الوطن
هل يقود الأفلان مشاورات مع أحزاب في المعارضة قبيل التشريعيات؟
بعد لقاء ولد عباس بقيادات الأفافاس وأبو جرة سلطاني وشكل تحالفا حزبيا جديدا
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 27 ديسمبر 2016
• محللون: الحراك السياسي خارج إطار مؤسسات الحزب "لا معنى له"
كشف الأسبوع الجاري عن حراك سياسي "مفاجئ وغير متوقع" بعد لقاء الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني مع قيادات جبهة القوى الاشتراكية، وحضوره ندوة نظمها الحزب تخليدا للمجاهد الراحل حسين أيت أحمد، فيما ترك لقاء ولد عباس مع أبو جرة سلطاني "بلبلة داخل حركة حمس" على خلفية تصريح ولد عباس أن "لقاء مرتقبا يجمع قيادة الحزبين". وقرأ محللون هذا التقارب "غير المعلن" بين الأحزاب الثلاثة التي تمثل تيارات مختلفة (الوطني، اليساري، الإسلامي) على أن "لا معنى له بحكم أنه غير رسمي وخلف بلبلة"، في حين يراه متابعون للشأن الوطني أنه "تمهيد لحراك سياسي آخر تظهر ملامحه بعد تشريعيات 2017".
وذهبت بعض القراءات إلى أن اللقاءات الودية التي طغت في الآونة الأخيرة والتحركات لمختلف القيادات الحزبية "مؤشر" على وجود مشاورات جادة بين مختلف الأطياف، قصد توسيع قاعدة الحكم لخلق جبهة داخلية متماسكة في مواجهة التحديات الأمنية الإقليمية والاقتصادية التي تمر بها البلاد.
• رزاقي: لقاءات ولد عباس مع سلطاني والأفافاس ليس لها دلالات سياسية
اعتبر المحلل السياسي، عبد العالي رزاقي، أن لقاء ولد عباس مع أبو جرة سلطاني وزميله سعيدي "لقاء بروتوكولي وطبيعي"، مضيفا: "مثل هذه اللقاءات عادية ولا تحمل أي دلالات حزبية، لأن سلطاني لا يمثل قيادة حمس في الوقت الراهن"، واستدل على أن "كل حراك سياسي خارج إطار مؤسسات الحزبين لا دلالات سياسية من ورائها". وأضاف: "حضور جمال ولد عباس لندوة الأفافاس لإحياء ذكرى رحيل المجاهد الرمز حسين أيت أحمد متعلقة بالشخص وليس بالأحزاب، وحتى أن الحضور اشتمل أحزابا أخرى تختلف سياسيا مع الأفافاس". واعتبر رزاقي أن ما حدث هو "استغلال للمناسبة ورمزيتها، ولا علاقة له بالدلالات السياسية بين الأحزاب".
وعن ابتعاد الأرندي عن الحراك السياسي في إطار التحالفات المعلنة وغير المعلنة، قال رزاقي: "لا أعتقد أن الأفلان يبحث عن تحالف سياسي في الوقت الراهن، والأرندي يدرك ذلك، فهو يريد ترك الانطباع بأنه حزب قوي في الساحة"، وأضاف: "انتقادات أويحيى لحكومة سلال يحاول من ورائها استغلال الظرف للتأكيد على أنه حزب قوي ولا يسير في فلك الأفلان"، وشدد رزاقي أن "كل هذه التحركات لا وجود لها في الشارع بحكم أن المواطن مستقيل من السياسة والعمل الحزبي".
• فراد: ما حدث في حمس والأفافاس "بلبلة سياسية لا معنى لها"
وأبدى المحل السياسي، أرزقي فراد، انتقادا صريحا لدور الأفافاس في الساحة الوطنية بقوله: "حزب الدا الحسين صار مع الوقت جهازا صوريا وشكليا في ظل إقصاء الكفاءات والأوزان الثقيلة من الحزب"، في إشارة لإقصاء المناضل القيادي رشيد حاليت واستقالة القيادي بطاطاش. وأضاف: "الأفافاس رفض موقعه الطبيعي مع المعارضة، وهو يعاني غياب الطموح مادام أنه لم يضم صوته إلى المعارضة في أرضية مزفران". وعن الحدث الذي رافق حضور جمال ولد عباس لندوة الأفافاس تخليدا لروح المجاهد حسين أيت أحمد، قال فراد: "ليس لها معنى ولا تندرج ضمن الحراك السياسي الواضح والمسؤول".
