الوطن
محللون: المشاكل الاجتماعية للمواطن دفعته إلى الاستقالة السياسية
أحزاب وحكومة عاجزة عن تعبئته لضمان شرعية المؤسسات المنتخبة
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 18 ديسمبر 2016
• طلائع الحريات: الانتخابات فقدت مصداقيتها ونسبة المشاركة لن تتعدى 15 في المائة
توقع محللون سياسيون "تسجيل نسب منخفضة جدا في المشاركة في التشريعيات والمحليات المرتقبة سنة 2017". وأرجع ذلك إلى "تفاقم مشاكل الجبهة الاجتماعية وتخبط الحكومة في أزمات اقتصادية وسياسية"، وكذا "تراجع تأثير السياسيين والأحزاب في أفراد المجتمع". وذكر المحلل السوسيوسياسي، سالمي العيفة، أن "احتمال انخفاض المشاركة في الانتخابات القادمة متوقع بشكل كبير نظرا للاستقالة السياسية للمواطن"، فيما يرى المحل السياسي، عمار خبابة، أنه "حتى الأحزاب استقالت من العمل السياسي ولا توجد بها أي حركية أو نشاط يبرز الحيوية السياسية". ومن جهته، يعتبر الناطق الرسمي لحزب طلائع الحريات، أحمد عظيمي، أن "نسبة المشاركة في تشريعيات 2017 لن تتعدى 15 في المائة، حسب ما لمسناه لدى المواطن ومؤشرات المرحلة".
واستطلعت "الرائد" الجوانب المتعلقة بمشاركة المواطن في العمل السياسي من جانب سوسيوسياسي، وجانب حزبي، وآخر تحليل سياسي لوضع الأحزاب وقدرتها على التعبئة الشعبية.
• سالمي العيفة: بسبب الاستقالة السياسية أتوقع عزوفا انتخابيا كبيرا
ورجح المحلل السوسيوسياسي، سالمي العيفة، مقاطعة انتخابية أكبر مما شهدته تشريعيات 2012 نتيجة عدة مؤشرات، بينها "الاستقالة السياسية للمواطن بسبب تفاقم مشاكل الجبهة الاجتماعية، ووجود طبقة سياسية ليست في مستوى التحديات". وأضاف: "الإشكال الحالي في الساحة الوطنية هو الجبهة الاجتماعية التي تعاني من تدهور القدرة الشرائية وتراجع المستوى المعيشي، وهو ما دفع بالمواطن إلى الاستقالة السياسية". واعتبر العيفة أن "الغليان الاجتماعي لا يمكن اعتباره كله سلبيا في العمل السياسي، فهو قد يكون سلبيا بالمقاطعة وقد يكون إيجابيا باستغلاله في المشاركة بقوة من أجل التغيير"، مضيفا: "على الأحزاب السياسية أن تكون في مستوى التحدي الحالي وأن تواكب هذا التغيير الحاصل في المجتمع"، مستدركا: "لا أتوقع أن تكون الأحزاب في مستوى تعبئة الشعب لأنها فقدت مكانها لأنها لم تتفاعل مع مشاكل المواطن".
وفي نقطة أخرى، قال العيفة: "مدة 4 أشهر قبل الانتخابات ليست كافية وليست كذلك قصيرة، فهناك فرض سياسي يتطلب المشاركة في الانتخابات، وهناك فرض اجتماعي يتطلب معالجة الجبهة الاجتماعية واستمالتها". وذكر أن "القضية ليست متعلقة بالاهتمام بالشأن السياسي لدى المواطن، بل بكيفية تعامل الأحزاب والحكومة مع هذا الوضع". وأضاف: "المقاطعة والعزوف الانتخابي ليسا في صالح الأحزاب وكذلك في صالح السلطة، لأنه يرهن شرعية المؤسسات". وعن التحديات أمام الأحزاب، قال العيفة: "الجبهة الاجتماعية هي تحد ضاغط ومن الصعب استمالة الناخب بسهولة"، مسترسلا: "هناك العامل الاقتصادي والعامل الأمني والإقليمي قد يكون لها تأثير في التعبئة الشعبية، لكن لا يجب إهمال الأدوات الأخرى على غرار الخطاب السياسي والنشاطات الحزبية". وعن توقعات تأثيرات مشاكل الجبهة الاجتماعية، قال العيفة: "لا أظن أن المشاركة الشعبية في الانتخابات ستزيد عن سابقتها"، وأتوقع "عزوفا كبيرا وتوسع الاستقالة السياسية لدى المواطن".
