دولي
قرار إدانة الاستيطان...ترحيب عربي.. غضب صهيوني وانقسام أميركي
تبنّت كلّ من فنزويلا، السنغال، نيوزيلندا وماليزيا تقديم مشروع القرار بدلاً من مصر
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 25 ديسمبر 2016
أثار تبنّي مجلس الأمن الدولي مشروع قرار يدين الاستيطان الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، جملة من ردود الفعل، بين ترحيب فلسطيني، وغضب إسرائيلي من عدم استخدام واشنطن حق النقض (الفيتو)، وانقسام أميركي بين إدارة الرئيس الحالي باراك أوباما، وخلفه المنتخب دونالد ترامب.
وتبنّت كلٌّ من فنزويلا والسنغال ونيوزيلندا وماليزيا، تقديم مشروع القرار، بدلاً من مصر، والتي سحبت تداوله في وقت سابق، وصوّتت لمصلحته 14 دولة، فيما امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت، ولم تلجأ لاستخدام حق النقض (الفيتو). ويطالب مشروع القرار رقم 2334، بوقف فوري لكافة الأنشطة الاستيطانية في كل الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وينصّ على "أنّ المستوطنات ليس لها أي شرعية قانونية وتعتبر انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي". ورحّب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بتبنّي مجلس الأمن القرار، وقال المتحدث ستيفان دوجاريك، وفق ما نقلت "رويترز"، إنّ "الأمين العام ينتهز هذه الفرصة لتشجيع الإسرائيليين والفلسطينيين على العمل مع المجتمع الدولي، لخلق أجواء مواتية للعودة لمفاوضات جدية". من جهتها، رحّبت الرئاسة الفلسطينية بالقرار، معتبرةً أنّه "صفعة كبيرة للسياسة الإسرائيلية"، مستغلّة إياه للتسويق لسياسة الرئيس محمود عباس.
وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، أمس أول الجمعة، لـ"فرانس برس"، إنّ "قرار مجلس الأمن صفعة كبيرة للسياسة الإسرائيلية وإدانة بإجماع دولي كامل للاستيطان ودعم قوي لحل الدولتين". في المقابل، أثار القرار غضباً إسرائيلياً، لا سيما عند رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي لم يتوانَ عن التصريح علناً بعدم الالتزام به. وقال نتنياهو، في بيان صادر عن مكتبه، إنّ "إسرائيل ترفض قرار مجلس الأمن، لن نخضع لهذا القرار، وهو غير ملزم لنا". وأضاف أنّ "مجلس الأمن لا يعير اهتماماً لوقف المجازر في سورية، والتي تطاول أكثر من نصف مليون سوري"، على حد تعبيره. وفي انتقاد لاذع لموقف واشنطن من القرار، قال نتنياهو إنّ "إدارة أوباما، لم تفشل فقط في الدفاع عن إسرائيل أمام هوس الأمم المتحدة في إدانتها، بل تعاونت أيضاً معها لتنفيذ ذلك". وأضاف "نتطلع قدماً للتعاون مع الرئيس المنتخب دونالد ترامب وأصدقائنا في الكونغرس من الجمهوريين والديمقراطيين، حتى لا نتأثر بأضرار هذا القرار السخيف". الغضب الإسرائيلي حيال القرار، تجلّى أيضاً في استدعاء السفيرين في نيوزيلندا والسنغال للتشاور، ردّاً على القرار، بحسب تعليمات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وفق ما أعلن متحدث باسمه.
وقال دافيد كيز المتحدث باسم نتنياهو، بحسب ما أوردت "رويترز"، إنّ "نتنياهو أمر أيضاً بإلغاء زيارة مزمعة لوزير الخارجية السنغالي إلى إسرائيل، وأصدر تعليماته لوزارة الخارجية لإلغاء جميع برامج المساعدات للسنغال". لكنّ نيوزيلندا، اعتبرت أنّ القرار ما كان يفترض أن يفاجئ اسرائيل. وقال وزير الخارجية النيوزيلندي موراي ماكالي، في بيان، إنّ "إسرائيل أبلغتنا بقرارها استدعاء سفيرها في نيوزيلندا للتشاور"، مضيفاً "اعتمدنا الشفافية فيما يتعلّق برأينا بأنّه (مجلس الأمن) يجب أن يبذل مزيداً من الجهود لدعم عملية السلام في الشرق الأوسط"، مؤكداً أنّ "الموقف الذي تبنيناه يتطابق تماماً مع السياسة التي نتبعها منذ فترة طويلة حول القضية الفلسطينية". وتابع أنّ "التصويت يجب ألا يفاجئ أحداً، وننتظر بفارغ الصبر مواصلة العمل بشكل بنّاء مع كل الأطراف المعنية". وبامتناعها عن التصويت، اعتبر وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز، أنّ الولايات المتحدة "تخلّت عن إسرائيل"، وقال لتلفزيون القناة الثانية "هذا ليس قراراً ضد المستوطنات.. إنّه قرار ضد إسرائيل... ضد الشعب اليهودي والدولة اليهودية. الولايات المتحدة تخلّت الليلة عن صديقها الوحيد في الشرق الأوسط"، بحسب تعبيره.
