الوطن

سنة 2016 أكبر انعطاف وزعزعة على كل الأصعدة في قطاع التربية

قرارات تعقبها أخرى بقوة احتجاجات الشارع والتلاميذ

عام ينتهي على وقع أكبر سخط عمالي والسبب 3 ملفات سوداء

 

لم تكن 2016 سنة خير على قطاع التربية الوطنية، حيث ميزها توتر وعدم استقرار ككل سنة بسبب المشاكل الروتينية التي بقيت دون حلول جادة خلال المواسم الدراسية السابقة، ما جعلها ترمي بظلالها مجددا وتعكر صفو التعليم، وما زاد من حدتها هذه السنة هي تلك القرارات العشوائية التي أضحت تقدمها وزارة التربية من حين إلى حين، قبل أن تقوم بالتراجع عنها في آخر لحظة، على غرار ما حدث مع إصلاحات البكالوريا وما رافقها من قرارات تقليص عدد الايام قبل العودة إلى خمسة أيام، بعد أن تدخلت احتجاجات الشارع التي تبناها التلاميذ لفرض رأيهم في القضية، لتنهي السنة بالتراجع عن قرار تقليص العطلة الشتوية، بعد أن فرضت احتجاجاتهم على المواد التي تدخل في هذا الامتحان، في ظل الملف الأسود المتعلق بالإصلاحات التي فجرت القطاع، خاصة ما حملته كتب الجيل الثاني من أخطاء وفضائح، وهذا قبل أن تأتي ملفات التقاعد وقانوني العمل والمالية لتعصف بالقطاع أكثر والتي أنهت السنة بجملة احتجاجات شلت عدة مؤسسات تربوية لأيام مع 7 قطاعات حساسة.

 

فضيحة البكالوريا.. أول ملف يضرب بيت بن غبريط في 2016

وشهد قطاع التربية سنة 2016 أكبر انعطاف وزعزعة على كل الأصعدة، سواء على صعيد البرامج التعليمية أو الامتحانات الرسمية وخاصة الباكالوريا، بالإضافة إلى إضراب الأساتذة إلى تغيير البرامج التعليمية والجيل الثاني. وعليه بعد إعلان وزارة التربية تقديم اجتياز البكالوريا وكل الامتحانات الرسمية قبل رمضان، استجابة لمطلب جمعيات أولياء التلاميذ، شهد القطاع أكبر فضيحة وهي تسريب مواضيع الباكالوريا لكل الشعب ماعدا الشعبة الأدبية، لتعاد البكالوريا بدورتها الثانية في رمضان وتعمل الوزارة على معاقبة كل من كان السبب في ذلك، لتخرج مرة أخرى  باقتراحات جديدة تدخل حيز التطبيق، وهي ضرورة استخدام برامج الجيل الثاني بكل وسائله الجديدة خاصة الكتاب المدرسي المرتبط بالجيل الثاني، لكن على مراحل، وبالتالي يشمل مرحلة الابتدائي السنة الأولى والثانية ومرحلة المتوسط السنة أولى، لتؤجل برامج الجيل الثاني في مرحلة الثانوي إلى إشعار آخر.

وما فجر سنة 2016 فشل الوزارة في تنظيم مسابقات التوظيف، حيث رغم ما قام به الأساتذة المتعاقدون في مارس 2016 وإجبار الوزارة على التفاوض من أجل إدماجهم في مناصبهم الشاغرة، وهذا بعد المسيرة، وهي مسيرة الكرامة من بجاية إلى العاصمة، ليتفاجأ الأساتذة المتعاقدين بقمع احتجاجهم عند اقتراب دخولهم إلى العاصمة وفض احتجاجهم الذي دام أكثر من شهر، وذلك عن طريق القوة العمومية مستعملة كل أنواع القوة لتجبر الأساتذة على الدخول في مسابقة التوظيف واحتساب سنوات الخبرة، ليجد الأساتذة أنفسهم مجبرين على الدخول إلى هذه المسابقة، لكن كل الوعود باحتساب الخبرة المهنية باءت بالفشل، ليجد معظم الأساتذة أنفسهم أحيلوا على البطالة.

