الوطن

مراقبين: الشعب ليس في حاجة لـ"صدقات" الوزراء والنواب

الخزينة تنفق مليار سنتيم يوميا على تحركات كل وزير خارج الامتيازات

 

  • غشير: مبادرة الوزراء هدفها الرئيسي حملة انتخابية مسبقة
  • مجموع تبرعات الوزراء من رواتبهم تبلغ 128 مليون شهريا
 
أجمع الحقوقي غشير والمحلل السياسي غرمول والمحلل الاقتصادي قلالة على أن "مسألة تبرع الوزراء بنسبة 10 في المائة من أجورهم للخزينة" هو "إجراء شكلي ونوع من الصدقة التي لا تحتاجها البلاد"، وطالبوا بضرورة الكشف عن امتيازات الوزراء والشفافية في التسيير وعدم تغليط الرأي العام بإجراءات "للاستهلاك الإعلامي والسياسي" أكثر مما "تعالج أزمة الاقتصاد الوطني". وبدوره شدد الحقوقي والمحلل السياسي بوجمعة غشير على "ضرورة تخفيف أعباء الخزينة العمومية في تغطية امتيازات الوزراء والنواب والإطارات السامية للدولة، ومعالجة المعضلات المنجرة عن سنوات من إهدار المال العام"، على غرار البطالة والسكن والفساد الإداري والسياسي والمالي.
وصبت مجمل تصريحات المحللين في "الجانب الثانوي" لمسألة تنازل الوزراء عن نسبة 10 في المائة من رواتبهم كإجراء "تضامني"، في ظل التقشف المعلن عنه في قانون المالية لسنوات 2015 و2016 و2017، وما تبعه من إجراء آخر بتنازل النواب عن نصف منحة نهاية العهدة.
 
غشير: تضامن الوزراء "حملة انتخابية" أكثر منه "فعلا جيدا" 
اعتبر الحقوقي بوجمعة غشير مسألة تنازل وزراء الحكومة عن نسبة 10 في المائة من رواتبهم في حد ذاته "فعلا تضامنيا جيدا"، لأن الحكومة حين تشعر بخطورة الأزمة فالمبدأ العام في التضامن "جيد"، ومن جهة ثانية، قال إنه "حملة انتخابية مسبقة أكثر منه فعلا تضامنيا إذا ما تمّ مقارنته بالامتيازات التي يحصل عليها وزير في الحكومة"، مستدركا "ومقارنة مع ما يجب فعله، فإن ما قامت به الحكومة غير كاف لإنقاذ الاقتصاد الوطني والأزمة التي يعيشها، فنسبة 10 في المائة لا تمثل شيئا مع الزيادات في الأسعار والضرائب التي تثقل كاهل المواطن". وأضاف غشير: "يجب على الوزراء أن يشعروا أكثر بخطورة الأزمة ولا يكتفوا بمثل هذه الإجراءات التي لا تغطي جزءا من الأعباء". واعتبر الحقوقي أن حجم الامتيازات التي يستفيد منها وزير في الحكومة تفوق راتبه بكثير: "راتب وزير في حدود 40 مليون سنتيم، في حين امتيازاته تفوق 60 مليون سنتيم، فأين 10 في المائة مقارنة بما تنفقه الدولة على أعضاء الحكومة".
ومن جهة ثانية، قال غشير: "الشفافية تقتضي إطلاع الرأي العام بحقيقة نفقات الدولة على الوزراء والإطارات السامية، فمنصب وزير مكلف جدا في الجزائر ويتجاوز مليار سنتيم يوميا". وأضاف: "الحكومة فشلت في تسيير البلاد من قبل وهذه الأزمة ليست وليدة اليوم، فرغم الأموال التي كانت في الخزينة فالحكومة عجزت عن خلق ديناميكية اقتصادية واجتماعية، واكتفت فقط بالإنفاق دون مقابل". واعتبر غشير أن "كل المشاكل حاليا مطروحة بما فيها أزمة السكن والبطالة والأمن الغذائي والاجتماعي".
 
