الوطن
هل ينقذ التعديل الوزاري حكومة سلال 5 من "الأخطاء" و"التضارب"؟
غياب التنسيق بين قطاعات التجارة والصناعة والصحة يفجر عدة فضائح
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 21 ديسمبر 2016
• الأفلان يدعو لعدم التهويل والأرندي يرفض الرد على أخطاء الحكومة
• حمس: الوزراء تائهون في غياب مجلس الوزراء ومجلس الحكومة
• فراد: شراء السلم الاجتماعي هي سياسة تهدد استقرار الدولة ومؤسساتها
أثار قرار وزيرة التربية "المفاجئ" بتمديد العطلة الشتوية للتلاميذ "الكثير من علامات الاستفهام"، خصوصا طريقة تطبيق القرار، رغم أن الأساتذة كانوا في حجرات التدريس. وتوسعت دائرة القرار الوزاري لتشمل قرارات سابقة لحكومة سلال-5 صنفت على أنها "قرارات اعتباطية متضاربة" وكذا "قرارات شعبوية لشراء السلم الاجتماعي". وذهبت بعض القراءات إلى وصف الحكومة الحالية بأنها "تمثل خطرا على مؤسسات الدولة واستقرارها"، في حين يحاول الأفلان والأرندي (تهرب من الرد على السؤال) تبرير أخطاء الحكومة بأنها "عادية وطبيعية في إطار النقاش بين أعضائها".
وسألت "الرائد" كلا من المحلل السياسي أرزقي فراد وحزبين سياسيين (معارضة وموالاة) حول الأخطاء التي وقعت فيها حكومة سلال-5 وتأثيراتها على التنسيق بين أعضائها وهيبة مؤسسات الدولة، خصوصا القرارات المتضاربة بين وزير التجارة من جهة ووزير العدل ووزير الصناعة، وبين وزير السياحة ووزير العدل، وكذا بين وزير الصحة ووزير التجارة، وأخيرا قرار وزيرة التربية عقب احتجاج التلاميذ.
• أرزقي فراد: شراء السلم الاجتماعي والتنازلات هي "شعبوية" تهدد الدولة
اعتبر المحلل السياسي، أرزقي فراد، القرارات الاعتباطية للحكومة "حالة فوضى" تغرق فيها السلطة، وأن "ما حدث من أخطاء للوزراء لا يتحمل مسؤوليته أعضاء الحكومة لوحدهم"، وأضاف: "قرارات الحكومة لشراء سياسة السلم الاجتماعي والتنازلات المقدمة للأطفال التلاميذ والشباب هي قرارات شعبوية ومغالطة وعبث تهدد أسس الدولة وخطر عليها". وذكر الأستاذ فراد أن "خروج مدير ديوان رئاسة الجمهورية في تصريحات صحفية بأنه يدعم رئيس منتدى رؤساء المؤسسات علي حداد، وهذا الأخير تحدى الحكومة، هذا يؤكد وجود فوضى وصراعات داخل أطراف السلطة". وجدد المتحدث أن "مسألة التنسيق بين أعضاء الحكومة هي مسألة ثانوية بالنظر إلى سياسات النظام وغياب الشفافية والأساليب الديمقراطية"، مضيفا: "الوزير الأول دستوريا هو منسق بين الوزراء ولا يملك صلاحيات لتسيير حكومته".
وفي سؤال حول الدستور الجديد الذي يمهد لحكومة سياسية من الأغلبية البرلمانية وإمكانية حدوث ذلك بعد تشريعيات 2017، قال أرزقي فراد: "هذا أمر مستحيل، فالحكومة السياسية لا تأتي من فراغ بل عبر أسس ديمقراطية واضحة، وما حدث في الجارة تونس عبر المجلس التأسيسي يؤكد ذلك". وأضاف: "حتى الانتخابات مزورة وفاقدة للشرعية الشعبية، فكيف ننتظر منها أن تأتي بالجديد". وختم المحلل السياسي: "السلطة في تدهور وهي تتشبث بما تبقى لها ولو على حساب الدولة ومصالح الشعب، وما يحدث في الحكومة وغيرها يبرز ذلك".