• خبابة: العمل السياسي داخل الأحزاب باهت وبارد قبل 4 أشهر عن التشريعيات
من جهته، قال المحلل السياسي، عمار خبابة، أن "كل الأحزاب دون استثناء خاصة تلك المعنية بجمع التوقيعات تشهد حاليا تململا وحركية باهتة وباردة"، وأضاف: "كيف لهذه الأحزاب أن تؤثر في المواطن وتدفعه للمشاركة الشعبية في الانتخابات"، معتبرا أن "الانتخابات منذ سنوات وهي في تراجع ملفت دون أن تجد الطبقة السياسية والحكومة مخرجا لتفاقم الهوة بين المواطن والمؤسسات"، وأضاف: "أتوقع أن تكون تشريعيات 2017 كارثية على الأحزاب والسلطة، وتنتج عنها مؤسسات غير شرعية مثلما حدث سابقا". ورجح خبابة أن "الانتخابات ليست من اهتمامات المواطن، وعليه فهي من اهتمامات قيادات الأحزاب وعائلاتهم". مضيفا: "هذا الوضع يساعد السلطة وأحزاب الموالاة التي تضمن الكوطة، وهو في صالح الطبخة التي تبطخ لإخراج التشريعيات في حلة مثلما حدث سابقا مع الاستحقاقات الفارطة".
وعن قدرة الأحزاب على تعبئة المواطن، قال خبابة: "تتحدث عن تعبئة حول ماذا، المواطن لا يستجيب ويائس منذ مدة، وحتى نشاطات الأحزاب محدودة ومقتصرة على المناضلين فقط"، مضيفا: "المواطن حين ينظر إلى الأحزاب والبرلمان ماذا يجد، هل يجد نقاشا مثمرا ونتائج واقعية لمشاركته الانتخابية، هو لا يجد سوى فساد مستمر". واعتبر المتحدث أن "حراك الأحزاب في تحالفات وإعفاء أحزاب الأفلان والأرندي من جمع التوقيعات، جعل من الأحزاب الفتية تفقد الأمل في المشاركة، فما بالك بتحقيق نتائج". وختم خبابة: "الانتخابات المقبلة ستنتج نفس السياسات والأشخاص والأحزاب، لذلك فالمشكلة ليست متعلقة بالمشاركة الشعبية والعزوف الانتخابي".
• طلائع الحريات: لا يمكننا تعبئة الشعب للمشاركة في الانتخابات بالآمال الكاذبة
رجع الناطق الرسمي لحزب طلائع الحريات، أحمد عظيمي، أن حزبه "حتى وإن قرر المشاركة في التشريعيات المقبلة (القرار مرتقب في 7 جانفي المقبل) فإنه لا يستطيع تعبئة مليون ونصف مليون ناخب للفوز بها"، وأضاف: "نحن لا يمكننا تعبئة الشعب للمشاركة في الانتخابية بالكذب والآمال الزائفة. ومن جهة أخرى لا نسود الوضع، لكن الواقع يؤكد أنه يصعب إقناع المواطن"، مضيفا: "المواطن حاليا ليس مواطن السبعينات مثلما تعامله السلطة، بل هو متفتح على الشعوب والثقافات ولديه كل الوسائل لمعرفة الحقيقة والواقع، لذلك لا أتوقع أن يستطيع أي حزب تعبئة الشارع للمشاركة". واعتبر عظيمي أن "التجمعات التي عقدها حزب طلائع الحريات في تيزي وزو وتڤرت في الأيام القليلة الماضية عرفت اهتماما شعبيا وهي مهمة جدا لربط الاتصال مع الشعب وإطلاعه على الحقائق".
واعتبر عظيمي أن "الرأي العام الجزائري لا يمكن أن يستجيب لتعبئة الأحزاب أو السلطة لسببين، هو أنه فقد الثقة في السياسة والسياسيين، وكذا فقد الثقة في العملية الانتخابية، فكيف له أن يستجيب". وأضاف: "في كل مرة يقال للمواطن هذه الانتخابات مفصلية وستعرف تحسنا في أوضاعه الاجتماعية والحريات، لكنه يشهد بعدها وضعا أسوأ من سابقه". وذكر المتحدث أن "العزوف الانتخابي في التشريعيات المقبلة سيعرف مقاطعة تاريخية بنسبة تفوق 85 في المائة".
يونس بن شلابي