قلالة: الجزائر لا تحتاج "صدقات" بل إصلاحا حقيقيا للاقتصاد والسياسة
من جهته، قال المحلل السياسي والاقتصادي، سليم قلالة، أن مسألة تنازل الوزراء عن نسبة 10 في المائة من رواتبهم "مسألة شكلية ولا تأثير لها إطلاقا في الإصلاح السياسي والاقتصادي لأزمة البلاد". وذكر قلالة أن ما فعله الوزراء هو "نوع من الصدقة على الجزائر، والجزائر لا تحتاج صدقات وهبات وعطايا من المسؤولين"، مضيفا: "هذه لا تحل المشكلة بل يجب عليهم وقف التبذير وكل الأخطاء السابقة في التسيير والتخطيط". وجدد قلالة: "ماذا تمثل 10 في المائة في الاقتصاد الوطني، هي مجرد فواصل لا تحتسب في الميزانية والدخل الخام"، مضيفا: "المشكل أعمق من ذلك فهو يحتاج إصلاحا اقتصاديا وسياسيا ومحاربة الفساد وترسيخ حكم راشد".
وفي سياق متصل، قال قلالة "هناك حاليا مسؤولون وأناس مستعدون لدفع الملايير لتقلد منصب وزير أو نائب برلماني، لأنهم سيجنون من نشاطهم الفاسد أكثر من أجر المنصب"، وأضاف: "الأجور لا تصلح أي قطاع حتى لو تبرعوا بكل رواتبهم، لأن الأهم هو محاربة التهرب الضريبي والرشوة والفساد وتبذير الثروة"، معتبرا أن "التنازل عن 10 في المائة هو إجراء إضافي يكون فقط في الدول التي تنتهج سياسة شفافة مع المجتمع ولا تعاني أزمة تسيير".
 
غرمول: تخفيض أجور الوزراء مقارنة بامتيازاتهم مغالطة للرأي العام
أما المحلل السياسي عبد العزيز غرمول فاعتبر أن فعل الوزراء هو "تغليط للرأي العام، لأنه من المفروض استقالة الحكومة الفاشلة وليس تبني إجراء مغالط". وقال غرمول: "هذه حكومة فاشلة لا تعرف معالجة أزمة الاقتصاد، فيجب الإتيان بحكومة تعرف ما هو الاقتصاد وليس لمغالطة الرأي العام". وأضاف: "نسبة 10 في المائة لا تمثل شيئا مقارنة بالامتيازات التي يحصل عليها وزراء الحكومة، فهي لا تصل حتى لنفقات وزير يوميا". وشدد غرمول انتقاده للحكومة بقوله: "حجم الأضرار الذي ألحقته الحكومة بالاقتصاد الوطني يفوق بكثير كل أجور وزرائها لسنوات وليس فقط 10 في المائة".
ومن جانب آخر، قال غرمول: "الجزائر على أبواب الإفلاس والشعب وحده يدفع الثمن، ومن المفروض على الحكومة أن تستقيل ولا تؤزم الوضع أكثر". وأضاف: "هناك تواطؤ بين الحكومة ورجال الأعمال ضد الشعب والعمال، فهؤلاء يزدادون ثراء والعمال يزدادون فقرا، هضما لحقوقهم"، واعتبر غرمول أن "ما تفعله الحكومة مع الباترونا هو جزء من الفساد العام، وهذا التضليل الإعلامي للرأي العام أحد مظاهره".
للإشارة، تشير أرقام غير رسمية إلى أن متوسط راتب وزير في الحكومة يبلغ 40 مليون سنتيم، أي أن نسبة 10 في المائة تمثل فقط 4 ملايين سنتيم، وباحتساب عدد وزراء الحكومة (32 وزير حاليا) فإن حجم المبلغ المتنازل عنه شهريا من طاقم الحكومة يبلغ 128 مليون سنتيم فقط !!.
يونس بن شلابي

من نفس القسم الوطن