• الأفلان: لا أحد يملك معلومات للحكم على قرارات الوزراء "المتناقضة"
أبدى عضو المكتب السياسي لحزب جبهة التحرير الوطني، رشيد عساس، حذرا وتحفظا في الرد على سؤال يتعلق بالقرارات المتناقضة بين أعضاء الحكومة وبعض القرارات التي تعتبرها قراءات أنها "اعتباطية" لا تخدم مصلحة الدولة، وقال عساس: "لا يمكنني الحكم على قرارات الوزراء والتنسيق بينهم على أنه تضارب أو نقاش عادي، لأني لا أملك معلومات دقيقة"، مضيفا: "شيء طبيعي أن يكون هناك نقاش بين الوزراء وهذا لا يضر عمل الحكومة ولا يشوش عليها، لكنه بالمقابل هناك بعض القرارات التي ليست من مصلحة الدولة نهائيا عبر إصدار قرارات ثم التراجع عنها"، مستدلا: "مثلا قرار وزير التجارة باستيراد السيارات أقل من ثلاث سنوات ثم قرار وزير الصناعة برفض المقترح، وكذا قرار وزيرة التربية تحت ضغط الأحداث". وذكر المتحدث أن "مراجعة قرارات وزراء في الحكومة من أجل المنفعة العامة ليس عيبا، وكذلك سياسة القبضة الحديدية قد تأتي بفائدة مثلما حدث في قانون التقاعد، وقد لا تأتي بنتيجة مثلما حدث مع التلاميذ مؤخرا".
وقزم عضو المكتب السياسي للأفلان من مناقشة قرارات أعضاء الحكومة بقوله: "هذا الموضوع لا يحتاج إلى تهويل، لأنه لا أحد يملك المعلومات الكافية للحكم على الحكومة". وأضاف: "يقولون الحكومة لا تملك استراتيجية عمل، هذا شيء كبير لا يجب الحكم فيه بكلام فارغ وانتقادات غير مؤسسة". وعن شكل الحكومة بعد تشريعيات 2017 وإمكانية تجاوز مسألة التنسيق بين أعضائها، قال عساس: "من يتحدث عن شكل الحكومة بعد التشريعيات هو يمارس التنجيم، فرئيس الجمهورية وحده من يملك صلاحيات تشكيل الحكومة"، مستدركا: "أكيد الانتخابات المقبلة ستفرز برلمانا بألوان سياسية مختلفة، والحكومة قد تتشكل من أكثر من لون سياسي".
• حمس: الوزراء تائهون في غياب مجلس الوزراء ومجلس الحكومة
من جهته، قال القيادي في حركة مجتمع السلم، نعمان لعور، أن ما يحدث بين أعضاء الحكومة "لا يمكن أن نصفه بأنه خلل، فهي كلمة ثقيلة بل هو عدم وجود تنسيق". وأضاف: "عدم وجود تنسيق واضح بين أعضاء الحكومة، والدليل أن المعلومات والأرقام الموجودة في وزارة تختلف عن أخرى، وكذا عدم التنسيق في السياسات وكأنهما يمثلان حكومة مختلفة". واعتبر نعما لعور أن "الملاحظ هو التضارب الذي ظهر بين الوزراء، فمثلا وزير التجارة يصرح ويقرر عودة استيراد السيارات أقل من ثلاث سنوات ومن جانبه وزير الصناعة يرفضها مطلقا"، وأضاف: "الإشكالية موجودة في التنسيق وفي السياسات والرؤية المستقبلية، وهي إشكالية كبيرة في إدارة الدولة".
وذكر البرلماني أن "عدم انعقاد مجلس الوزراء ومجلس الحكومة لأشهر هو انعكاس طبيعي لغياب التنسيق، وهو ما جعل كل وزير يعتبر نفسه دولة ويشتغل في قطاعه بعيدا عن زملائه". وعن التشريعيات المقبلة وإمكانية تشكيل حكومة سياسية، قال نعمان لعور: "هناك مشكلة بين النصوص والتطبيق في الجزائر، فالدستور الجديد يكرس صلاحية رئيس الجمهورية في تعيين الحكومة والوزير الأول، فما دور الأغلبية في الأمر"، مضيفا: "غياب الإرادة السياسية لتطبيق القانون يعرقل الذهاب إلى حكومة وحدة وطنية ومرحلة انتقالية لمواجهة الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد". وذكر المتحدث أن "مشاركة حمس في التشريعيات راجع أساسا إلى تحمل المسؤولية وعدم التهرب منها، ونعتقد بالمنافسة ولو كانت نسبية".
للإشارة، تحدثت مصادر إعلامية عن تعديل حكومي مرتقب في الأيام القليلة المقبلة قد يطيح بالعديد من الوزراء الذين ارتكبوا "أخطاء" صنفت بالكارثية، بينهم وزير الصحة عبد المالك بوضياف، ووزير الصناعة عبد السلام بوشوارب، وكذا وزير الشباب والرياضة الهادي ولد علي، كما يرجح أن يستغني رئيس الجمهورية عن عدة أسماء من التي ترغب في خوض غمار التشريعيات عبر الترشح.
يونس بن شلابي