وفي الجانب الأميركي، شكّل موقف الولايات المتحدة من القرار، مناسبة جديدة لتصويب الرئيس المنتخب دونالد ترامب، سهامه على سلفه باراك أوباما، متوعّداً بأنّ "الأمور ستختلف بعد 20 جانفي المقبل" موعد استلام مهامه رسمياً في البيت الأبيض. وقال الرئيس الأميركي المنتخب على "تويتر" عقب التصويت، ، "فيما يتعلّق بالأمم المتحدة... الأمور ستختلف بعد 20 جانفي ". في المقابل، دافع البيت الأبيض عن قراره، محذراً من أنّ "التوسيع السريع للنشاط الاستيطاني يعرّض للخطر حلّ الدولتين". وأوضح أن أوباما اتخذ قرار الامتناع عن التصويت في ظل غياب أي عملية سلام لها مغزى، مشيراً إلى أنّه حذر إسرائيل مراراً، سراً وعلانية، من أنّ النشاط الاستيطاني يزيد عزلتها على الساحة الدولية. ورفض نائب مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض بن رودس، انتقاد ترامب، مذكّراً بأنّ أوباما لا يزال الرئيس حتى 20 جانفي.
وقال بن رودس، في مؤتمر عبر الهاتف، "بضمير مستريح لا يمكننا أن نرفض قراراً عبر عن بواعث قلق من نفس التوجهات التي تؤدي إلى تآكل الأساس لحل الدولتين". واتخذ ترامب، خطوة غير عادية لرئيس أميركي منتخب، عندما تدخّل شخصياً في قضية تتعلق بالسياسة الخارجية، قبل أن يتولى منصبه، وتحدّث عبر الهاتف مع نتنياهو، ومع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قبل أن تسحب مصر مشروع قرار صاغته قبل تصويت مزمع للمجلس عليه. وبعدما طالب كل من إسرائيل وترامب إدارة أوباما بنقض القرار، اعتبر موقف الامتناع عن التصويت لافتاً، بالنسبة لسياسة واشنطن طويلة الأمد القائمة على حماية إسرائيل، والتي تتلقّى منها مساعدات عسكرية سنوية بأكثر من ثلاثة مليارات دولار. كما واجه أوباما ضغوطاً من مشرعين أميركيين جمهوريين، وكذلك من زملائه الديمقراطيين لاستخدام حق النقض (الفيتو) ضد مشروع القرار، وتعرّض لانتقادات من الحزبين بعد التصويت على القرار. وندّد رئيس مجلس النواب الأميركي بول ريان، والسناتور جون ماكين، وكلاهما من الجمهوريين بقرار أوباما.
وقال ريان، في بيان، إنّ امتناع الولايات المتحدة عن التصويت "مشين بالقطع" و"ضربة للسلام"، بينما قال مكين إنّ الخطوة تجعل الولايات المتحدة "متواطئة في هذا الهجوم الفظيع" على إسرائيل. أما وزير الخارجية الأميركي جون كيري، فدعا إسرائيل والفلسطينيين إلى "تطوير آفاق حل الدولتين" بعد القرار. وقال في بيان، إنّ "الولايات المتحدة لم تتفّق مع كل ما ورد في القرار"، لكنّه أشار إلى أنّ القرار "أدان بصورة صحيحة العنف والتحريض والأنشطة الاستيطانية ويدعو الجانبين لاتخاذ خطوات بناءة لتغيير التوجهات وتطوير آفاق حل الدولتين".
يذكر أنّ آخر قرار اعتمده مجلس الأمن بشأن المستوطنات الإسرائيلية كان في عام 1979، وامتنعت الولايات المتحدة حينها عن التصويت. ثم اعتمدت واشنطن قراراً يقول إنّ المستوطنات الإسرائيلية لا تحظى "بشرعية قانونية وتشكل عقبة خطيرة أمام تحقيق سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط".
أمال. ص/ الوكالات