 

إصلاحات كارثية تزيد الطين بلة والكتب تفضح المستور

هذا وتفاجأ الجزائريون خلال سنة 2016 بدخول اجتماعي تشوبه الفوضى والعشوائية بتلك القرارات الصادرة بقطاع التربية، التي لم تدرس مع أصحاب القرار والأساتذة، حيث تفاجأ الأساتذة ببرامج لا يعلمون محتواها من أجل تقديمها للتلاميذ إلى غاية الأخطاء الفادحة في الكتاب المدرسي، والذي تكبد الوزارة مبالغ باهظة في سحب الكتاب وإعادة طبعه، إلى غاية الإعلان عن الامتحانات الرسمية للسنة الدراسية 2016/2017 والتي لم تراع فيها وزارة التربية خصوصية بعض مناطق الجنوب التي تشهد حرارة فائقة في هذه الفترة، ما يؤثر سلبا على التلاميذ والمؤطرين من أستاذة وإداريين لهذه العملية التربوية.

وتجدر الإشارة أن الدخول الاجتماعي هذه السنة يفتقر إلى العدد الكافي للأساتذة، مع نقص فادح في التأطير التربوي.. مؤسسات دون مدراء ودون نظار ودون مستشاري التربية، بالإضافة إلى نقص في الأساتذة الذي نجده يستمر إلى حد الساعة، بالإضافة إلى القرارات التي اتخذتها الوزارة فيما يخص تغيير رزنامة الباكالوريا وتقليص الأيام من 5 أيام إلى 4 أيام، لتعود لتتدارك الأمر وتقول: "نعود إلى الرزنامة القديمة أي 5 أيام، ثم حذف مادتين لكل شعبة، لتحتسب هذه المواد في البطاقة التركيبية، لتعود مرة أخرى إلى إعادة النظر والعدول عن احتساب البطاقة التركيبية في معدل شهادة البكالوريا، إلى غاية أيضا تقدم عدد كبير من الأساتذة والمؤطرين لوضع ملفات التقاعد حتى لا يطبق عليهم قانون إلغاء التقاعد النسبي. وبهذا تتخلى الوزارة عن الكفاءات التربوية عن طريق التقاعد.

 

عطلة بـ 20 يوما.. تضرب مصداقية بن غبريط في 2016

وأخيرا خرجات وزارة التربية التي ضربت بمصداقية الأسرة التربوية، هو تغيير أيام العطلة الشتوية وتجعلها 10 أيام بدل 15 يوما، ليخرج التلاميذ إلى الشارع مطالبين بالعدول عن تقليص أيام العطلة، وبعد ما قام به التلاميذ بالتكسير لبعض منشآت قطاع التربية، على غرار مديرية التربية لولاية بجاية التي ألحق بها التلاميذ خسائر على المستوى الخارجي للمبنى، تطل الوزارة في اليوم الموالي بالعدول عن فكرة تقليص أيام العطلة، لتعود إلى إصدار تعليمة وزارية فورية تحدد بداية العطلة من 20 ديسمبر إلى غاية 8 جانفي 2017، مع العلم أن كل المؤسسات التربوية لم تكمل عملية صب النقاط وإعطاء المعدلات للتلاميذ.

هذا وانتهى 2016 بسلسلة عواصف واحتجاجات، خاصة مع دخول الأساتذة والعمال في كل القطاعات في إضرابات متقطعة بين يومين إلى ثلاثة من كل شهر، نتيجة انسداد الحوار مع الحكومة، خاصة في ما يخص إلغاء قانون التقاعد النسبي وقانون المالية لسنة 2017 والقانون العام للوظيفة العمومية الذي يكرس قمع العمل النقابي ويحد من الحريات.

وهذا فيما سجل أكثر من 13 ألف احتجاج في الجزائر خلال 11 شهرا خلال السنة الجارية من قبل الطبقة الشغيلة والمواطنين، في عدة مناطق من القطر الوطني للتعبير عن تذمرهم من الحالة المزرية التي آلت إليها الأوضاع المعيشية والمهنية.