وعرج المحلل السياسي على سوء التفاهم الحاصل داخل بيت حركة حمس بعد لقاء أبو جرة سلطاني وسعيدي (رئيس مجلس الشورى لحمس سابقا) مع الأفلان، معتبرا ما فعله سلطاني "تشويشا على القيادة الحالية للحركة لأنه تمّ خارج مؤسسات الحزب". وأضاف: "حمس تعيش حاليا معاناة وبلبلة لأسباب معروفة من جناح معروف، وهي لا تخدم الحركة وصفوف الحزب". وعن ابتعاد الأرندي عن حليفه التقليدي الأفلان، قال الأستاذ الجامعي إن الحزبين هما "عبارة عن أداة انتخابية لحصد الأصوات ولا يملكان أي برنامج أو رؤية سياسية". وأضاف: "هذان لا يندرجان ضمن الأحزاب السياسية بل أجهزة تأتمر بأوامر السلطة وتخدم مصالحها فقط".
• "الأفلان" و"حمس" و"الأفافاس"، هل هو صراع تيارات؟
وشهد الأسبوع الجاري حراكا بدلالات سياسية لم تتضح معالمها بعد، فالأمين العام للأفلان، جمال ولد عباس، لبى دعوة لحضور ندوة نظمها حزب جبهة القوى الاشتراكية تخليدا لروح المجاهد حسين أيت أحمد، وطبع حضوره ردود فعل قوية من مناضلي الحزب وقيادته "ما اعتبر إيذاء لحزب الأفلان وخطأ سياسيا لا يغتفر"، فرغم عدم إفصاح أي طرف عن شكل الدعوة إلا أن كل المؤشرات تصب في خانة "لقاء ودي بين الحزبين في إطار شخصي". وترك خروج جمال ولد عباس من القاعة وتصريحه بأن "ما حدث هو خطأ لا يغفر من قيادة الأفافاس بتهجمها على الأفلان ومؤسسات الدولة، وأنه أمر غير مقبول وليس من آداب الضيافة".
أما لقاء ولد عباس مع رئيس حركة مجتمع السلم السابق، أبو جرة سلطاني، برفقة رئيس مجلس الشورى السابق للحركة، عبد الرحمان سعيدي، بقمر الأفلان، وبطلب منهما، ليس مجرد "لقاء ودي شخصي" مثلما قال عنه سلطاني، وقال متابعون للشأن الوطني أن "دلالات لقاء ولد عباس مع قياديين حاليين في حمس وكانا يشغلان أعلى مناصب القيادة في الحزب لا يمكن أن يكون اعتباطيا وخاليا من أي رسالة سياسية"، وتؤكد ما ذهبت إليه القراءات بعد تصريح ولد عباس عن لقائه بسلطاني أنه "لم يكن بدعوة منه وإنما بطلب منهما، وكشف عن لقاء مرتقب سيعقد مستقبلا يجمع بين قياديين في الحزبين"، وهو ما جعل رئيس الحركة، عبد الرزاق مقري، يتدخل بقوة ويدلي بتصريح عبر مواقع التواصل الاجتماعي (الفايسبوك) قال فيه إن "حزبه يتعرض للعداوة والتآمر على مستوى جهات في المجتمع وجهات في النظام السياسي"، في إشارة واضحة لأبو جرة سلطاني. واعتبر مقري أن الحركة "استطاعت أن تتجاوز كل التحديات وكل المصاعب وكل المؤامرات"، في حين كان سلطاني قد أوضح على الفايسبوك أنه "قام بزيارة مجاملة لتهنئة الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني".
ويجدر التذكير أن الأفافاس يمثل منذ تأسيسه سنة 1963 المعارضة الراديكالية، ورفض في عدة مناسبات التقرب من السلطة أو المشاركة في الحكومة، فيما شاركت حركة حمس (التيار الإسلامي) في كل الحكومات المتعاقبة منذ التسعينيات، ومنذ سنة 2012 صادق مجلس الشورى للحركة على خيار "الممانعة" والخروج من الحكومة بعد تحالف رئاسي دام سبع سنوات بين الأفلان والأرندي وحمس التي كان يقودها أبو جرة سلطاني، في حين يمثل الطرف الثالث (الأفلان) التيار الوطني المحافظ الذي يقود البلاد منذ الاستقلال.
يونس بن شلابي