها إطلاق نموذج اقتصادي جديد، وكذا إطلاق القروض السندية وحتى الحديث عن اللجوء إلى الاستدانة الخارجية، كلها لم تفلح في وضع حد للأزمة التي عاشتها الجزائر بكل معانيها في 2016 وستمتد لسنة 2017.

وقد كانت الأرقام المسجلة مخيفة بداية 2016، حيث تم تسجيل ارتفاع خطير في عجز الخزينة العمومية خلال بداية السنة، وقد بلغ 1.404 مليار دج نهاية فيفري 2016، أي بزيادة نسبتها 240% في مقابل توسع قياسي في عجز الموازنة، حيث سجلت الجباية البترولية خلال نفس الفترة تراجعا حادا من 405.7 مليار دج نهاية فيفري 2015 إلى 321.67 مليار دج نهاية نفس الفترة من العام 2016، أي بتراجع معدله 20.7 بالمائة، كما أن احتياطيات الصرف تراجعت بنحو 6 مليارات دولار لتستقر عند 136 مليار دولار في الأشهر الأولى لسنة 2016، لتنخفض أكثر وتقدر بـ9ر121 مليار دولار بنهاية سبتمبر 2016. أما بالنسبة للدين الخارجي فقدر بنهاية السداسي الأول من 2016 بـ 1ر3 مليار دولار أي ما يعادل 31ر1 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، منها 60 بالمائة لتغطية العمليات الخارجية قصيرة الأجل. أما الدين الخارجي للدولة فيقدر بـ 78ر0 مليار دولار. هذه الأرقام جعلت سنة 2016 سنة صعبة من الناحية الاقتصادية، وهو ما أدخل الحكومة في دوامة من الحلول الترقيعية كانت بدايتها بتصريحات متضاربة حول حقيقية الوضع المالي وتطمينات لم يهضمها غالبية الخبراء الاقتصاديين وكذا المراقبين الذين دعوا لضرورة مصارحة الشعب بحقيقة الوضع، لتعترف الحكومة أخيرا بشدة الخطورة وتبدأ في حلول ترقيعية بداية الثلاثي الأول من سنة 2016، لم يظهر أثرها لغاية الآن. فبغض النظر عن تشديد سياسة التقشف التي لا يزال المواطن يدفع ثمنها لم تتمكن إجراءات أخرى كإطلاق النموذج الاقتصادي الجديد الذي لم تتضح معالمه لغاية الآن مع نهاية 2016، كما لم تنجح العديد من الصيغ التمويلية سواء بالنسبة للمؤسسات وحتى المشاريع، وأهمها القروض السندية التي رصد لها زخم إعلامي وتصريحات وشعارات تعدت الوضع الاقتصادي وخطورته إلى شعارات للوطنية والمسؤولية، لتبقى الأموال التي جمعت ضمن هذه الصيغة مجهولة القيمة والوجهة لغاية الآن.

من جانب آخر وفيما يتعلق بتقليص الاستيراد وتشجيع المنتوج الوطني خلال سنة 2016 ما بين المساعي والواقع، برز تناقض كبير، فالحكومة التي راهنت في كل خرجاتها على ضرورة ترقية المؤسسات والمنتوج الوطني وإحلالها بدل المستورد، لم تتمكن من تطبيق المسعى الذي لا يزال محصورا في منتجات مركبة بمواد أولية مستوردة، كما هو الشأن بالنسبة للصناعة الميكانيكية التي أصبحت تمثل "مفخرة" بالنسبة لبعض أعضاء الحكومة، متناسيين أن نسبة الاندماج في هذه المصانع التي تعلن عنها في كل مرة لا تتعدى الـ 15 بالمائة، كما أن واقع الاستيراد والتصدير سنة 2016 لم يختلف كثيرا ولم يمثل طفرة، فلا تزال الجزائر تستورد تقريبا كل شيء ضمن كوطة معينة ولا تصدر سوى المواد البترولية. وعلى صعيد الوضع الاجتماعي فإن سنة 2016 كانت سنة "نحس" على الجزائريين الذي عانوا تدهورا في قدرتهم الشرائية والتهابا في أسعار أغلب المواد والخدمات، غير أن هذا لوضع لم يكن حائلا دون إنفاق واستهلاك قياسي بالنسبة للجزائريين، الأمر الذي جعل الحكومة تفكر أكثر من مرة في إعادة توجيه الدعم، المسعى الذي لم يتحقق في سنة 2016 وقد يتحقق السنة الجديدة.

 

من نفس القسم الوطن