ووفق تقارير حقوقية، فإنه رغم أن حق "التظاهر السلمي" مكفول في دستور الجزائري لسنة 2016، ولكن في طياته مرهون بقرار السلطات المسؤولة، رغم أن التظاهر السلمي حق المواطن يجب ضمانه وممارسته في إطار قانوني بمجرد إشعار السلطات المسؤولة دون تعقيدات إدارية والبيروقراطية، شريطة ألا يخل بالنظام العام وأن يتحمل المتظاهر نتيجة ما يحدث من تخريب أو فوضى أو مساس بالأشخاص والممتلكات، إلا أنه تم خلال هذه السنة 2016 منع العديد من التظاهرات وقمع الكثير من الوقفات بالتدخل وإنهاء الاعتصام. وحسب حصيلة الدرك الوطني، فقد تم تسجيل خلال الثلاثي الثاني من السنة الجارية عبر كافة ولايات الوطن أكثر من 429 تدخل لإنهاء الاعتصام والتظاهر في الشق المتعلق بالمساس بالأمن العام، أي بمعدل أكثر من 5 قضايا تدخل في اليوم.

وحسبما لوحظ في ميادين التظاهرات، فإنه تم اللجوء إلى اعتقال بعض النشطاء الحقوقيين والنقابيين والبطالين، ومن ضمنها على سبيل المثال لا الحصر اعتقالات بالجملة ومنع احتجاج الأساتذة المتعاقدين بالمرادية وكذلك في مدينة بودواو واعتقال نشطاء في اللجنة الوطنية للدفاع عن حقوق البطالين.

كما سجل حسب حقوقيين توسع الاحتجاجات إلى عدة مدن من طرف الحقوقيين والنقابيين، بعد أن فشل السياسيون والأحزاب والخبراء والاقتصاديون في دفع الحكومة للتراجع عن قانون المالية 2016 أو على الأقل تعديله، وتأكدهم بأن الحلول التي جاء بها القانون ستزيد من غبن المواطن البسيط دون غيره. وكانت البداية من عنابة ثم سطيف - باتنة – تيڤزيرت –الشلف – وهران..

وبلغة الأرقام، أشار ذات المصدر إلى اعتقال أزيد من 45 نقابيا لمدة تزيد 3 ساعات للتكتل النقابي المكون لـ12 نقابة في وقفة احتجاجية أمام البرلمان.

 

تحذيرات من وضع اجتماعي كارثي نتائجه ستظهر بعد 2016

هذا فيما تطرق في المقابل ذات المصدر إلى المناطق الريفية والمعزولة، بحيث أضحى المواطن يصارع بشتى الطرق وبأكبر التكاليف من أجل حقه في البقاء والعيش الكريم والاستفادة من التنمية المحلية، محروما من أبسط ضروريات الحياة الكريمة من ماء وغاز ومواصلات وطرق مهيأة، ناهيك عن افتقار شريحته الشابة لفرص العمل والترفيه، وما إلى ذلك مما تقضيه متطلبات الشباب من زواج وتكوين للأسر...الخ.

هذا فيما يحذر النقابيون والحقوقيون من الوضع الاجتماعي والاقتصادي في الجزائر الذي يتميز بتفاوت اجتماعي مجحف بين مختلف فئات المواطنين، والذي سينفجر أكثر في 2017، بسبب المستوى المعيشي للطبقات المتوسطة وللأجراء، ناهيك عن العاطلين والفئات المعدمة والمحرومة، أصبح متدنيا لتدني القدرة الشرائية، كما تقابله فئة محدودة من الأثرياء الجدد والمحظوظين من اللوبيات تعيش أوضاعا من الترف والبذخ الفاحش.

وأجمعوا على: "أن نزيف القدرة الشرائية مازال متواصلا ومازالت دار لقمان على حالها فيما يخص الأجور التي أصبحت منذ مدة لا تلبي الحاجيات الأساسية لفئات واسعة من المجتمع الجزائري، وهذا لانعدام سياسة للأجور، ما يتطلب اتخاذ إجراءات فورية وإعطاء البعد الاجتماعي والاقتصادي الأولوية للحد من تلك الفوارق الاجتماعية العميقة، والقضاء على مختلف أشكال الفقر والتهميش والإقصاء.

 

من نفس القسم الوطن